عبد الله ؟ قيس ؟ عرابة ؟

0 268

روي عن الهيثم بن عدي أنه قال : تناقش ثلاثة نفر في أجود الناس ، فقال رجل : أسخي الناس في عصرنا هذا عبد الله بن جعفر ، فقال الآخر : أسخي الناس قيس بن سعد بن عبادة ، فقال الآخر : بل أسخى الناس في عصرنا هذا عرابة الأوس : فتنازعوا بفناء الكعبة ، فقال لهم رجل : لقد أفرطتم في الكلام ، فليمض كل واحد منكم إلى صاحبه يسأله : حتى ننظر بما يعود ، فنحكم على العيان .
فقام صاحب ابن جعفر ، فوافاه وقد وضع رجله في ركاب راحلته ، يريد ضيعة له ، فقال الرجل : يا ابن عم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ابن سبيل ومنقطع به ، قال : فأخرج رجله ، وقال : ضع رجلك ، واستو على الناقة ، وخذ ما في الحقيبة ، وكان فيها أردية من الخز ، وأربعة آلاف دينار .
ومضى صاحب قيس ، فوجده نائمـا ، فقالت له جارية لقيس : ما حاجتك ؟ فقال : ابن سبيل ومنقطع به ، فقالت له الجارية : حاجتك أهون من إيقاظه ، هذا كيس فيه سبعمائة دينار ، ما في دار قيس اليوم غيرها ، وامض إلى معاطن الإبل ، فخذ راحلة من رواحله وما يصلحها وعبدا ، وامض لشأنك ، قيل : إن قيسـا لما انتبه ، أخبرته الجارية بما صنعت ، فأعتقها ، ولو لم تعلم أن ذلك يرضيه ما جسرت أن تفعله ، فخلق خدم الرجل مقتبس من خلقه .
ومضى صاحب عرابة ، فوجده قد خرج من منزله يريد الصلاة ، فقال : يا عرابة ابن سبيل ومنقطع به ، وكان معه عبدان فصفق بيده اليمنى على اليسرى ، وقال : أواه أواه ، والله ما أصبح ولا أمسى الليلة عند عرابة شيء، ولا تركت له الحقوق مالا ، ولكن خذ هذين العبدين ، فقال الرجل ، والله ما كنت بالذي يسلبك عبديك ، فقال : إن أخذتهما وإلا فهما حران لوجه الله تعالى ، فإن شئت فخذ ، وإن شئت فأعتق ، فأخذ الرجل العبدين ومضى .
ثم اجتمعوا ، وذكروا قصة كل واحد ، فحكموا لعرابة ؛ لأنه أعطى على جهده .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة