وقال صالح بن أحمد : تناهى إلى أبي أن أبا طالب يحكي أنه يقول : لفظي بالقرآن غير مخلوق . فأخبرت بذلك أبي ، فقال : من حدثك ؟ قلت : فلان ، قال : ابعث إلى أبي طالب ، فوجهت إليه ، فجاء ، وجاء فوران ، فقال له أبي : أنا قلت لك : لفظي بالقرآن غير مخلوق ؟! وغضب ، وجعل يرعد ، فقال : قرأت عليك : قل هو الله أحد فقلت لي : ليس هذا بمخلوق . قال : فلم حكيت عني أني قلت : لفظي بالقرآن غير مخلوق ؟ وبلغني أنك كتبت بذلك إلى قوم ، فامحه ، واكتب إليهم أني لم أقله لك . فجعل فوران يعتذر إليه . فعاد أبو طالب ، وذكر أنه حكى ذلك ، وكتب إلى القوم ، يقول : وهمت على أبي عبد الله .
قلت : الذي استقر الحال عليه ، أن أبا عبد الله كان يقول : من قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق ، فهو مبتدع . وأنه قال : من قال : لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي . فكان رحمه الله لا يقول هذا ولا هذا . وربما أوضح ذلك ، فقال : من قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، يريد به القرآن فهو جهمي . [ ص: 289 ]
قال أحمد بن زنجويه : سمعت أحمد يقول : اللفظية شر من الجهمية .
وقال صالح : سمعت أبي ، يقول : الجهمية ثلاث فرق : فرقة قالت : القرآن مخلوق ، وفرقة قالوا : كلام الله وسكتوا ، وفرقة قالوا : لفظنا به مخلوق . ثم قال أبي : لا يصلى خلف واقفي ، ولا لفظي .
وقال المروذي : أخبرت أبا عبد الله أن أبا شعيب السوسي الرقي ، فرق بين بنته وزوجها لما وقف في القرآن ، فقال : أحسن ، عافاه الله ، وجعل يدعو له .
قال المروذي : ولما أظهر يعقوب بن شيبة الوقف ، حذر عنه أبو عبد الله ، وأمر بهجرانه .
لأبي عبد الله في مسألة اللفظ نقول عدة : فأول من أظهر مسألة اللفظ حسين بن علي الكرابيسي ، وكان من أوعية العلم . ووضع كتابا في المدلسين ، يحط على جماعة فيه أن ابن الزبير من الخوارج . وفيه أحاديث يقوي به الرافضة . فأعلم أحمد ، فحذر منه ، فبلغ الكرابيسي ، فتنمر ، وقال : لأقولن مقالة حتى يقول ابن حنبل بخلافها فيكفر . فقال : لفظي بالقرآن مخلوق . فقال المروذي في كتاب " القصص " : فذكرت ذلك لأبي عبد الله أن الكرابيسي قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، وأنه قال : أقول : إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات إلا أن لفظي به مخلوق . ومن لم يقل : لفظي بالقرآن مخلوق ، فهو كافر . فقال أبو عبد الله : بل هو الكافر ، قاتله الله ، وأي شيء قالت الجهمية إلا هذا ؟ وما ينفعه ، وقد نقض كلامه الأخير كلامه الأول ؟! ثم قال : أيش خبر ، أوافقه على هذا ؟ قلت : قد هجره . قال : أحسن ، لن يفلح أصحاب الكلام . [ ص: 290 ] أبي ثور
قال عبد الله بن أحمد : سئل أبي ، وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة ، فقال : من كان منهم يحسن الكلام ، فهو جهمي .
الحكم بن معبد : حدثني أحمد الدورقي ، قلت : ما تقول في هؤلاء الذين يقولون : لفظي بالقرآن مخلوق ؟ فرأيته استوى واجتمع ، وقال : هذا شر من قول لأحمد بن حنبل الجهمية . من زعم هذا ، فقد زعم أن جبريل تكلم بمخلوق ، وجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمخلوق .
فقد كان هذا الإمام لا يرى الخوض في هذا البحث خوفا من أن يتذرع به إلى القول بخلق القرآن ، والكف عن هذا أولى . آمنا بالله - تعالى - وبملائكته ، وبكتبه ، ورسله ، وأقداره ، والبعث ، والعرض على الله يوم الدين . ولو بسط هذا السطر ، وحرر وقرر بأدلته لجاء في خمس مجلدات ، بل ذلك موجود مشروح لمن رامه ، والقرآن فيه شفاء ورحمة للمؤمنين ، ومعلوم أن التلفظ شيء من كسب القارئ غير الملفوظ ، والقراءة غير الشيء المقروء ، والتلاوة وحسنها وتجويدها غير المتلو ، وصوت القارئ من كسبه فهو يحدث التلفظ والصوت والحركة والنطق ، وإخراج الكلمات من أدواته المخلوقة ، ولم يحدث كلمات القرآن ، ولا ترتيبه ، ولا تأليفه ، ولا معانيه .
فلقد أحسن الإمام أبو عبد الله حيث منع من الخوض في المسألة من الطرفين إذ كل واحد من إطلاق الخلقية وعدمها على اللفظ موهم ، ولم يأت به كتاب ولا سنة بل الذي لا نرتاب فيه أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق ، والله أعلم . [ ص: 291 ]
الحاكم : حدثنا الأصم ، سمعت ، سمعت محمد بن إسحاق الصغاني فوران صاحب أحمد يقول : سألني الأثرم وأبو عبد الله المعيطي أن أطلب من أبي عبد الله خلوة ، فأسأله فيها عن أصحابنا الذين يفرقون بين اللفظ والمحكي . فسألته ، فقال : القرآن كيف تصرف في أقواله وأفعاله ، فغير مخلوق . فأما أفعالنا فمخلوقة . قلت : فاللفظية تعدهم يا أبا عبد الله في جملة الجهمية ؟ فقال : لا . الجهمية الذين قالوا : القرآن مخلوق .
وبه قال : وسمعت فوران يقول : جاءني ابن شداد برقعة فيها مسائل ، وفيها : إن لفظي بالقرآن غير مخلوق ، فضرب على هذه ، وكتب : القرآن حيث تصرف غير مخلوق . أحمد بن حنبل
قال صالح بن أحمد : سمعت أبي ، يقول : من زعم أن أسماء الله مخلوقة ، فقد كفر . وقال المروذي : سمعت أبا عبد الله يقول : من تعاطى الكلام لا يفلح ، من تعاطى الكلام لم يخل من أن يتجهم .
وقال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : من أحب الكلام لم يفلح ؛ لأنه يؤول أمرهم إلى حيرة . عليكم بالسنة والحديث ، وإياكم والخوض في الجدال والمراء ، أدركنا الناس وما يعرفون هذا الكلام ، عاقبة الكلام لا تؤول إلى خير .
وللإمام أحمد كلام كثير في التحذير من البدع وأهلها ، وأقوال في السنة . ومن نظر في كتاب " السنة " لأبي بكر الخلال رأى فيه علما غزيرا ونقلا كثيرا . وقد أوردت من ذلك جملة في ترجمة أبي عبد الله في " تاريخ الإسلام " ، وفي كتاب " العزة للعلي العظيم " فترني عن إعادته هنا عدم النية . فنسأل الله الهدى ، وحسن القصد . وإلى الإمام أحمد المنتهى في [ ص: 292 ] معرفة السنة علما وعملا ، وفي معرفة الحديث وفنونه ، ومعرفة الفقه وفروعه . وكان رأسا في الزهد والورع والعبادة والصدق .
قال صالح بن أحمد : قدم المتوكل فنزل الشماسية يريد المدائن ، فقال لي أبي : أحب أن لا تذهب إليهم تنبه علي . فلما كان بعد يوم أنا قاعد ، وكان يوما مطيرا ، فإذا بيحيى بن خاقان قد جاء في موكب عظيم ، والمطر عليه ، فقال لي : سبحان الله لم تصر إلينا حتى تبلغ أمير المؤمنين السلام عن شيخك ، حتى وجه بي ، ثم نزل خارج الزقاق ، فجهدت به أن يدخل على الدابة فلم يفعل ، فجعل يخوض المطر . فلما وصل ، نزع جرموقه ودخل ، وأبي في الزاوية عليه كساء ، فسلم عليه ، وقبل جبهته ، وساءله عن حاله ، وقال : أمير المؤمنين يقرئك السلام ، ويقول : كيف أنت في نفسك ، وكيف حالك ؟ وقد أنست بقربك ، ويسألك أن تدعو له . فقال : ما يأتي علي يوم إلا وأنا أدعو الله له . ثم قال : قد وجه معي ألف دينار تفرقها على أهل الحاجة . فقال : يا أبا زكريا ، أنا في بيت منقطع ، وقد أعفاني من كل ما أكره ، وهذا مما أكره . فقال : يا أبا عبد الله ، الخلفاء لا يحتملون هذا . فقال : يا أبا زكريا ، تلطف في ذلك . فدعا له ، ثم قام .
فلما صار إلى الدار ، رجع ، وقال : هكذا لو وجه إليك بعض إخوانك كنت تفعل ؟ قال : نعم . فلما صرنا إلى الدهليز ، قال : قد أمرني أمير المؤمنين أدفعها إليك تفرقها . فقلت : تكون عندك إلى أن تمضي هذه الأيام .
أحمد بن محمد بن الحسين بن معاوية الرازي : حدثنا بكر بن عبد الله [ ص: 293 ] بن حبيب ، سمعت المسعري محمد بن وهب قال : كنت مؤدبا للمتوكل ، فلما استخلف أدناني . وكان يسألني وأجيبه على مذهب الحديث والعلم ، وإنه جلس للخاصة يوما ، ثم قام ، حتى دخل بيتا له من قوارير ، سقفه وحيطانه وأرضه ، وقد أجري له الماء فيه ، يتقلب فيه . فمن دخله ، فكأنه في جوف الماء جالس . وجلس عن يمينه الفتح بن خاقان ، وعبيد الله بن يحيى بن خاقان ، وعن يساره بغا الكبير ، ووصيف ، وأنا واقف إذ ضحك ، فأرم القوم ، فقال : ألا تسألوني من ما ضحكت ؟ ! إني ذات يوم واقف على رأس الواثق ، وقد قعد للخاصة ، ثم دخل هنا ، ورمت الدخول فمنعت ، ووقفت حيث ذاك الخادم واقف ، وعنده ابن أبي دواد ، وابن الزيات ، وإسحاق بن إبراهيم . فقال الواثق : لقد فكرت فيما دعوت إليه الناس من أن القرآن مخلوق ، وسرعة إجابة من أجابنا ، وشدة خلاف من خالفنا مع الضرب والسيف ، فوجدت من أجابنا رغب فيما في أيدينا ، ووجدت من خالفنا منعه دين وورع ، فدخل قلبي من ذلك أمر وشك حتى هممت بترك ذلك . فقال ابن أبي دواد : الله الله يا أمير المؤمنين ! أن تميت سنة قد أحييتها ، وأن تبطل دينا قد أقمته . ثم أطرقوا . وخاف ابن أبي دواد ، فقال : والله يا أمير المؤمنين ، إن هذا القول الذي تدعو الناس إليه لهو الدين الذي ارتضاه الله لأنبيائه ورسله ، وبعث به نبيه ، ولكن الناس عموا عن قبوله . قال الواثق : فباهلوني على ذلك . فقال أحمد : ضربه الله بالفالج إن لم يكن ما يقول حقا . وقال ابن الزيات : وهو فسمر الله بدنه بمسامير في الدنيا قبل الآخرة إن لم يكن ما يقول أمير المؤمنين حقا بأن القرآن مخلوق . وقال إسحاق بن إبراهيم : وهو فأنتن الله ريحه في الدنيا إن لم يكن [ ص: 294 ] ما يقول حقا .
وقال نجاح : وهو فقتله الله في أضيق محبس ، وقال إيتاخ : وهو فغرقه الله ، فقال الواثق : وهو فأحرق الله بدنه بالنار إن لم يكن ما يقول حقا من أن القرآن مخلوق ، فأضحك أنه لم يدع أحد منهم يومئذ إلا استجيب فيه . أما ابن أبي دواد ، فقد ضربه الله بالفالج ، وأما ابن الزيات فأنا أقعدته في تنور من حديد ، وسمرت بدنه بمسامير ، وأما إسحاق فأقبل يعرق في مرضه عرقا منتنا حتى هرب منه الحميم والقريب ، وأما نجاح ، فأنا بنيت عليه بيتا ذراعا في ذراعين حتى مات ، وأما إيتاخ فكتبت إلى إسحاق بن إبراهيم ، وقد رجع من الحج فقيده وغرقه ، وأما الواثق ، فكان يحب الجماع ، فقال : يا مخائيل : ابغني دواء للباه . فقال : يا أمير المؤمنين ، بدنك فلا تهده ، لا سيما إذا تكلف الرجل الجماع . فقال : لا بد منه ، وإذا بين فخذيه مع ذلك وصيفة ، فقال : من يصبر عن مثل هذه ؟ قال : فعليك بلحم السبع ، يوخذ رطل فيغلى سبع غليات بخل خمر عتيق . فإذا جلست على شربك ، فخذ منه زنة ثلاثة دراهم ، فإنك تجد بغيتك . فلها أياما ، وقال : علي بلحم سبع الساعة ، فأخرج له سبع ، فذبح واستعمله . قال : فسقي بطنه ، فجمع له الأطباء ، فأجمعوا على أنه لا دواء له إلا أن يسجر له تنور بحطب الزيتون ، حتى يمتلئ جمرا ، ثم يكسح ما فيه ، ويحشى بالرطبة ، ويقعد فيه ثلاث ساعات ، فإن طلب ماء لم يسق ، ثم يخرج فإنه يجد وجعا شديدا ، ولا يعاد إلى التنور إلى بعد ساعتين ، فإنه يجري ذلك الماء ، ويخرج من مخارج البول . وإن هو سقي أو رد إلى التنور تلف .
قال : فسجر له تنور ، ثم أخرج الجمر ، وجعل على ظهر التنور ، ثم حشي بالرطبة . فعري الواثق ، وأجلس فيه . فصاح وقال : أحرقتموني ، اسقوني ماء ، فمنع ، فتنفط بدنه كله ، وصار نفاخات كالبطيخ ، ثم أخرج وقد كاد أن يحترق . فأجلسه الأطباء . فلما شم الهواء اشتد به الألم ، فأقبل يصيح [ ص: 295 ] ويخور كالثور ، ويقول : ردوني إلى التنور ، واجتمع نساؤه وخواصه ، وردوه إلى التنور ، ورجوا الفرج . فلما حمي ، سكن صياحه ، وتفطرت تلك النفاخات ، وأخرج وقد احترق واسود ، وقضى بعد ساعة .
قلت : راويها لا أعرفه .
وعن جرير بن أحمد بن أبي دواد قال : قال أبي : ما رأيت أحدا أشد قلبا من هذا ، يعني : أحمد ، جعلنا نكلمه ، جعل الخليفة يكلمه ، يسميه مرة ويكنيه مرة ، وهو يقول : يا أمير المؤمنين ، أوجدني شيئا من كتاب الله أو سنة رسوله حتى أجيبك إليه .
أبو يعقوب القراب : أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل ، أخبرنا محمد بن إبراهيم الصرام ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي قال : دخلت أنا على والحارث بن مسكين أحمد حدثان ضربه ، فقال لنا : ضربت فسقطت وسمعت ذاك - يعني : ابن أبي دواد - يقول : يا أمير المؤمنين ، هو والله ضال مضل . فقال له الحارث : أخبرني يوسف بن عمر ، عن مالك ، أن الزهري سعي به حتى ضرب بالسياط ، وقيل : علقت كتبه في عنقه . ثم قال مالك : وقد ضرب ، وحلق رأسه ولحيته ، وضرب سعيد بن المسيب أبو الزناد ، وضرب محمد بن المنكدر وأصحاب له في حمام بالسياط . وما ذكر مالك نفسه ، فأعجب أحمد بقول الحارث . قال مكي بن عبدان : ضرب جعفر بن سليمان تسعين سوطا سنة ( 147 ) . مالكا
وروي عن محمد بن أبي سمينة ، عن شاباص التائب قال : لقد ضرب ثمانين سوطا ، لو ضربته على فيل لهدته . أحمد بن حنبل
: أخبرنا البيهقي ، حدثنا الحاكم حسان بن محمد الفقيه ، سمعت [ ص: 296 ] يقول : دخلت على إبراهيم بن أبي طالب بعد المحنة غير مرة ، وذاكرته رجاء أن آخذ عنه حديثا ، إلى أن قلت : يا أحمد بن حنبل أبا عبد الله حديث أبي سلمة ، عن ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أبي هريرة فقال : قيل : عن امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار الزهري ، عن أبي سلمة ، فقلت : من عن الزهري ؟ قال : أبو الجهم ، فقلت : من رواه عن أبي الجهم ؟ فسكت ، فلما عاودته فيه ، قال : اللهم سلم .
قال الميموني : قال لي أحمد : يا أبا الحسن ، إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام .
الخلال : حدثنا المروذي ، قال لي أبو عبد الله : ما كتبت حديثا إلا وقد عملت به ، حتى مر بي فاحتجمت وأعطيت الحجام دينارا . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وأعطى أبا طيبة دينارا
أخبرنا جماعة إجازة ، عن ، أخبرنا ابن الجوزي ابن ناصر ، أنبأنا أبو الحسين بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الخياط ، حدثنا ابن أبي الفوارس ، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق ، حدثنا المروذي ، قلت لأبي عبد الله : من مات على الإسلام والسنة ، مات على خير ؟ فقال : اسكت ، بل مات على الخير كله .
قال موسى بن هارون البزاز : سئل أحمد : أين نطلب البدلاء ؟ [ ص: 297 ] فسكت ثم قال : إن لم يكن من أصحاب الحديث ، فلا أدري .
قال أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي ، أخبرنا الفضل بن زياد ، سمعت يقول : من رد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو على شفا هلكة . أحمد بن حنبل
قال أبو مزاحم الخاقاني : قال لي عمي عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان : أمر المتوكل بمسألة أحمد عمن يقلد القضاء ، فسألت عمي أن يخرج إلي جوابه ، فوجه إلي نسخته :
بسم الله الرحمن الرحيم : نسخة الرقعة التي عرضتها على أحمد بن محمد بن حنبل بعد أن سألته ، فأجابني بما قد كتبته . سألته عن أحمد بن رباح ، فقال فيه : جهمي معروف ، وإنه إن قلد شيئا من أمور المسلمين ، كان فيه ضرر عليهم . وسألته عن الخلنجي فقال فيه : كذلك . وسألته عن شعيب بن سهل ، فقال : جهمي معروف بذلك . وسألته عن عبيد الله بن أحمد فقال : كذلك . وسألته عن المعروف بأبي شعيب ، فقال : كذلك . وسألته عن محمد بن منصور قاضي الأهواز ، فقال : كان مع ابن أبي دواد ، وفي ناحيته وأعماله ، إلا أنه كان من أمثلهم . وسألته عن علي بن الجعد ، فقال : كان معروفا بالتجهم ، ثم بلغني أنه رجع . وسألته عن الفتح بن سهل فقال : جهمي من أصحاب المريسي . وسألته عن الثلجي ، فقال : مبتدع صاحب هوى . وسألته عن إبراهيم بن عتاب ، فقال : لا أعرفه إلا أنه كان من أصحاب بشر المريسي . وفي الجملة أن أهل البدع والأهواء لا ينبغي أن يستعان بهم في شيء من أمور المسلمين مع ما [ ص: 298 ] عليه رأي أمير المومنين ، أطال الله بقاءه ، من التمسك بالسنة والمخالفة لأهل البدع . يقول أحمد بن محمد بن حنبل : قد سألني عبد الرحمن بن يحيى عن جميع من في هذا الكتاب ، وأجبته بما كتب ، وكنت عليل العين ضعيفا في بدني ، فلم أقدر أن أكتب بخطي ، فوقع هذا التوقيع في أسفل القرطاس عبد الله ابني بأمري ، وبين يدي .