الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1144 [ ص: 274 ] 4 - باب: من سمى قوما أو سلم في الصلاة على غيره مواجهة وهو لا يعلم

                                                                                                                                                                                                                              1202 - حدثنا عمرو بن عيسى ، حدثنا أبو عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد ، حدثنا حصين بن عبد الرحمن ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : كنا نقول : التحية في الصلاة ونسمي ، ويسلم بعضنا على بعض ، فسمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "قولوا : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد لله صالح في السماء والأرض " . [انظر : 831 - مسلم : 402 - فتح: 3 \ 76]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عبد الله بن مسعود : كنا نقول : التحية في الصلاة ونسمي ، ويسلم بعضنا على بعض ، فسمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "قولوا : التحيات لله . . " الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف في التشهد ، وفيه هنا زيادة ، وهي قوله : (ويسلم بعضنا على بعض ) أي : يقول : السلام على فلان . ليس أنه يخاطبه ، فإن خاطبه بطلت . ذكره الداودي وابن أبي زيد في "نوادره " . وقال ابن التين : لم أره لغيره .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (من سمى قوما ) . يريد : ما كانوا يفعلونه أولا من مواجهة بعضهم بعضا ومخاطبتهم ، قبل أن يأمرهم الشارع بهذا التشهد ، فأراد البخاري ; ليعرفك أنه لما لم يأمر بإعادة تلك الصلاة التي سمى فيها [ ص: 275 ] بعضهم بعضا علم أنه من فعل هذا جاهلا أنه لا تفسد صلاته ، وقال مالك والشافعي : إنه من تكلم في صلاته ساهيا لم تفسد صلاته .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (أو سلم على غيره وهو لا يعلم ) . يعني : لا يعلم المسلم عليه ، ولا يسمع السلام عليه . وأمره - صلى الله عليه وسلم - بمخاطبته في التحيات بقوله : "السلام عليك أيها النبي " وهو أيضا خطاب في الصلاة لغير المصلي ، لكن لما كان خطابه - صلى الله عليه وسلم - حيا وميتا من باب الخشوع ومن أسباب الصلاة المرجو بركتها ، لم يكن كخطاب المصلي لغيره .

                                                                                                                                                                                                                              وفي هذا دليل على أن ما كان من الكلام عامدا في أسباب الصلاة أنه جائز سائغ ، بخلاف قول أبي حنيفة والشافعي ، وإنما أنكر تسميتهم للناس بأسمائهم ; لأن ذلك يطول على المصلي ويخرجه بما هو فيه من مناجاة الرب إلى مناجاة الناس شخصا شخصا ، فجمع لهم هذا المعنى في قوله : "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " فهو وإن خاطب نفسه فقد خاطب أيضا غيره معه ، لكنه بما يرجى بركته فيها ، فكأنه منها .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (كنا نقول : التحية في الصلاة ) . صح عنه : كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ، وفي ذلك دلالتان على فرضه : قوله : (قبل أن يفرض ) . والثاني : (أمره - صلى الله عليه وسلم - ) .

                                                                                                                                                                                                                              وأجاب ابن التين بما لا يظهر ، فقال : قوله : (قبل أن يفرض علينا ) إخبار عن اعتقاده أن التشهد فرض وليس بحجة . قلت : اعتقاد الصحابي مقدم على اعتقادك .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 276 ] قال : وعلى أنه محمول على التقدير ، كأنه قال قبل أن تقدر ألفاظه ، وكذلك قوله : "قولوا : التحيات " معناه : التقدير . قلت : مجاز .

                                                                                                                                                                                                                              قال : وعلى أنه لو سلم أن ظاهره الوجوب لحملناه على الندب .

                                                                                                                                                                                                                              بدليل قوله : إذا جلست قدر التشهد ، فقد تمت صلاتك . قلت : مدرج ، والأصل حمله على الوجوب .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( "التحيات لله ، والصلوات والطيبات " ) أخذ به أبو حنيفة وأحمد ، وأخذ الشافعي بتشهد ابن عباس ومالك بتشهد عمر ، وكله واسع ، وقد سلف ذلك .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية