الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ومن سيرته :

                                                                                      قال عبد الملك الميموني : ما رأيت عمامة أبي عبد الله قط إلا تحت ذقنه ، ورأيته يكره غير ذلك .

                                                                                      أبو مسلم محمد بن إسماعيل : حدثنا صالح بن أحمد قال : مضيت مع أبي يوم جمعة إلى الجامع ، فوافقنا الناس قد انصرفوا . فدخل إلى المسجد ، وكان معنا إبراهيم بن هانئ ، فتقدم أبي فصلى بنا الظهر أربعا .

                                                                                      وقال : قد فعله ابن مسعود بعلقمة ، والأسود . وكان أبي إذا دخل مقبرة ، خلع نعليه ، وأمسكهما بيده .

                                                                                      قال يحيى بن منده في " مناقب أحمد " : أخبرنا البيهقي ، أخبرنا الحاكم ، سمعت يحيى بن منصور ، سمعت خالي عبد الله بن علي بن الجارود ، سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول : كنت عند أحمد بن حنبل ، فدخل محمد بن يحيى ، فقام إليه أحمد ، وتعجب منه الناس ، ثم قال لبنيه وأصحابه : اذهبوا إلى أبي عبد الله ، فاكتبوا عنه .

                                                                                      إبراهيم بن محمد بن سفيان : سمعت عاصم بن عصام البيهقي يقول : بت ليلة عند أحمد بن حنبل ، فجاء بماء فوضعه ، فلما أصبح نظر إلى الماء بحاله ، فقال : سبحان الله ! رجل يطلب العلم لا يكون له ورد بالليل . [ ص: 299 ]

                                                                                      قال محمد بن إسماعيل الترمذي : كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أحمد بن حنبل ، فقال له أحمد : يا أبا عبد الله ، ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث ، فقال : أصحاب الحديث قوم سوء ، فقام أبو عبد الله ينفض ثوبه ، ويقول : زنديق زنديق ، ودخل البيت .

                                                                                      الطبراني : أنشدنا محمد بن موسى بن حماد لمحمد بن عبد الله بن طاهر :

                                                                                      أضحى ابن حنبل محنة مرضية وبحب أحمد يعرف المتنسك     وإذا رأيت لأحمد متنقصا
                                                                                      فاعلم بأن ستوره ستهتك



                                                                                      قال عثمان بن سعيد الدارمي : رأيت أحمد بن حنبل يذهب إلى كراهية الاكتناء بأبي القاسم . [ ص: 300 ] أحمد بن مروان الدينوري : حدثنا إدريس الحداد قال : كان أحمد بن حنبل إذا ضاق به الأمر آجر نفسه من الحاكة ، فسوى لهم ، فلما كان أيام المحنة ، وصرف إلى بيته ، حمل إليه مال ، فرده وهو محتاج إلى رغيف ، فجعل عمه إسحاق يحسب ما يرد ، فإذا هو نحو خمسمائة ألف . قال : فقال : يا عم ، لو طلبناه لم يأتنا ، وإنما أتانا لما تركناه .

                                                                                      البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا الزبير بن عبد الواحد الحافظ ، حدثنا إبراهيم بن عبد الواحد البلدي ، سمعت جعفر بن محمد الطيالسي يقول : صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة ، فقام قاص ، فقال : حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال : لا إله إلا الله ، خلق الله من كل كلمة طيرا ، منقاره من ذهب ، وريشه من مرجان وأخذ في قصة نحوا من عشرين ورقة ، وجعل أحمد ينظر إلى يحيى ، ويحيى ينظر إلى أحمد ، فقال : أنت ، حدثته بهذا ؟ فيقول : والله ما سمعت به إلا الساعة . فسكتا حتى فرغ ، وأخذ قطاعه ، فقال له يحيى بيده : أن تعال . فجاء متوهما لنوال . فقال : من حدثك بهذا ؟ فقال : أحمد وابن معين . فقال : أنا يحيى ، وهذا أحمد ، ما [ ص: 301 ]

                                                                                      سمعنا بهذا قط . فإن كان ولا بد والكذب ، فعلى غيرنا . فقال : أنت يحيى بن معين ؟ قال : نعم . قال : لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ، ما علمت إلا الساعة . كأن ليس في الدنيا يحيى بن معين ، وأحمدبن حنبل غيركما ! ! كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين غيركما . فوضع أحمد كمه على وجهه ، وقال : دعه يقوم ، فقام كالمستهزئ بهما .

                                                                                      هذه الحكاية اشتهرت على ألسنة الجماعة ، وهي باطلة . أظن البلدي وضعها ، ويعرف بالمعصوب . رواها عنه أيضا أبو حاتم بن حبان فارتفعت عنه الجهالة .

                                                                                      ذكر المروذي عن أحمد ، أنه بقي بسامراء ثمانية أيام ، لم يشرب إلا أقل من ربع سويق .

                                                                                      أحمد بن بندار الشعار : حدثنا أبو يحيى بن الرازي ، سمعت علي بن سعيد الرازي ، قال : صرنا مع أحمد بن حنبل إلى باب المتوكل ، فلما أدخلوه من باب الخاصة ، قال : انصرفوا ، عافاكم الله . فما مرض منا أحد بعد ذلك اليوم .

                                                                                      الكديمي : حدثنا علي بن المديني ، قال لي أحمد بن حنبل : إني لأشتهي أن أصحبك إلى مكة . وما يمنعني إلا خوف أن أملك أو تملني . فلما ودعته ، قلت : أوصني ، قال : اجعل التقوى زادك ، وانصب الآخرة أمامك .

                                                                                      قال أبو حاتم : أول ما لقيت أحمد سنة ثلاث عشرة ومائتين ، فإذا قد أخرج معه إلى الصلاة " كتاب الأشربة " و " كتاب الإيمان " فصلى ، و لم [ ص: 302 ] يسأله أحد ، فرده إلى بيته . وأتيته يوما آخر ، فإذا قد أخرج الكتابين ، فظننت أنه يحتسب في إخراج ذلك; لأن كتاب الإيمان أصل الدين ، وكتاب الأشربة صرف الناس عن الشر; فإن كل الشر من السكر .

                                                                                      وقال صالح : أهدى إلى أبي رجل ولد له مولود خوان فالوذج ، فكافأه بسكر بدراهم صالحة .

                                                                                      وقال ابن وارة : أتيت أحمد ، فأخرج إلي قدحا فيه سويق ، وقال : اشربه .

                                                                                      أنبئونا عن محمد بن إسماعيل ، عن يحيى بن منده الحافظ أخبرنا أبو الوليد الدربندي سنة أربعين وأربعمائة ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الأسود بدمشق ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر النهاوندي ، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوران لفظا ، حدثنا أحمد بن جعفر الإصطخري قال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : هذا مذاهب أهل العلم والأثر ، فمن خالف شيئا من ذلك أو عاب قائلها ، فهو مبتدع . وكان قولهم : إن الإيمان قول وعمل ونية ، وتمسك بالسنة ، والإيمان يزيد وينقص ، ومن زعم أن الإيمان قول ، والأعمال شرائع ، فهو جهمي ، ومن لم ير الاستثناء في الإيمان ، فهو مرجئ ، والزنا والسرقة وقتل النفس ، والشرك كلها بقضاء وقدر من غير أن يكون لأحد على الله حجة . إلى أن قال : والجنة والنار خلقتا ، ثم خلق الخلق لهما لا تفنيان ، ولا يفنى ما فيهما أبدا . إلى أن قال : والله تعالى على العرش ، والكرسي موضع قدميه . إلى [ ص: 303 ] أن قال : وللعرش حملة . ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة ، والقرآن كلام الله ، فهو جهمي . ومن لم يكفره ، فهو مثله . وكلم الله موسى تكليما من فيه . إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر ، والأشياء التي - والله - ما قالها الإمام . فقاتل الله واضعها . ومن أسمج ما فيها قوله : ومن زعم أنه لا يرى التقليد ، ولا يقلد دينه أحدا ، فهذا قول فاسق عدو لله . فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون هذه الخرافة ، ويسكتون عنها .

                                                                                      الدارقطني : حدثنا جعفر الخلدي أخبرنا العباس بن يوسف ، حدثني عمي محمد بن إسماعيل بن العلاء ، حدثني أبي ، قال : دعاني رزق الله بن الكلوذاني ، فقدم إلينا طعاما كثيرا ، وفينا أحمد ، وابن معين ، وأبو خيثمة ، فقدمت لوزينج أنفق عليها ثمانين درهما . فقال أبو خيثمة : هذا إسراف . فقال أحمد بن حنبل : لو أن الدنيا في مقدار لقمة ، ثم أخذها مسلم ، فوضعها في فم أخيه لما كان مسرفا . فقال له يحيى : صدقت . وهذه حكاية منكرة .

                                                                                      قال حنبل بن إسحاق : سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى عن النبي : إن الله ينزل إلى سماء الدنيا فقال : نؤمن بها ، ونصدق [ ص: 304 ] بها ، ولا نرد شيئا منها ، إذا كانت أسانيد صحاحا ، ولا نرد على رسول الله قوله ، ونعلم أن ما جاء به حق .

                                                                                      الخلال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : رأيت كثيرا من العلماء والفقهاء والمحدثين ، وبني هاشم وقريش والأنصار ، يقبلون أبي ، بعضهم يده ، وبعضهم رأسه ، ويعظمونه تعظيما لم أرهم يفعلون ذلك بأحد من الفقهاء غيره . ولم أره يشتهي ذلك . ورأيت الهيثم بن خارجة ، والقواريري ، وأبا معمر ، وعلي بن المديني ، وبشارا الخفاف ، وعبد الله بن عون الخراز وابن أبي الشوارب ، وإبراهيم الهروي ، ومحمد بن بكار ، و يحيى بن أيوب ، وسريج بن يونس ، وأبا خيثمة ، ويحيى بن معين ، وابن أبي شيبة ، وعبد الأعلى النرسي ، وخلف بن هشام ، وجماعة لا أحصيهم ، يعظمونه ويوقرونه .

                                                                                      الخلال : أخبرنا المروذي ، سمعت عبد الوهاب الوراق ، يقول : أبو عبد الله إمامنا ، وهو من الراسخين في العلم ، إذا وقفت غدا بين يدي الله ، فسألني بمن اقتديت ، أي شيء أقول ؟ وأي شيء ذهب على أبي عبد الله من أمر الإسلام ؟ !

                                                                                      وعن أبي جعفر محمد بن عبد الرحمن الصيرفي ، قال : نظرت فرأيت أن أحمد أفضل من سفيان ، ثم قال : أحمد لم يخلف شيئا ، وكان يقدم عثمان ، وكان لا يشرب . [ ص: 305 ]

                                                                                      قال صالح بن علي الحلبي : سمعت أبا همام يقول : ما رأى أحمد مثل نفسه .

                                                                                      قال الخلال : بلينا بقوم جهال ، يظنون أنهم علماء . فإذا ذكرنا فضائل أبي عبد الله ، يخرجهم الحسد ، إلى أن قال بعضهم فيما أخبرني ثقة عنه : أحمد بن حنبل نبيهم .

                                                                                      قال الخلال : حدثنا سليمان بن الأشعث ، قال : رأيت في المنام سنة ثمان وعشرين ومائتين ، كأني في مسجد الجامع ، فأقبل رجل شبه الخصي من ناحية المقصورة ، وهو يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اقتدوا باللذين من بعدي ، أحمد بن حنبل وفلان .

                                                                                      قال أبو داود : لا أحفظ اسمه ، فجعلت أقول في نفسي : هذا حديث غريب . ففسرته على رجل ، فقال : الخصي في المنام ملك .

                                                                                      قال الخلال : أخبرنا المروذي ، سمعت أبا عبد الله ، يقول : الخوف منعني أكل الطعام والشراب ، فما اشتهيته ، وما أبالي أن لا يراني أحد ولا أراه ، وإني لأشتهي أن أرى عبد الوهاب . قل لعبد الوهاب : أخمل ذكرك ; فإني قد بليت بالشهرة .

                                                                                      الخلال : أخبرنا أحمد بن محمد بن يزيد الوراق ، سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمي فسقط . [ ص: 306 ]

                                                                                      قال إسحاق بن هانئ : مات أبو عبد الله ، وما خلف إلا ست قطع في خرقة قدر دانقين .

                                                                                      قال المروذي : قال أحمد : كنت أبكر في الحديث لم يكن لي فيه تلك النية في بعض ما كنت فيه .

                                                                                      وقال عبد الله : سمعت أبي يقول : ربما أردت البكور في الحديث ، فتأخذ أمي بثوبي ، وتقول : حتى يؤذن المؤذن . وكنت ربما بكرت إلى مجلس أبي بكر بن عياش .

                                                                                      وقال عباس الدوري : سمعت أحمد يقول : أول ما طلبت اختلفت إلى أبي يوسف القاضي .

                                                                                      قال عبد الله : كتب أبي عن أبي يوسف ومحمد الكتب ، وكان يحفظها ، فقال لي مهنى : كنت أسأله فيقول : ليس ذا في كتبهم ، فأرجع إليهم ، فيقولون : صاحبك أعلم منا بالكتب .

                                                                                      المروذي : سمعت أبا عبد الله ، يقول : ما خرجت إلى الشام إلا بعدما ولد لي صالح ، أظن كان ابن ست سنين حين خرجت . قلت : ما أظن خرجت بعدها ؟ قال : لا . قلت : فكم أقمت باليمن ؟ قال : ذهابي ومجيئي عشرة أشهر خرجنا من مكة في صفر ، ووافينا الموسم ، قلت : كتبت عن هشام بن يوسف ؟ قال : لا . مات قبلنا .

                                                                                      عبد الله بن أحمد : حدثني أبي ، حدثنا يزيد بن مسلم الهمداني ، أنه ابن خمس وثلاثين ومائة سنة : قدم محمد بن يوسف أخو الحجاج ، وأنا ابن خمس سنين في سنة ثلاث وسبعين .

                                                                                      قال المروذي : قال أبو عبد الله : فأتينا شيخنا خارجا من صنعاء ، كان [ ص: 307 ] عنده . عن وهب بن منبه ، كان يقال : له أربعون ومائة سنة .

                                                                                      قال عبد الله : سمعت أبي يقول : رأيت موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن ، وكان رجلا صالحا .

                                                                                      وسمعت أبي يقول : حدثنا يوسف بن يعقوب بن الماجشون ، وما لقيت في المحدثين أسن منه .

                                                                                      وعن أبي عبد الله ، قال : أتيت يوسف بن الماجشون ، وكان عنده قريب من مائتي حديث ، ولم أر معنا القزاز .

                                                                                      المروذي : سمعت أبا عبد الله ، يقول : ما كتبت عن أحد أكثر من وكيع ، وسمعت من عبد السلام بن حرب ثلاثين حديثا .

                                                                                      قال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن أبي صيفي يحدث عن مجاهد ، قال : قد كتبنا عنه ، عن مجاهد ، وعن المقبري ، وعن الحكم : ليس بشيء . ولم أسمع من عيسى بن يونس ، ورأيت سليمان المقرئ بالكوفة ، وغلام يقرأ عليه بالتحقيق والهمز .

                                                                                      وعن أبي عبد الله قال : كان إسماعيل بن مجالد هنا أدركته ، ولم أسمع منه ، ورأيت الأشجعي . [ ص: 308 ] وأتيت خلف بن خليفة ، فتكلم فلم أفهم عنه . كان يرعد من الكبر .

                                                                                      وكتبت عن أبي نعيم في سنة خمس وثمانين .

                                                                                      وكتبت عن ابن مهدي نحو عشرة آلاف .

                                                                                      وكتبنا حديث غندر على الوجه ، وأعطانا الكتب ، فكنا ننسخ منها .

                                                                                      قال عبد الله : سمعت أبي ، يقول : سمعت من عباد بن عباد سنة ثمانين ومائة ، ومن الطفاوي سنة إحدى .

                                                                                      وعن أحمد ، قال : كتبت عن مبشر الحلبي خمسة أحاديث بمسجد حلب ، كنا خرجنا إلى طرسوس على أرجلنا .

                                                                                      وقال : قد أكثرت عن عمر بن هارون ، ولا أروي عنه شيئا .

                                                                                      عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي : سمعت إسحاق بن راهويه يذكر عن عيسى بن يونس .

                                                                                      الخلال : أخبرنا عصمة ، حدثنا حنبل ، سمعت أحمد ، يقول : سمعت من إبراهيم بن سعد سنة ثنتين وثمانين .

                                                                                      وقال عبد الله بن أحمد : قال أبي : شهدت إبراهيم بن سعد وجاءه رجل من مدينة أبي جعفر ، فقال : يا أبا إسحاق حدثني . فقال : كيف أحدثك وهذا هاهنا ؟ - يعنيني - فاستحييت فقمت .

                                                                                      وسمعت أبي ، يقول : حدثتنا أم عمر ابنة حسان ، عن أبيها ، قال : دخلت المسجد ، فإذا علي بن أبي طالب على المنبر ، وهو يقول : إنما مثلي [ ص: 309 ] ومثل عثمان كما قال الله : ونزعنا ما في صدورهم من غل .

                                                                                      الخلال : أخبرنا أبو بكر بن صدقة ، سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي ، قال : أتيت أحمد بن حنبل أنا وعبد الله بن سعيد الجمال ، وذاك في آخر سنة مائتين . فقال أبو عبد الله للجمال : يا أبا محمد ، إن أقواما يسألوني أن أحدث ، فهل ترى ذاك ؟ فسكت . فقلت : أنا أجيبك . قال : تكلم . قلت : أرى لك إن كنت تشتهي أن تحدث ، فلا تحدث ، وإن كنت تشتهي أن لا تحدث فحدث . فكأنه استحسنه .

                                                                                      عبد الله بن أحمد : سمعت نوح بن حبيب القومسي ، يقول : رأيت أحمد بن حنبل في مسجد الخيف سنة ثمان وتسعين ، وابن عيينة حي ، وهو يفتي فتوى واسعة ، فسلمت عليه .

                                                                                      قال عبد الله : سمعت أبي سنة ( 237 ) يقول : قد استخرت الله أن لا أحدث حديثا على تمامه أبدا . ثم قال : إن الله يقول : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود وإني أعاهد الله أن لا أحدث بحديث على تمامه أبدا . ثم قال : ولا لك ، وإن كنت تشتهي . فقلت له بعد ذلك بأشهر : أليس يروى عن شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، قال : " العهد يمين " ؟ قال : نعم . ثم سكت ، فظننت ، [ ص: 310 ] أنه سيكفر . فلما كان بعد أيام قلت له في ذلك ، فلم ينشط للكفارة ، ثم لم أسمعه يحدث بحديث على تمامه .

                                                                                      قال المروذي : سمعت أبا عبد الله في العسكر ، يقول لولده : قال الله تعالى : أوفوا بالعقود أتدرون ما العقود ؟ إنما هو العهود ، وإني أعاهد الله - جل وعز - ثم قال : والله ، والله ، والله ، وعلي عهد الله وميثاقه أن لا حدثت بحديث لقريب ولا لبعيد حديثا تاما ، حتى ألقى الله ، ثم التفت إلى ولده ، وقال : وإن كان هذا يشتهي منه ما يشتهي ، ثم بلغه عن رجل من الدولة وهو ابن أكثم ، أنه قال : قد أردت أن يأمره الخليفة أن يكفر عن يمينه ، ويحدث . فسمعت أبا عبد الله يقول لرجل من قبل صاحب الكلام : لو ضربت ظهري بالسياط ، ما حدثت .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية