- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:المقالات
صلاة الله وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله، يا نبي الرحمة والهدى، يا من أرسلك الله رحمة للعالمين {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}[الأنبياء:107]، فأنت رحمة مهداة ونعمة مسداة، كما أخبرت بقولك: "إنما أنا رحمة مهداة"؛ كأن الرحمة اجتمعت وتمثلت فكنت أنت هي وهي أنت .
فبعثتك رحمة ، هدى الله بك من الضلال، وأنار بك من الظلمات، وأحيى بك من موات، كيف كان العالم قبل بعثتك، ثم كيف صار بنور هدايتك؟
حديثك رحمة يا من قلت " الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".
سيرتك رحمة يا من عفوت عمن ظلم ووصلت من قطع و أعطيت من منع
نعم أنت رحمة و الدين الذي بعثت به رحمة ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) ، والكتاب الذي أنزله الله عليك هدى ورحمة {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}[الإسراء:82].
سماك الله يا سيدي رءوفا رحيما {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}[التوبة:128].
فكنت رحيما بأصحابك رفيقا حتى بأعدائك، حريصا على هدايتهم. {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين}[الشعراء:3]. {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}[آل عمران:159].
كان همك الأكبر ومقصودك الأعظم هداية الناس ونفعهم، رحمة بهم، وشفقة عليهم من غضب الله، ومن يحلل عليه غضب الله فقد هوى .
لما قيل له ادع على المشركين فقال: "إنما بعثت رحمة ولم أبعث لعانا" ، ولما جاءه الطفيل بن عمرو يطلب منه أن يدعو على دوس فقال: "اللهم اهد دوسا وائت بهم".
ولما جاءه ملك الجبال يريد أن يهلك أهل مكة الذي آذوه وأصحابه بعد رجوعه من الطائف فقال: "لا لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا".
ودعا لقومه واعتذر عنهم بعد أن شجوا رأسه وكسروا سنه في غزوة أحد فقال: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
ولما قال سعد بن عبادة وهو رافع لأحد الرايات في جيش فتح مكة: اليوم يوم الملحمة. فأخذ منه صلى الله عليه وسلم الراية وأعطاه لولده قيس وقال: "بل اليوم يوم المرحمة". وأمر الجيش ألا يقاتل إلا من قاتله، ودخل مكة فاتحا منصورا يحمد الله على نصره ويشكره على فضله، وتمكن من أعداء الأمس الذين أخرجوه وأصحابه وأخذوا أموالهم وسفكوا دماء بعضهم، لكنه صلى الله عليه وسلم يريد لهم الخير و الهداية، فسامحهم وعفا عنهم وقال لهم: "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الرحمين، اذهبوا فأنتم الطلقاء". فكان ذلك سببا في إسلام الجم الغفير ، وكم للعفو والسماحة من أثر بالغ في قلوب البشر ، فأي عفوا هذا وأية رحمة تلك وأي كظم للغيظ هذا الذي لم تعرف له البشرية على طول الزمان وعرضه مثيلا ؟
وقبلت ياسيدي إسلام وحشي بن حرب قاتل عمك حمزة وإسلام عكرمة بن أبي جهل وهبار بن الأسود وكعب بن زهير وغيرهم ممن كان لهم جرائم في حق الإسلام ورسوله والمسلمين، فصلاة الله وسلامه عليك بأبي أنت وأمي، وصدق الله إذ قال {وإنك لعلى خلق عظيم}[القلم:4].
هؤلاء الجاهلون – والناس أعداء ما جهلوا – الذين رسموا هذه الرسوم الوقحة بالدانمارك – تبت أيديهم – ما عرفوا سيرته وما قرأوا شيئا عن الإسلام، ووالله لو عرفوا سيرته ومواقفه ما فعلوا مافعلوا ، إن كانوا طلاب حق وأهل إنصاف.
لو نظروا في دولة الإسلام الأولى بالمدنية لعلموا أنها إنما قامت بالدعوة وافتتاح القلوب وهداية النفوس، ولعلموا أن الإسلام دين خير ورحمة ورسالة بر وسلام للعالمين، جاء الإسلام بالتوحيد والعفاف والصلة والإحسان إلى الخلق بعد أن كان المشركون يعبدون الأصنام ويئدون البنات وهن أحياء، ويشربون الخمور، ويتقاتلون لأتفه الأسباب، ضلال في التصور، وضلال في العقيدة، وضلال في السلوك والأخلاق، فدعاهم صلوات ربي وسلامه عليه بالحكمة والموعظة الحسنة وصبر وصابر، وأمر أصحابه بالصبر على أذى المشركين ، فقد آذوهم إيذاء شديدا، وعذبوهم عذابا كبيرا، كما حصل لبلال وياسر وسمية وعمار وغيرهم، وأخرجوهم من ديارهم، وأخذوا أموال بعضهم، وحتى بعد أن هاجر إلى المدينة صلوات ربي وسلامه عليه لم يتركوه وأصحابه، بل حزبوا الأحزاب، وجمعوا الجموع، لمقاتلته وأصحابه في المدينة، لكن الله سبحانه رد كيدهم في نحورهم ورجعوا خائبين خاسرين.
وفي المدينة عاهد الطوائف اليهودية التي كانت فيها فلم يفوا بالعهد وغدروا في أحلك الظروف، فما كان من بد في التعرض لهم وحماية الناس من شرهم، حتى أهل النفاق الذين هم أخطر الأعداء على الإسلام والمسلمين على معرفته بهم، إلا أنه لم يتعرض لهم خشية أن يتحدث الناس أن محمدا صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه، فقدم ترك معاملة المنافق بل رأس النفاق بما يستحقه من العقوبة بل عامله بضد ذلك إلى أن مات بل بعد ما مات أيضا ولكن مصلحة الرحمة للعالمين، ونشر الحق بينهم وتأليفهم عليه وترغيبهم في قبوله كانت هي المقدمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي المقدمة عند أتباعه الواردين عليه حوضه إن شاء الله تعالى ، فقال: "إن الله خيرني – يعني قول الله تعالى {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم}[التوبة:80] فقال: سأزيد على السبعين حتى نهى عن ذلك بقوله سبحانه:(ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) (التوبة:84)
ومن تأمل في سيرته ومواقفه مع أعدائه يعلم أنه صلى الله عليه وسلم ما تطلع أبدا وما بدأ قتالهم ؛ بل يجد أنهم هم البادئون، أو أنهم نقضوا العهد ابتداء، أو تحرشوا بالدولة الإسلامية، أو أحد رعاياها، ولو أحصى المنصف والمدقق من أهل السير والتاريخ عدد القتلى في معارك الإسلام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحصى ضحايا الحرب العالمية الأولى والثانية لعلم علم اليقين أين الإرهاب، وأين يسكن؟
يذكر المتخصصون أن ضحايا الحربين العالميتين حوالي 78 مليون من البشر منهم 44 مليون مدني !!!!! أبيدوا بأبشع أنواع الأسلحة، وسائلوا "هيروشيما وناجازاكي" ، سائلوا عن المجازر البشرية في صابرا وشاتيلا وقانا وما يفعله اليهود بالفلسطينين صباح مساء ، قتلوا الشيخ أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي ووووو ومع ذلك هم متحضرون!!!!
سائلوا الحروب الصليبية و محاكم التفتيش في أسبانيا والمجازر التي حدثت قريبا في البوسنة والهرسك وكوسوفا وووو ومع ذلك هم متحضرون !!!!
ولو أحصينا ضحايا الحرب الأفغانية و العراقية الأخيرتين من البشر لعلمنا أين الإرهاب و أين يسكن !!!
سيدي يا رسول الله أنت الرحمة المهداة والنعمة المسداة ، عصمك الله من الناس وكفاك المستهزئين فقال سبحانه ( إنا كفيناك المستهزئين) (الحجر:95) ، ( والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم)(التوبة: من الآية61) وقال سبحانه( إن شانئك هو الأبتر) (الكوثر:3) ، وقال جل شأنه ( فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) (البقرة:137)
، وقال سبحانه ( وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما)(النساء: من الآية113) .