- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:إلا تنصروه فقد نصره الله
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى كل مؤمن من نفسه ومن أهله وماله وولده، كيف لا ومحبته صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الدين، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين".
وقد أخذ بيد عمر بن الخطاب يوما فقال عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن يا عمر".
ولقد شنع الله على من كان أهله وماله أحب إليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه وتعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} [التوبة:24].
فانظر كيف توعدهم ربنا: {فتربصوا حتى يأتي الله بأمره}، ثم أعلمهم أنهم بهذا فاسقون ضالون.
يقول الدكتور محمد دراز في شرحه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".
ومحبة الله ورسوله هي أرقى أنواع المحبة العقلية وأقواها، فمن كان باعث المحبة عنده معرفة ما في المحبوب من كمال ذاتي فالله تعالى أحق بمحبته؛ إذ الكمال خاصة ذاته، والجمال الأتم ليس إلا لصفاته، والرسول أحق من يتلوه في تلك المحبة؛ لأنه أكرم الخلق عند ربه، وهو ذو الخلق العظيم والهدي القويم، ومن كانت محبته للغير تقاس بمقدار ما يوصله إليه ذلك الغير من المنافع، وما يغدق عليه من الخيرات، فالله تعالى أحق بهذه المحبة أيضا، وإن نعمه علينا تجري مع الأنفاس ودقات القلوب ولا نعمة إلا هو مصدرها، {وما بكم من نعمة فمن الله} [النحل:53] ... وهذا الرسول الكريم هو واسطة النعمة العظمى؛ إذ هو الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور ومن الضلالة إلى الهدى، واستنقذنا به من النار بعد أن كنا على شفا حفرة منها، فليس بعد الله أحد أمن علينا منه، ومحبته الحقيقية شعبة من محبة الله.
إن محبتنا لنبينا صلى الله عليه وسلم عبادة وقربة من أعظم القربات التي نتقرب بها إلى الله عز وجل، ونرجو بها رحمته يوم لا ينفع مال ولا بنون، كيف لا وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب".
إن المؤمن الصادق ليمتلئ قلبه بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم، فيظهر أثرها على الجوارح اتباعا لسنته وتعظيما لقدره، وانقيادا لأمره، مع الاستعداد لنصرته بالأرواح والمهج والأموال والأهل والأولاد، كما كان حال أصدق الناس في محبته وهم الصالحون والعلماء من هذه الأمة وعلى رأسهم أصحابه رضي الله عنهم حتى قال أبو سفيان رضي الله عنه قبل أن يسلم:
"ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا"، وذلك لما وقع زيد بن الدثنة أسيرا عند قريش فأخذوه ليقتلوه، فسأله أبو سفيان: أنشدك بالله يا زيد: أتحب أن محمدا الآن مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟ فقال زيد: "والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي".
وعند رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد وكان قد أشيع أن الرسول قد قتل، خرجت امرأة من الأنصار فاستقبلت بأن أباها وزوجها وابنها وأخاها قد قتلوا جميعا، وهي تقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: هو بحمد الله كما تحبين. قالت: أرونيه، فأشاروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأته قالت: "كل مصيبة بعدك جلل" يعني صغيرة.
ويسأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ.
ويلخص القضية أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين نعى رسول الله نفسه فقال: "إن عبدا خيره الله بين الدنيا والآخرة، فاختار ما عند الله". فقال الصديق رضي الله عنه وهو يبكي: بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله.
ونسأل الله بحبنا لرسولنا الكريم أن يحشرنا في زمرته وتحت لوائه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والحمد لله رب العالمين.