الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 211 ] قوله تعالى : وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      ظاهر هذه الآية الكريمة يدل على أن استحياء النساء من جملة العذاب الذي كان يسومهم فرعون ، وقد جاء في آية أخرى ما يدل على أن الإناث هبة من هبات الله لمن أعطاهن له ، وهي قوله تعالى : يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور [ 42 \ 49 ] ، فبقاء بعض الأولاد على هذا خير من موتهم كلهم ، كما قال الهذيل :


                                                                                                                                                                                                                                      حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا خراش وبعض الشر أهون من بعض

                                                                                                                                                                                                                                      والجواب عن هذا ، أن الإناث وإن كن هبة من الله لمن أعطاهن له ، فبقاؤهن تحت يد العدو يفعل بهن ما يشاء من الفاحشة والعار ، ويستخدمهن في الأعمال الشاقة نوع من العذاب ، وموتهن راحة من هذا العذاب ، وقد كان العرب يتمنون موت الإناث خوفا من مثل هذا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال بعض شعراء العرب في ابنة له تسمى مودة :


                                                                                                                                                                                                                                      مودة تهوى عمر شيخ يسره     لها الموت قبل الليل لو أنها تدري
                                                                                                                                                                                                                                      يخاف عليها جفوة الناس بعده     ولا ختن يرجى أود من القبر

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الآخر :


                                                                                                                                                                                                                                      تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا     والموت أكرم نزال على الحرم

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض راجزيهم :


                                                                                                                                                                                                                                      إني وإن سيق إلي المهر     عبد وألفان وذود عشر
                                                                                                                                                                                                                                      أحب أصهاري إلي القبر

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض الأدباء : وفي القرءان الإشارة إلى أن الإنسان يسوءه إهانة ذريته الضعاف بعد موته في قوله تعالى : وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم [ 4 \ 9 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية