الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1244 1306 - حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا أيوب ، عن محمد ، عن أم عطية رضي الله عنها قالت : أخذ علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - عند البيعة أن لا ننوح ، فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة : أم سليم ، وأم العلاء ، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ وامرأتين . أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى . [4892 ، 7215 - مسلم : 936 - فتح: 3 \ 176]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عائشة : لما جاء قتل زيد بن حارثة . . إلى آخره .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف قريبا في باب : من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن ، وشيخه فيه : محمد بن عبد الله بن حوشب . قال الأصيلي : لم يرو عنه أحد غير البخاري . قلت : أي : من أصحاب الكتب الستة ، وإلا فقد روى عنه ابن وارة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 584 ] وحديث أم عطية : أخذ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند البيعة أن لا ننوح ، فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة : أم سليم ، وأم العلاء ، (وابنة أبي ) سبرة امرأة معاذ ، (وامرأتين ) . أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى .

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الحديث أخرجه مسلم أيضا ، وقد أسلفنا معنى هذا الباب ، وأن النوح والبكاء على سنة الجاهلية حرام ، قد نسخه الإسلام ، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشترط على النساء في بيعة الإسلام أن لا ينحن ; تأكيدا للنهي ; وتحذيرا منه ، وفيه : أنه من نهي عما لا ينبغي له ففعله ولم ينته أنه يؤدب على ذلك ويزجر ، ألا ترى إلى قوله : "فاحث في أفواههن التراب " حين انصرف المرة الثالثة ، وقال : إنهن غلبننا . وهذا يدل على أن بكاء نساء جعفر وزيد الذي نهين عنه لم يكن من النوح المحرم ; لأنه لو كان محرما لزجرهن حتى ينتهين عنه . ولا يؤمن على النساء عند بكائهن الهائج لهن أن يضعف صبرهن فيصلن به نوحا محرما ، فلذلك نهاهن قطعا للذريعة .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه من الفقه :

                                                                                                                                                                                                                              أن للعالم أن ينهى عن المباح إذا اتصل به فعل محذور أو خيف معه ، فمن يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، وهذا الحديث يدل أن قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السالف : "فإذا وجبت فلا تبكين باكية " على الندب جمعا بين الأحاديث ، فقد قال : "لكن حمزة لا بواكي [ ص: 585 ] له " وحديث أم عطية دال على أن النوح بدعوى الجاهلية حرام ; لأنه لم يقع في البيعة من غير فرض . وقولها : (فما وفت منا امرأة غير خمس ) .

                                                                                                                                                                                                                              هو مصداق لإخبار الشارع عنهن بنقص العقل والدين ، ومن خلق من الضلع الأعوج كيف يستقيم ويرجع إلى الحق وينقاد ؟!

                                                                                                                                                                                                                              وفي أفراد مسلم من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعا : "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة " وقال : "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ، ودرع من جرب " .

                                                                                                                                                                                                                              وللبخاري عن ابن عباس موقوفا : خلال من خلال الجاهلية : الطعن في الأنساب ، والنياحة ونسي -يعني : الراوي- الثالثة . قال سفيان : ويقولون : إنها الاستسقاء بالأنواء .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية