الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      قال عبد المؤمن النسفي : سألت صالح بن محمد جزرة عن سفيان ومالك ، فقال : سفيان ليس يتقدمه عندي أحد ، وهو أحفظ وأكثر حديثا ، ولكن كان مالك ينتقي الرجال ، وسفيان أحفظ من شعبة ، وأكثر حديثا ، يبلغ حديثه ثلاثين ألفا ، وشعبة نحو عشرة آلاف .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن هبة الله ، عن عبد المعز بن محمد ، أنبأنا زاهر بن طاهر ، أنبانا أبو سعد الكنجروذي ، أنبأنا أبو سعيد عبد الله بن محمد ، أنبأنا محمد بن أيوب ، أنبأنا محمد بن كثير ، أنبأنا سفيان الثوري ، حدثني المغيرة بن النعمان ، حدثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنكم محشورون حفاة عراة غرلا . ثم قرأ : كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ألا وإن أول من يكسى إبراهيم - عليه السلام - ، يوم القيامة ، ألا وإن ناسا من أصحابي ، يؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : أصحابي ، أصحابي ، فيقال : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح عيسى : وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم إلى قوله العزيز الحكيم " أخرجه البخاري عن ابن كثير . [ ص: 272 ]

                                                                                      قرأت على أحمد بن هبة الله في سنة ثلاث وتسعين ، عن عبد المعز بن محمد ، أنبأنا زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو يعلى الصابوني ، أنبأنا أبو سعيد عبد الله بن محمد الرازي ، حدثنا محمد بن أيوب ، أنبأنا محمد بن كثير ، حدثنا سفيان ، عن أسلم المنقري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه قال : قال أبي بن كعب : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أمرت أن أقرئك سورة " . قال : قلت : يا رسول الله ! وسميت لك ؟ قال : " نعم " . قلت لأبي : فرحت بذلك ؟ قال : وما يمنعني . وهو يقول : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا .

                                                                                      قال ابن مهدي : كان لسفيان درس من الحديث ، يعني يدرس حديثه .

                                                                                      وقال علي بن ثابت الجزري : سمعت سفيان يقول : طلبت العلم ، فلم يكن لي نية ، ثم رزقني الله النية .

                                                                                      وعن يحيى بن يمان ، عن سفيان قال : إني لأمر بالحائك ، فأسد أذني مخافة أن أحفظ ما يقول . قال القطان وعبد الرحمن : ما رأينا أحفظ من سفيان .

                                                                                      قال أبو عبيدة بن أبي السفر : حدثنا عبد الله بن محمد المفلوج ، [ ص: 273 ]

                                                                                      سمعت يحيى بن يمان ، سمعت الثوري يقول : ما أحدث من كل عشرة بواحد . ثم قال يحيى : قد كتبت عنه عشرين ألفا . وأخبرني الأشجعي أنه كتب عنه ثلاثين ألفا .

                                                                                      قال أبو نعيم : سمعت سفيان يقول : الإيمان يزيد وينقص .

                                                                                      هارون بن أبي هارون العبدي : حدثنا حيان بن موسى ، حدثنا ابن المبارك ، سمع سفيان يقول : من زعم أن قل هو الله أحد مخلوق ، فقد كفر بالله .

                                                                                      وقال زيد بن الحباب : كان سفيان يفضل عليا على عثمان .

                                                                                      وعن عثام بن علي : سمعت الثوري يقول : لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلوب نبلاء الرجال .

                                                                                      وقال ابن المبارك ، عن سفيان : استوصوا بأهل السنة خيرا ، فإنهم غرباء .

                                                                                      وقال مؤمل بن إسماعيل : لم يصل سفيان على ابن أبي رواد للإرجاء .

                                                                                      وقال شعيب بن حرب : قال سفيان : لا ينفعك ما كتبت حتى يكون إخفاء بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة أفضل عندك من الجهر .

                                                                                      وقال وكيع ، عن سفيان في الحديث : ما يعدله شيء لمن أراد به الله . وعنه : ينبغي للرجل أن يكره ولده على العلم ، فإنه مسئول عنه . عبد الصمد بن حسان : سمعت سفيان يقول : الإسناد سلاح المؤمن ، [ ص: 274 ] فمن لم يكن له سلاح ، فبأي شيء يقاتل ؟ .

                                                                                      قبيصة : سمعت سفيان يقول : الملائكة حراس السماء ، وأصحاب الحديث حراس الأرض . وقال يحيى بن يمان : قيل لسفيان : ليست لهم نية - يعني أصحاب الحديث - ؟ قال : طلبهم له نية ، لو لم يأتني أصحاب الحديث لأتيتهم في بيوتهم .

                                                                                      وقال الخريبي : سمعت سفيان يقول : ليس شيء أنفع للناس من الحديث .

                                                                                      وقال معدان الذي يقول فيه ابن المبارك : هو من الأبدال سألت الثوري عن قوله : وهو معكم أين ما كنتم ؟ قال : علمه .

                                                                                      وسئل سفيان عن أحاديث الصفات ، فقال : أمروها كما جاءت .

                                                                                      وقال أبو نعيم ، عنه : وددت أني أفلت من الحديث كفافا . وقال أبو أسامة : قال سفيان : وددت أن يدي قطعت ولم أطلب حديثا .

                                                                                      قال محمد بن عبد الله بن نمير في قول سفيان : ما أخاف على نفسي غير الحديث . قال : لأنه كان يحدث عن الضعفاء .

                                                                                      قلت : ولأنه كان يدلس عنهم ، وكان يخاف من الشهوة ، وعدم النية في بعض الأحايين . [ ص: 275 ]

                                                                                      قال أبو نعيم : كان سفيان يخضب قليلا إذا دخل الحمام .

                                                                                      وقال قبيصة : كان سفيان مزاحا ، كنت أتأخر خلفه ، مخافة أن يحيرني بمزاحه .

                                                                                      وروى الفسوي ، عن عيسى بن محمد : أن سفيان كان يضحك حتى يستلقي ويمد رجليه .

                                                                                      قال زيد بن أبي الزرقاء : كان سفيان يقول لأصحاب الحديث : تقدموا يا معشر الضعفاء .

                                                                                      وقال يحيى بن يمان : سمعت سفيان يقول لرجل : ادن مني ، لو كنت غنيا ما أدنيتك .

                                                                                      وقال محمد بن عبد الوهاب : ما رأيت الأمير والغني أذل منه في مجلس سفيان .

                                                                                      قال ابن مهدي : يزعمون أن سفيان كان يشرب النبيذ . أشهد لقد وصف له دواء ، فقلت : نأتيك بنبيذ ؟ فقال : لا ، ائتني بعسل وماء .

                                                                                      قال خلف بن تميم : رأيت الثوري بمكة ، وقد كثروا عليه ، فقال : إنا لله ، أخاف أن يكون الله قد ضيع هذه الأمة ، حيث احتاج الناس إلى مثلي . وسمعته يقول : لولا أن أستذل ، لسكنت بين قوم لا يعرفوني .

                                                                                      ونقل غير واحد ، أن سفيان كان مستكينا في لباسه ، عليه ثياب رثة .

                                                                                      قال أحمد بن عبد الله العجلي : آجر سفيان نفسه من جمال إلى مكة ، فأمروه يعمل لهم خبزة ، فلم تجئ جيدة ، فضربه الجمال ، فلما قدموا مكة ، دخل الجمال فإذا سفيان قد اجتمع حوله الناس . فسأل ؟ فقالوا : هذا سفيان الثوري ، [ ص: 276 ] فلما انفض عنه الناس ، تقدم الجمال إليه ، وقال : لم نعرفك يا أبا عبد الله . قال : من يفسد طعام الناس يصيبه أكثر من ذلك .

                                                                                      قلت : هذه حكاية مرسلة ، وكيف اختفى في طول الطريق أمر سفيان ، فلعلها في أيام شبابه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية