- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:أركان الدعوة
الدعوة إلى الله هي دعوة إلى دينه الذي هو دين الإسلام ، ودور الداعية هو تعبيد الناس لربهم ، والعمل على تحكيم منهجه سبحانه في الأرض ، والبراءة من حكم الطواغيت وأهوائهم .. والحديث عن الإسلام واسع ، ولكننا سنتحدث في هذه العجالة عن معنى الإسلام وبعض من خصائصه .
أولا تعريف الإسلام
الإسلام في اللغة مشتق من الاستسلام ، وهو الخضوع والانقياد .
وفي الاصطلاح له إطلاقان: عام ، وخاص .
فأما الأول ( وهو المعنى العام ): فيطلق على جميع ما أرسل به المرسلون من لدن آدم إلى خاتمهم المختار عليه الصلاة والسلام : " إن الدين عند الله الإسلام ".
وأما المعنى الخاص : فهو الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه فختم الله به الرسالات ، كما ختم بصاحبه النبوات ، وهو دين الله الذي لا يقبل غيره ولا يرضى بسواه .
ويعرف الإسلام بعدة تعريفات حسب جهة نظر المعرف ، وكلها مقبولة متوافقة ، وأفضل تعريف للإسلام هو تعريف رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ردا على سؤال جبريل عليه السلام ، حين قال : %[ الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت]%% . (رواه مسلم)
وقد جمع هذا الدين في طياته عقيدة صحيحة ، وشريعة كاملة ، في ثوب من مكارم الأخلاق ، فكان بحق دين الله الحق وما سواه فضرب من الباطل .
خصائص الإسلام
اختص دين الإسلام بخصائص كثيرة ، وامتاز بمزايا عديدة تتجلى في كليات أحكامه وجزئياتها ، ومن أبرز هذه الخصائص:
1 ـ قدسية المصدر ( الربانية )
فالإسلام مصدره ومنهجه وأحكامه ، كل ذلك من عند الله ، فهو وحيه إلى رسوله الكريم ، وهذا أكبر فارق بينه وبين ما عداه من أديان ودعوات ، وقد ترتب على هذا أمور :
ـ كماله وخلوه عن النقائص ، فهو الدين الكامل الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، والذي تم فلا يحتاج إلى زيادة في أحكامه ولا تعديل في شرائعه بل قال الله فيه : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }(المائدة: 3)
ـ ارتفاعه عن الهوى والظلم والجهل التي هي الأصل في القوانين الوضعية والشرائع البشرية : فواضع الدين هو رب العالمين الذي يعلم ما يصلح العباد ، وهو سبحانه صاحب صفات الكمال ونعوت الجلال ، ولا حاجة له من البشر ولا إليهم ، وإنما مراده إصلاحهم وهو الأعلم بهم : {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}( الملك : 14)، وأما البشر فالجهل والظلم والعجلة طبعهم {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} (الأحزاب :72 )
ـ الهيبة والاحترام من قبل أتباعه : مهما كانت مراكزهم وسلطاتهم الدنيوية ، فهم عباد لله صاحب الشرع ، ولأن الشريعة الإلهية تقوم على أساس الإيمان والعقيدة ، بخلاف القوانين الوضعية التي تخالفها النفوس كلما وجدت الفرصة لذلك ، وكلما غفل الرقيب البشري وبعد الطائل القانوني .
2 ـ الشمـول
الإسلام نظام شامل لجميع شؤون الحياة وسلوك الإنسان ، وهذا الشمول لا يقبل الاستثناء ولا التخصيص ، بل هو كامل تام بكل ما تحمله الشمولية من معنى { ما فرطنا في الكتاب من شيء } ، {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء }.
لقد نظم الإسلام علاقة العبد بربه ، وعلاقته بالناس ، وعلاقته بحكامه والعكس ، وعلاقته بالكون حوله ، وبين له ورتب له حياته قبل الممات وبعد الوفاة .
وللإسلام حكم في كل ما يصدر عن العبد من تصرفات ، وكل ما يضعه في رأسه من أفكار وفي قلبه من ميول .. كما أن هذا الدين العظيم شمل العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق ، فبين كل ذلك أتم بيان وأجمله وأحسنه .
وأما القوانين الوضعية والشرائع البشرية فغاية ما فيها من ذلك محاولة ضبط علاقة الإنسان بالإنسان، مع القصور التام في ذلك والنقص والظلم والهوى والجهل .
3 ـ العمـوم
من البدهيات في الإسلام أنه جاء لعموم البشر وكافة الخلق ، وليس هو لطائفة معينة ، ولا لجنس دون جنس { وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا } (سبأ : 28).
وهذا العموم كما يشمل الأجناس كذلك يشمل الأماكن والأزمان ، فهو دين الله لكل الخلق في كل مكان وإلى أن تقوم الساعة ؛ ولذلك فقد شرعه الله تعالى صالحا لهذا العموم يفي بحاجات الناس ، ويحقق مصالحهم ، ولا يتخلف عن أي مستوى يعيشونه في مجتمعاتهم ، وهذا واضح من خلال واقع الشريعة وطبيعة مبادئها ومناهجها وأحكامها ،ومن ثم جاء الإسلام شاملا كاملا .
4 ـ المثالية الواقعية
ومعنى المثالية في الإسلام : الحرص على أن يبلغ الإنسان الكمال المقدور له ، مع عدم إغفال طبيعة الإنسان وواقعه .
فالمثالية تأتي بالتزام العبد منهج الله في شؤون حياته ، وبقدر هذا الالتزام يكون قربه أو بعده من المثالية؛ إذ إن منهج الله كما قدمنا هو الكمال .
وهذه المثالية لا يمكن أن تكون واقعا إلا بالنظر إلى طبيعة النفس ومكوناتها ، ومن ثم راعى الإسلام الموازنة بين النفس والروح، والاعتدال بين احتياجات كل واجدة منهما .
فالعبادات غذاء الروح وحياتها ؛ إذ هي حظها من خالقها ومعبودها ، ولكن لا ينبغي أن يهلك العبد بالعبادات نفسه ، ويعذب بها جسده ، ويحمله مالا يطيق {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } ، وفي الحديث : %[لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ]%%(متفق عليه).
وقال لمن ربطت حبلا بين ساريتين تتعلق عليه إذا فترت : %[ ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد ]%%.
وقال لعثمان بن مظعون : %[ يا عثمان أرغبت عن سنتي قال لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب قال فإني أنام وأصلي وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا فصم وأفطر وصل ونم ]%%.(أخرجه أبو داود).
وإذا كان الناس متفاوتين في استعدادهم للوصول إلى الكمال ، فقد راعى ذلك الإسلام أيضا فجعل حدا أدنى يتحمله كل أحد ، وهو فعل الفرائض والواجبات وترك المعاصي والمحرمات ، وحدا أعلى يتنافس فيه المتنافسون ، بفتح أبواب النوافل والمستحبات ، وهو مجال يصل فيه كل عبد حسب ما تبلغ به همته .
كما تظهر واقعية الإسلام في إيجاد المخارج لما قد يحدث من ضرورات ،كالتيسير وقت الشدة وإباحة المحظور للضرورة وإيجاد الرخص كل ذلك حتى يمكن لهذه الشريعة ـوقد كان ـ أن تصلح لكل زمان ومكان، وليحق قول الله تعالى : {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج} ، {ما جعل عليكم في الدين من حرج }.
هذه كانت إطلالة سريعة على خصائص الإسلام الذي هو موضوع الدعوة ، والواجب على الدعاة أن يبينوا للناس هذه الجوانب من عظمة هذا الدين ، ويجعلوا ذلك أصل دعوتهم فإن أكثر الخلق غافلون عن معرفة الإسلام جاهلون به ، ولو عرف الناس الإسلام حق معرفته لدخلوا فيه أفواجا كما خرجوا منه ـ لتقصيرنا في الدعوة وجهلهم به ـ أيضا أفواجا .