اختيار الزوجة

1 1285

دعا الإسلام أتباعه إلى الزواج ، وحرم الرهبانية ، وجعل التزوج سنة من سننه ، وأباح الزواج من الكتابية ، وسهل أمور الزواج ولم يعقدها. ورغب ترغيبا شديدا في حسن الاختيار ، وأن يكون التخير من المسلمات ، وجعل الأساس الأفضـل والقياس المفضل هو التدين .
عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) عن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أنه قال :
[ تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين . تربت يداك ] متفق عليه .

لقد ذكر رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ مرغبات الزواج من المرأة عادة فقرر أنها أربعة : وهي المال والحسب والجمال والدين .
وحض على أن يكون المقياس المرغب في الزواج هو الدين . ولعمري إن ذلك هو الحق الذي تعضده أحداث الحياة في واقع الناس .
· فالمال عرض زائل ، وعارية موقوتة .. فكم من الأغنياء أصبحوا فقراء بين عشية وضحاها ، وكم من الفقراء أصبحوا أغنياء بين طرفة عين وانتباهتها ، إن المال يتهدده الزوال السريع .

هذا وما علاقة السعادة بالمال ؟ إن هناك وهما كبيرا يسيطر على كثير من الناس ، يحسبون السعادة قائمة على الغنى والمال .والحقيقة أن المال لا يوجد السعادة .. بل قد يعين على تحقق السعادة إن كانت هي موجودة .
إنها إن لم تكن نابعة من أعماق النفس بسبب الرضى والقناعة والمعاشرة الحلوة فإن المال لا يوجدها أبدا .
· والجمال مهما كان رائعا فهو موقوت بالصحة والشباب ، وسرعان ما يذبل ويذوي مع تقدم السن ، وطروء المرض ، وتكرار الحمل والولادة .

تصور يا سيدي أنك تزوجت ملكة جمال الكون ، وليس بينك وبينها تفاهم : فماذا أنت مستفيد من هذا الجمال ؟ إن الجمال ربما يعرض صاحبته إلى الغرور والفتنة والتعالي وشراسة الخلق .. ليس الجمال بحد ذاته عيبا ولا نقيصه ، وهو إن اجتمع مع الخلق والدين كان خيرا إلى خير ، ولكنه وحده لا يحقق السعادة بل  ولا المتعة . ولله در القائل :
إذا أخو الحسن أضحى فعله سمجا     رأيت صورته من أقبح الصور
وهبه كالشمـس في حسن ألم ترنا     نفر منها إذا مالت إلى الضرر؟! 

والحسب أمر عرفي .. فالوجيه في قوم ربما كان في نظر آخرين وضيعا ، وهو لا يغني عن العمل الصالح ولا الخلق شيئا ، [ ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ] . والحسب لا يتغير في ذاته كما يتغير المال والجمال ، ولكنه يتغير في نظر الآخرين
- كما أشرنا إلى ذلك آنفا - فما كان مزية في الحسب عند إنسـان قد يكون نقيصه في نظر آخرين .
والحسب الرفيع إن اجتمع مع الخلق السمح ، والتدين الصادق ، كان خيرا وبركة . ورسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ يقول : [ الناس معادن: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ] .

أما التدين بالإسلام - التدين الحق - فهو أمر لا يتغير ولا يختلف .
إن التدين الحق من الزوجة لا يعرض الزوج إلى الأزمات بكل أنواعها.. إنها تحفظه في عرضها ، وفي ماله ، وفي أولاده ..
إنها تشجعه على كل أنواع البر والصلاح والتقوى .. إنها تكون عونا له على بر والديه.. وعلى بـذل النفقة للمحتاجين والمعوزين .. إنها تنظر إليه نظـرة ملؤها الحب والرحمة والمودة والحنان .. إنها تطيعه في كل ما يأمر به -إلا أن يأمر بمعصية إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وتكون عونا له على ما يلقى من الشدائد والصعوبات ، والأزمات والعقبات .. إنها تحس بأن الذي يتعرض له من الضيق أمر يهددها هي بالذات ، وتشعره بأنه ليس وحده يعاني ما يعاني .. وكم يخفف من وقع المصيبة أن يرى المصاب من يشاركه شعوره نحوها بصدق وأمانة ، وأن يرى أن معه من يقف موقفه تثبيتا وتأييدا ودعما ومشورة .

وتكاد تختفي من حياة زوج ذات الدين المشكلات تماما ، ذلك لأنه ما من مشكلة إلا ولها حل في الإسلام ، فإذا كانت تقوم بواجبها بصـدق وحماسة خيمت على البيت سحائب السعادة والسرور .
والناس يحيون بالمعاني .. ويلتذون بالعواطف .. ويسعدون بالمشاعر أكثر من الأمور المادية الحسية .
إن هذا كله يدعو العاقل من المسلمين ألا يقدم على الدين في المرأة عاملا آخر .

                                                       

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة