- اسم الكاتب:محمد صلاح الدين
- التصنيف:المقالات
في غمرة الصراع الدموي الذي أوقدت حروبه بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، العصبة الصهيونية الحاكمة في البيت الأبيض، وأصبحت تكتوي به الأمة في كل جنباتها، لابد أن نتذكر دائما أن المجتمعات الغربية كلها، مليئة بالرجال والنساء من أهل الاعتدال والاستقامة والعدل، الذين يشهدون بالحق ولو على أنفسهم، والذين يعبرون عن ضمير حي وإخلاص بين ومحبة وتقدير عميقين للآخرين.
في طليعة هؤلاء الفيلسوف الفرنسي المعروف ريجيس دوبريه، الذي أدلى بشهادة حق مدوية، في موضوع الإساءة للرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه، في حديث أدلى به للمجلة الفرنسية الأسبوعية " لونوفيل أوبسرفاتور" ونقلته الزميلة ( الوطن ) الغراء.
حرية التعبير ليست مطلقة
لقد اعتبر دوبريه أن النهج الفكري الأوروبي لا زال استعماريا في جوهره، وطالب الأوروبيين بالتخلي عن محاولات فرض أفكارهم على عالم يقوم فيه الدين بالدور الأكبر، وذكر دوبريه بأن حرية التعبير ليست مطلقة في أوروبا، فالمادة الحادية عشرة من شرعة حقوق الإنسان لعام 1789 ( عام الثورة الفرنسية ) تنص على أن: لكل مواطن الحق في التعبير عن آرائه بحرية، على ألا تتجاوز الحدود التي نص عليها القانون.
حدود ومحرمات
ويوضح دوبريه أن قانون عام 1881 ( العلمنة وفصل الدين عن الدولة في فرنسا ) يضم عددا كبيرا من الملاحق والموانع والمحرمات التي أقر بها الفرنسيون والغرب عموما، مثل حماية القاصرين، والسر الطبي، واحترام الحياة الشخصية، ومنع التحريض على الحقد العرفي والديني، والشتم والقدح والذم، والإدلاء بتصريحات معادية لليهودية أو مبغضة للنساء، فحدود حرية التعبير تقف عند احترام حقوق الآخرين، ويقول دوبريه مضيفا: يجب الامتناع عن الاغترار بأسطورة الحرية المطلقة، ولنذكر بأن حريتنا النسبية الراهنة هي ثمرة ثلاثة قرون من الحروب الأهلية.
ويجدد دوبريه تمسكه بحرية التعبير النسبية، ويدعو الغرب إلى تجنب فرض نمط تفكيره، ويقول: لقد خلعنا الخوذة، ولكن تفكيرنا بقي استعماريا، ويضيف دوبره موضحا نريد أن يكون العالم شبيها بنا وإلا حكمنا عليه بالتخلف والبربرية، ويضيف أن هذا العيب الحسي التاريخي لدى الفوضويين والإباحيين في بلداننا يتحدر من ضمير محض استعماري.
ويختتم حديثه بالقول: عندما نحترم عقيدة الآخرين نستطيع أن نطالبهم باحترام عقائدنا، فلنكف عن الادعاء بأننا حماة العدالة والحداثة، الغرب يفاخر بنظامه المتعدد النقدي، ولكنه يرفض التحاور إلا مع نفسه أو مع شرقيين ذوي ثقافة غربية نوكل اليهم مهمة إخبارنا بما نحب سماعه.
ويدعو دوبريه الى عدم خلط الدين مع الطائفية، ويذكر بأن كافة المجتمعات دون استثناء لديها مقدساتها التي تحرم المس بها، وإذا كانت أوروبا رفعت القدسية عن الدين، إلا أنها صبغتها على أشياء أخرى مثل المحرقة اليهودية والطفولة والمساواة بين البشر، وهي تعتبر كل من ينتهكها بمثابة من يدنس المقدسات. ( الوطن 21/1/1427).
شهادة بالغة الدلالة
تلك شهادة صدق بالغة الدلالة والعمق، قدمت أمثالها في أمريكا وكل البلدان الأوروبية مؤسسات كبرى كالكنائس، وقادة بارزون في السياسة والفكر والإعلام، كما حدث في سويسرا حيث أصدر مجلس اتحاد الكنائس البروتستانتية بيانا استنكر فيه الرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقال المجلس "إن حرية التعبير لا تتضمن حق الاعتداء على المشاعر الدينية للآخرين، وإذا كان احترام حرية الصحافة حقا مقدسا، فالأديان جديرة بالاحترام أيضا، وأن الاعتدال واحترام الرموز الدينية ينبغي أن يعلو فوق حرية التعبير والصحافة" ا هـ .
الواجب عليهم
ويتبقى على الحكومات والبرلمانات وأجهزة الإعلام في الغرب، أن تسن من القوانين وتتخذ من التدابير، ما يحول دون تفجير صدامات عالمية وحركات هدم عنصرية، من قبل حثالات غير مسؤولة وعناصر مشبوهة مأجورة، بدعوى حرية التعبير وأمثالها من الدعاوى الكاذبة المفضوحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصريون "بتصرف"