علي ابن المديني ( خ ، د ، م ، س )
الشيخ الإمام الحجة ، أمير المؤمنين في الحديث ، أبو الحسن ، [ ص: 42 ] علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد السعدي ، مولاهم البصري ، المعروف بابن المديني ، مولى عروة بن عطية السعدي كان أبوه محدثا مشهورا لين الحديث .
مات سنة ثمان وسبعين ومائة . يروي عن وطبقته من علماء عبد الله بن دينار المدينة . وقد روى والده جعفر بن نجيح يسيرا عن عبد الرحمن بن القاسم التيمي .
سمع علي : أباه ، ، وحماد بن زيد وجعفر بن سليمان ، ويزيد بن زريع ، وعبد الوارث ، ، وهشيم بن بشير وعبد العزيز الدراوردي . ، ومعتمر بن سليمان ، وسفيان بن عيينة ، وجرير بن عبد الحميد ، والوليد بن مسلم ، وبشر بن المفضل وغندرا ، ويحيى بن سعيد ، ، وخالد بن الحارث ، ومعاذ بن معاذ وحاتم بن وردان ، ، وابن وهب وعبد الأعلى السامي ، ، وعبد العزيز بن أبي حازم وعبد العزيز العمي ، وعمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص الليثي ، وفضيل بن سليمان النميري ، ومحمد بن طلحة التيمي ، ومرحوم بن عبد العزيز ، ومعاوية بن عبد الكريم ويوسف بن الماجشون ، ، وعبد الوهاب الثقفي وهشام بن يوسف ، وعبد الرزاق ، وخلقا كثيرا . [ ص: 43 ] وبرع في هذا الشأن ، وصنف ، وجمع ، وساد الحفاظ في معرفة العلل . ويقال : إن تصانيفه بلغت مائتي مصنف .
حدث عنه : ، أحمد بن حنبل وأبو يحيى صاعقة ، والزعفراني ، وأبو بكر الصاغاني ، وأبو عبد الله البخاري ، وأبو حاتم ، ، وحنبل بن إسحاق ومحمد بن يحيى ، وعلي بن أحمد بن النضر ، ومحمد بن أحمد بن البراء ، والحسن بن شبيب المعمري ، وولده عبد الله بن علي ، فأكثر ، والبخاري وأبو داود ، ، وحميد بن زنجويه وصالح بن محمد جزرة ، وعبيد الله بن عثمان العثماني ، ، وهلال بن العلاء والحسن البزار ، وأبو داود الحراني ، ، وإسماعيل القاضي ، وأبو مسلم الكجي وعلي بن غالب البتلهي ، وأبو خليفة الفضل بن الحباب ومحمد بن جعفر بن الإمام بدمياط ، وابن يعلى الموصلي ، ومحمد بن محمد الباغندي ، ، وأبو القاسم البغوي وعبد الله بن محمد بن أيوب الكاتب خاتمة من روى عنه .
وقد روى عنه من شيوخه جماعة : منهم سفيان بن عيينة ، وعاش هذا الكاتب بعد سفيان مائة وثمانيا وعشرين سنة .
مولد علي في سنة إحدى وستين ومائة قاله علي بن أحمد بن النصر ، ولد بالبصرة .
قال : كان أبو حاتم الرازي ابن المديني علما في الناس في معرفة الحديث والعلل . وكان لا يسميه ، إنما يكنيه تبجيلا له ، ما سمعت أحمد بن حنبل أحمد سماه قط .
أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي ، عن زينب بنت أبي القاسم ، [ ص: 44 ] وأخبرنا عن ابن عساكر زينب ، وعبد المعز البزاز ، قالا : أخبرنا زاهر بن طاهر ، أخبرنا أبو سعد الأديب ، أخبرنا محمد بن محمد الحافظ ، حدثنا عبيد الله بن عثمان العثماني ببغداد ، حدثنا ، حدثنا علي بن عبد الله المديني محمد بن طلحة التيمي ، حدثني أبو سهيل نافع بن مالك ، عن ، عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سعد بن أبي وقاص أجود العباس بن عبد المطلب قريش كفا وأوصلها . هذا
أخرجه عن النسائي ، عن حميد بن زنجويه النسائي علي ابن المديني ، فوقع بدلا عاليا بدرجتين .
أنبأنا المسلم بن علان ، والمؤمل بن محمد قالا : أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا أبو منصور الشيباني ، أخبرنا أبو بكر الحافظ أخبرنا أبو سعد الماليني ، أخبرنا ، حدثنا ابن عدي ابن ناجية ، وعلي بن أحمد بن مروان ، ومحمد بن خالد البردعي ، قالوا : أخبرنا أبو رفاعة عبد الله بن محمد العدوي ، حدثنا إبراهيم بن بشار ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثني علي ابن المديني ، عن أبي عاصم ، عن ، عن ابن جريج ، فذكر حديثا . ثم قال عمرو بن دينار سفيان : تلومني على حب علي ، والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني .
وروى الحسين بن محمد بن عفير ، حدثنا أحمد بن سنان قال : كان ابن عيينة يقول - ويسميه حية الوادي - : إذا استثبت لعلي ابن المديني سفيان أو سئل عن شيء ، يقول : لو كان حية الوادي .
وقال العباس العنبري : كان سفيان يسمي علي ابن المديني حية الوادي . [ ص: 45 ] وعن ابن عيينة قال : إني لأرغب عن مجالستكم ، ولولا علي ابن المديني ما جلست .
وقال خلف بن الوليد الجوهري : خرج علينا ابن عيينة يوما ، ومعنا علي ابن المديني ، فقال : لولا علي ، لم أخرج إليكم .
وروى علي بن سعيد الرازي ، عن سهل بن زنجلة قال : كنا عند ابن عيينة وعنده رؤساء أصحاب الحديث ، فقال : الرجل الذي روينا عنه أربعة أحاديث الذي يحدث عن الصحابة ؟ فقال ابن المديني : ؟ فقال نعم . زياد بن علاقة
قال الساجي : سمعت العباس بن عبد العظيم يقول : سمعت روح بن عبد المؤمن ، سمعت ابن مهدي يقول : علي ابن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاصة بحديث ابن عيينة .
وقال : حدثنا ابن عدي عبد الرحمن بن أبي قرصافة ، حدثنا محمد بن علي ابن أخت غزال ، سمعت القواريري ، سمعت يحيى بن سعيد يقول : الناس يلومونني في قعودي مع علي ، وأنا أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني . روى نحوها ، عن صالح جزرة القواريري .
وقال : كان عباس العنبري ربما قال : لا أحدث شهرا ولا أحدث كذا ، فحدثت أنه حدث يحيى القطان ابن المديني قبل انقضاء الشهر . قال : فكلمت يحيى في ذلك ، فقال : إني أستثني عليا ، ونحن نستفيد منه أكثر مما يستفيد منا .
وقال : علي من أروى الناس عن يحيى بن معين ، [ ص: 46 ] أرى عنده أكثر من عشرة آلاف ، عنده عنه أكثر من مسدد . كان يحيى القطان يحيى يدني عليا وكان صديقه .
قال : سمعت أبو قدامة السرخسي عليا يقول : رأيت كأن الثريا تدلت حتى تناولتها .
قال أبو قدامة : صدق الله رؤياه ، بلغ في الحديث مبلغا لم يبلغه أحد .
قال يعقوب الفسوي : سمعت عبد الرحمن بن أبي عباد القلزمي - وكان من أصحاب علي - قال : جاءنا علي ابن المديني يوما ، فقال : رأيت في هذه الليلة كأني مددت يدي فتناولت أنجما . فمضينا معه إلى معبر ، فقال : ستنال علما ، فانظر كيف تكون . فقال له بعض أصحابنا : لو نظرت في الفقه - كأنه يريد الرأي - فقال : إن اشتغلت بذاك انسلخت مما أنا فيه .
أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن ابن بوش ، عن أبي سعد الصيرفي ، عن محمد بن علي الصوري ، سمعت عبد الغني بن سعيد ، سمعت وليد بن القاسم سمعت أبا عبد الرحمن النسائي يقول : كأن الله خلق علي ابن المديني لهذا الشأن .
قال إبراهيم بن معقل : سمعت يقول : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند البخاري علي ابن المديني .
قال : بلغ علي ما لو قضي أن يتم على ذلك ، لعله كان يقدم على عباس العنبري ، كان الناس يكتبون قيامه وقعوده ولباسه ، وكل شيء يقول أو يفعل أو نحو هذا . [ ص: 47 ] يعقوب الحسن البصري الفسوي : قال علي ابن المديني : صنفت " المسند " مستقصى ، وخلفته في المنزل ، وغبت في الرحلة ، فخالطته الأرضة ، فلم أنشط بعد لجمعه .
قال أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم : كان علي إذا قدم بغداد ، تصدر في الحلقة ، وجاء ابن معين ، ، وأحمد بن حنبل والمعيطي ، والناس يتناظرون . فإذا اختلفوا في شيء ، تكلم فيه علي .
قال أحمد بن أبي خيثمة : سمعت ابن معين يقول : كان علي ابن المديني إذا قدم علينا ، أظهر السنة ، وإذا ذهب إلى البصرة أظهر التشيع .
قلت : كان إظهاره لمناقب الإمام علي بالبصرة لمكان أنهم عثمانية ، فيهم انحراف على علي .
أخبرنا أبو الحسين اليونيني أخبرنا جعفر ، أخبرنا السلفي ، أخبرنا المبارك الطيوري أخبرنا الفالي أخبرنا أحمد بن خربان ، حدثنا أبو محمد الرامهرمزي حدثنا زنجويه بن محمد النيسابوري [ ص: 48 ] بمكة ، حدثنا ، سمعت محمد بن إسماعيل البخاري علي ابن المديني يقول : التفقه في معاني الحديث نصف العلم ، ومعرفة الرجال نصف العلم .
قال أبو العباس السراج : سمعت محمد بن يونس ، سمعت علي ابن المديني يقول : تركت من حديثي مائة ألف حديث ، منها ثلاثون ألفا لعباد بن صهيب .
وعن : وقيل له : ما تشتهي ؟ قال : أن أقدم البخاري العراق ، حي ، فأجالسه . سمعها وعلي ابن المديني أبو العباس السراج من . البخاري
قال أبو عبيد الآجري : قيل : لأبي داود أعلم أم أحمد بن حنبل علي ؟ فقال : علي أعلم باختلاف الحديث من أحمد .
قال عبد المؤمن النسفي : سألت صالح بن محمد : هل كان يحفظ ؟ فقال : لا إنما كان عنده معرفة . قلت : فعلي ؟ قال : كان يحفظ ويعرف . يحيى بن معين
قال أبو داود : علي ابن المديني خير من عشرة آلاف مثل الشاذكوني .
قال عبد الله بن أبي زياد القطواني : سمعت أبا عبيد يقول : انتهى العلم إلى أربعة : أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له ، أفقههم فيه ، وأحمد بن حنبل أعلمهم به ، وعلي ابن المديني أكتبهم له . [ ص: 49 ] قال ويحيى بن معين الفرهياني وغيره من الحفاظ : أعلم أهل زمانه بعلل الحديث علي .
يعقوب الفسوي في " تاريخه " حدثني بكر بن خلف قال : قدمت مكة وبها شاب حافظ ، كان يذاكرني المسند بطرقها . فقلت له : من أين لك هذا ؟ قال : أخبرك ، طلبت إلى علي أيام سفيان أن يحدثني بالمسند ، فقال : قد عرفت ، إنما تريد بذلك المذاكرة . فإن ضمنت لي أنك تذاكر ولا تسميني ، فعلت ، قال : فضمنت له ، واختلفت إليه ، فجعل يحدثني بذا الذي أذاكرك به حفظا .
قال الفسوي : فذكرت هذا لبعض من كان يلزم عليا ، فقال : سمعت عليا يقول : غبت عن البصرة في مخرجي إلى اليمن - أظنه ذكر ثلاث سنين - وأمي حية . فلما قدمت ، قالت : يا بني : فلان لك صديق ، وفلان لك عدو . قلت : من أين علمت يا أمه ؟ قالت : كان فلان وفلان ، فذكرت منهم يحيى بن سعيد يجيئون مسلمين ، فيعزوني ، ويقولون : اصبري ، فلو قدم عليك ، سرك الله بما ترين .
فعلمت أن هؤلاء أصدقاء . وفلان وفلان إذا جاءوا ، يقولون لي : اكتبي إليه ، وضيقي عليه ليقدم .
فأخبرني العباس بن عبد العظيم أو غيره ، قال : قال علي : كنت صنفت " المسند " على الطرق مستقصى ، كتبته في قراطيس وصيرته في قمطر كبير ، وخلفته في المنزل ، وغبت هذه الغيبة . قال : فجئت [ ص: 50 ] فحركت القمطر ، فإذا هو ثقيل بخلاف ما كانت ، ففتحتها ، فإذا الأرضة قد خالطت الكتب ، فصارت طينا .
قال أحمد بن يوسف البجيري : سمعت الأعين يقول : رأيت علي ابن المديني مستلقيا ، وأحمد عن يمينه ، عن يساره ، وهو يملي عليهما . وابن معين
قال أبو أمية الطرسوسي : سمعت عليا يقول : ربما أذكر الحديث في الليل ، فآمر الجارية تسرج السراج فأنظر فيه .
: سمعت البخاري أحمد بن سعيد الرباطي قال : قال علي : ما نظرت في كتاب شيخ فاحتجت إلى السؤال به عن غيري .
وعن العباس بن سورة قال : سئل ، عن يحيى بن معين علي ابن المديني ، فقال : ينبغي والحميدي أن يكتب عن آخر عن للحميدي علي ابن المديني .
قال محمد بن طالب بن علي النسفي : سمعت صالح بن محمد يقول : أعلم من أدركت بالحديث وعلله علي ابن المديني ، وأفقههم في الحديث أحمد ، وأمهرهم بالحديث . وقال سليمان الشاذكوني عبد المؤمن بن خلف : سمعت صالح بن محمد ، سمعت إبراهيم بن محمد بن عرعرة ، سمعت يقول يحيى بن سعيد القطان : ويحك يا لابن المديني علي ، إني أراك تتبع الحديث تتبعا لا أحسبك تموت حتى تبتلى .
الفسوي : سمعت عليا ، وقوم يختلفون إليه يقرأ عليهم أبواب [ ص: 51 ] السجدة ، كان يذكر له طرف حديث ، فيمر على الصفحة والورقة ، فإذا تعايى في شيء ، لقنوه الحرف والشيء منه ، ثم يمر ويقول : الله المستعان ، هذه الأبواب أيام نطلب كنا نتلاقى به المشايخ ، ونذاكرهم بها ، ونستفيد ما يذهب علينا منها ، وكنا نحفظها . وقد احتجنا اليوم إلى أن نلقن في بعضها .
قال أزهر بن جميل : كنا عند يحيى بن سعيد أنا وعبد الرحمن ، وسفيان الرؤاسي ، وغيرهم ، إذ جاء وعلي ابن المديني عبد الرحمن بن مهدي منتقع اللون أشعث ، فسلم . فقال له يحيى : ما حالك أبا سعيد ؟ قال : خير . رأيت البارحة في المنام كأن قوما من أصحابنا قد نكسوا . قال علي ابن المديني : يا أبا سعيد هو خير . قال الله - تعالى - : ومن نعمره ننكسه في الخلق قال : اسكت ، فوالله إنك لفي القوم .