الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
258 [ 172 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا إبراهيم بن محمد، حدثني سعد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في الصلاة: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. .

التالي السابق


الشرح

سعد: هو ابن إسحاق بن كعب بن عجرة الأنصاري السالمي المديني.

روى عن: أبيه، وابن أبي ليلى.

وسمع منه: مالك، وشعبة. وغيرهما [ ص: 370 ]

وعبد الرحمن: هو ابن أبي ليلى يسار الأنصاري.

سمع: عثمان، وعليا، وحذيفة، وأبا أيوب، وكعب بن عجرة، وأبا الدرداء، وأم هانئ.

وسمع منه: الشعبي، ومجاهد، وابن سيرين، وعمرو بن مرة، وعبد الملك بن ميسرة.

مات سنة ثلاث وثمانين.

وكعب بن عجرة بن أمية بن عدي، أبو محمد الأنصاري السالمي من بني سالم بن عوف أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

روى عنه: أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وغيره.

ومقصود الحديث صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رواية جماعة من الصحابة، منهم: أبو حميد الساعدي، وأبو مسعود الأنصاري، وحديث كعب بن عجرة متفق عليه أخرجه الشيخان من طرق عن ابن أبي ليلى واللفظ: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

وقوله في الحديث الأول: كيف نصلي عليك - يعني - في [ ص: 371 ] الصلاة؟ يشعر بأنهم كانوا قد عرفوا أنه ينبغي أن يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان السؤال عن كيفية تلك الصلاة واللفظة التي تختار لها، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة في التشهد الواجب عند الشافعي، واحتج له بظاهر قوله: يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وظاهر الأمر الوجوب ولا تجب الصلاة عليه في غير الصلاة، ويروى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يقبل الله صلاة إلا بطهور والصلاة علي.

وقوله: ثم تسلمون علي يحتمل أن يكون معناه: ثم تسلمون علي حيث تسلمون كما عرفتموه، كما روى أبو مسعود الأنصاري أنه قيل له: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟

قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد... إلى آخره ثم قال: والسلام كما قد علمتم.


وقوله في الحديث الثاني: أنه كان يقول في الصلاة: اللهم صل على محمد وآل محمد يدل على أنه كان يراعي لفظ الصلاة كما يأتي به غيره، وأنه كان لا يقول: اللهم صل علي وعلى آلي، ونقل بعضهم أنه كان يقول في التشهد: وأشهد أني رسول الله، والله أعلم.

وآل النبي - صلى الله عليه وسلم - هم الذين حرمت عليهم الصدقة وهم بنو هاشم وبنو المطلب، وقيل: آله أمته، ويوافقه قول من يقول: إذا كان الرجل من الأوساط فآله أهله، ويجوز أن يقال: آله: أزواجه وذريته؛ لما روي في خبر أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ [ ص: 372 ] فقال - صلى الله عليه وسلم -: قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد فأقام الأزواج والذرية مقام الآل في سائر الروايات، وأيضا فإنهما مقابلان بآل إبراهيم فأشبه أن يكون الآل في معناهما.

وذكر الإمام الحليمي في المنهاج أن الصلاة التعظيم وصلاتنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاء له بذلك، فإذا قلنا: اللهم صل على محمد فإنا نريد: اللهم عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإدامة شريعته، وفي الأخرى بتشفيعه في أمته وإجزال أجره، وهذه الأمور وإن كان الله قد وعده بها فلكل واحد منها درجات ومراتب، فإذا صلى عليه واحد من أمته واستجيب دعاؤه زيد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيهما، قال: وقولنا: وبارك على محمد أي: أدم ذكره وشريعته وكثر أتباعه وأشياعه، وأصل البركة الدوام من قولهم: برك البعير إذا أنيخ في موضع يلزمه وقد يراد بها النماء والزيادة؛ لأن بركة النبي توجب نماء (...)، وذكر أنه لو قال حين يقول في التشهد: سلام عليك أيها النبي الصلاة والسلام عليك أيها النبي أغناه ذلك عن تجديد الصلاة بعد التشهد، وأنه لو أخر السلام عليه إلى الصلاة عليه فقال: اللهم صل وسلم على محمد أغناه ذلك عن السلام في التشهد، وهذا يتعلق بأصلين:

أحدهما: اعتبار المعنى في التشهد.

والثاني: أنه لا يشترط الترتيب في جمل التشهد




الخدمات العلمية