- اسم الكاتب:من كتاب تسهيل الفرائض
- التصنيف:المقالات
يتعلق بالتركة خمسة حقوق مرتبة بحسب أهميتها كالآتي :
1- مؤن تجهيز الميت من ثمن ماء تغسيله وكفنه وحنوطه وأجرة الغاسل وحافر القبر ونحو ذلك لأن هذه الأمور من حوائج الميت فهي بمنزلة الطعام والشراب واللباس والسكن للمفلس .
2- ثم الحقوق المتعلقة بعين التركة مثل الدين الذي فيه رهن وإنما قدمت على ما بعدها لقوة تعلقها بالتركة حيث كانت متعلقة بعينها.
( وعند الأئمة الثلاثة : مالك وأبي حنيفة والشافعي تقدم هذه الحقوق على مؤن التجهيز لأن تعلقها بعين المال سابق وعلى هذا فيقوم بمؤن التجهيز من تلزمه نفقة الميت إن كان وإلا ففي بيت المال وهذا القول هو الأرجح ) .
3- ثم الديون المرسلة التي لا تتعلق بعين التركة كالديون التي في ذمة الميت بلا رهن سواء كانت لله كالزكاة والكفارة أم للآدمي كالقرض والأجرة وثمن المبيع ونحوها .
ويسوى بين الديون بالحصص إن لم تف التركة بالجميع ، سواء كان الدين لله أم للآدمي وسواء كان سابقا أم لاحقا ( وإنما قدم الدين على الوصية لما روى أحمد والترمذي وابن ماجه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إنكم تقرؤون ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية . وهذا الحديث وإن كان في إسناده مقال إلا أنه يعضده المعنى والإجماع أما المعنى فلأن الدين واجب على الميت والوصية تبرع منه والواجب أولى بالتقديم من التبرع ، وأما الإجماع فقد أجمع أهل العلم على تقديم الدين على الوصية .
هـ - فإن قيل : فما الحكمة في تقديم الوصية على الدين في الآية الكريمة فالجواب : أن الحكمة والله أعلم هي أن الدين واجب والوصية تبرع والتبرع ربما يتساهل به الورثة ويستثقلون القيام به فيتهاونون بأدائه بخلاف الواجب ، وأيضا فالدين له من يطالب به فإذا قدر أن الورثة تهاونوا به فصاحبه لن يترك المطالبة به فجبرت الوصية بتقديم ذكرها والله أعلم .
4- ثم الوصية بالثلث فأقل لغير وارث .
( فأما الوصية للوارث فحرام غير صحيحة قليلة كانت أو كثيرة لأن الله قسم الفرائض ثم قال : ( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالـدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسـوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ) والوصية للوارث من التعدي على حدود الله لأنها تقتضي زيادة بعض الورثة عما حد الله له وأعطاه إياه .
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ] [ رواه الخمسة إلا النسائي ] وقد أجمع العلماء على العمل بمقتضى هذا الحديث .
لكن إن أجاز الورثة المرشدون الوصية لأحد من الورثة نفذت الوصية لأن الحق لهم فإذا رضوا بإسقاطه سقط ، ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[ لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة ] [ رواه الدارقطني ]
وأما الوصية لغير الوارث فإنها تجوز وتصح بالثلث فأقل ولا تصح بما زاد عليه لأن الثلث كثير فيدخل ما زاد عليه بالمضارة ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ الثلث والثلث كثير ] متفق عليه.
فإن أجاز الورثة المرشدون الوصية بما زاد على الثلث صح ذلك لأن الحق لهم فإذا رضوا بإسقاطه سقط.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله متى تعتبر إجازة الورثة الوصية للوارث أو بما زاد على الثلث فالمشهور من مذهب الإمام أحمد عند أصحابه أنها لا تعتبر إلا بعد الموت فلو أجازوا قبله لم تصح الإجازة ولهم الرجوع . والراجح أن الإجازة إن كانت في مرض موت المورث صح وليس لهم الرجوع وإن كانت في غير مرض موته لم تصح ولهم الرجوع. وهذا مذهب مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم بدائع الفوائد صفحة ( 4) من الجزء الأول .
5- ثم الإرث لأن الله سبحانه قال بعد قسمة المواريث : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار ) ويبدأ بذوي الفروض وما بقي فللعصبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولي رجل ذكر ] متفق عليه فإن لم يكن عصبة رد على ذوي الفرو ض بقدر فروضهم إلا الزوجين فإن لم يكن عصبة ولا ذوو فرض يرد عليهم فلذوي الأرحام لقوله تعالى: ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) فإن لم يكن ورثة فلبيت المال.
وخلاصة ما سبق أن الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة ، مرتبة كالآتي :
الأول : مؤن التجهيز.
الثاني : الحقوق المتعلقة بعين التركة ، ومذهب الأئمة الثلاثة أن هذا مقدم على مؤن التجهيز.
الثالث : الديون المرسلة.
الرابع : الوصية لغير وارث بالثلث فأقل.
الخامس : ال