جاليليو الجديد يحرر أوروبا من الهيمنة الأميركية

0 693

يعتبر إطلاق القمر الصناعي (GIOVE A) - وهو أول أقمار نظام (جاليليو) (Galileo)الأوروبي للملاحة، والمكلف باختبار التقنيات التي سيعتمدها الننظام الجديد لتحديد المواقع  – الخطوة الأولى في السباق التكنولوجي الجديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة .. المشغلة لنظام GPS العالمي (Global Positioning System) الذي تعتمد عليه أوروبا اعتمادا تاما.

وقد تمكن صاروخ سويوز من وضع القمر في المدار على ارتفاع 23 ألف كيلومتر. و"جيوف-أ" عبارة عن مكعب يزن 602 كيلوغرام صنعته شركة SSTL البريطانية وتقوم مهمته على مدى سنتين على اختبار تقنيات جديدة في الفضاء بينها الساعة الذرية الأكثر دقة المرسلة إلى الفضاء.

مشروع عسكري وسياسي
وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي أكد مرارا بأن نظام جاليليو لا يتعدى كونه مشروعا مدنيا، غير أن ذلك لا ينفي احتمال أن يلعب هذا النظام دورا حيويا في عمل القوات المسلحة الأوروبية في المستقبل .

كما أن نظام جاليليو يعد بالفعل جزءا من مشروع سياسي؛ فالاتحاد الأوروبي لا يريد أن يبقى معتمدا على نظام GPS الذي تديره وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)؛ لذلك فإن الأوروبيين يرون بأن انطلاق جاليليو الشهر الماضي يعتبر خطوة أوروبا الأولى نحو بديل أفضل صنعته بيدها ليوفر فرص عمل لـ 150 ألف شخص .

وبالرغم من تأخر انطلاق المشروع، فإن معظم دول الاتحاد الأوروبي تشترك في إدارته؛ فالجهة المشرفة على المشروع تتخذ من مدينة (تولوز) في فرنسا مقرا لها, وتقع إدارته في العاصمة البريطانية (لندن), أما مراكز التحكم فتنتشر في (ميونخ) بألمانيا والعاصمة الإيطالية (روما) و(برشلونة) الإسبانية .

ويتوقع إطلاق قمر ثان في فبراير/ شباط المقبل، وسيتولى تأمين وصول موجات الراديو وتزويد الأوروبيين بنظام ملاحة أرضي يتم التحكم به بواسطة الأقمار الصناعية .
وتبلغ كلفة مشروع جاليليو أربعة مليارات دولار، ويعد أكبر مشروع فضائي تنفذه أوروبا .

ويأمل الاتحاد في أن تساعد شبكة جاليليو - التي يطمح أن يعمل ضمن نطاقها ثلاثين قمرا صناعيا - في تحسين مراقبة حركة الطيران وتخفيض الازدحام على الطرقات .

وينتظر أن تبدأ شبكة جاليليو الخدمة عام 2008، وسيعمل النظام في إطار شراكة بين القطاع العام والخاص، وتريد المفوضية الأوروبية أن يمول ثلثي المشروع من الصناعة .. على أن يجيء الباقي من الخزائن العامة للدول الأعضاء .
وتهيمن الولايات المتحدة على نظام GPS .. الذي تشغله مجموعة من الأقمار الاصطناعية المتقدمة يغطي عملها الكرة الأرضية .

وقد بدأ نظام GPS كنظام عسكري سري مخصص لتوجيه الصواريخ العابرة للقارات، وخصص هذا النظام في عهد الرئيس الأميركي السابق / بيل كلينتون للخدمة المدنية .

واستفادت من النظام مجموعة من الشركات الأميركية التي صنعت معدات تضمن اتصال المستخدم بنظام GPS , ولعل أبرزها تلك الأجهزة التي توضع في السيارات لإرشادها على الطرق، كما صنعت شركات الهواتف المحمولة مجموعة من الهواتف النقالة تقدر على تحديد موقع حاملها من الفضاء .

وقد حفز انتشار هذا النوع من الأجهزة في أوروبا على صنع نظام خاص بها للتحرر من الهيمنة الأميركية على GPS - الخاضع لرقابة وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) - ونيل حصتها من سوق أجهزة تحديد المواقع من الفضاء .

ومن هذا المنطلق صمم مشروع جاليليو ليكون البديل الأوروبي للنظام الأميركي .

وبفضل جاليليو وGPS (النظامين سيكونان منسجمين)، يمكن - على سبيل المثال - العثور على حاوية مفقودة أو سيارة مسروقة أو تحديد الوقت المتبقي قبل مرور حافلة , أو متابعة تحركات شخص مراقب يحمل سوارا إلكترونيا أو إنقاذ تائه .

وللدلالة على أهمية هذا النظام , بدأت روسيا العمل على نظامها الخاص الذي يحمل اسم (جلوناس)، وأعلنت موسكو الشهر الماضي إطلاق ثلاثة أقمار جديدة .. ليرتفع عدد الأقمار الموجودة في المدار إلى 17 . وقد طلب الرئيس الروسي / فلاديمير بوتين من الحكومة تسريع العمل حتى يمكن تشغيل النظام قبل عام 2008.

وتتوقع وكالة الفضاء الأوروبية أن يصل عدد مستخدمي النظام إلى 1.8 مليار شخص عام 2010 وإلى 3.6 مليارات عام 2020. وفي ذلك التاريخ يتوقع أن يبلغ حجم السوق العالمية لهذه الخدمات أكثر من 250 مليار يورو.

ويشكل نجاح وضع قمر GIOVE A في المدار على متن الصاروخ الروسي سويوز, خاتمة لسنة جيدة بالنسبة لبرامج الفضاء الأوروبية, كما قال جان إيف لو غال المدير العام لأريان إسباس وستارسم, الشركة الروسية الأوروبية المكلفة تسويق صواريخ سويوز. ونجحت الشركتان عام 2005 في وضع 11 قمرا في المدار بلا إخفاقات.

جاليليو عالم الفيزياء
وجاليليو الذي اطلق اسمه على النظام الجديد هو عالم فيزيائي وفلكي إيطالي  عاش مابين (1564-1642م).. من إسهاماته اختراع المرصد الفلكي واكتشاف البقع الشمسية، وقد اعتبر جاليليو زعيما للحرب من أجل حرية البحث العلمي التي شنت ضد السلطة الحاكمة. درس الطب قبل أن يتحول إلى الفلسفة والرياضيات، وتخصص في أدوات الحساب والقياس الدقيقة، واخترع عام 1609 جهاز التليسكوب مكبرا عشرين مرة .
هذا، وقد أصدرت الكنيسة - نتيجة لأبحاثه العلمية المخالفة لتعاليمها - قرارا بإعدامه .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة