- اسم الكاتب:رفعت مرسي طاحون
- التصنيف:المقالات
بدأت في أوروبا خلال الفترة الأخيرة هجمة شرسة ضد الإسلام ، فقد صدر أخيرا آلاف الكتب التي تهاجم الدين الإسلامي ، وسبب هذه الهجوم أن عدد الذين يعتنقون الإسلام في دول أوروبا زاد زيادة كبيرة ، وشعرت أوروبا بنوع من الخطر تجاه هذه الزيادة
أدلة العدوان على الإسلام :
ومن الأدلة على العدوانية الغربية التي تستهدف الإسلام وأهله قديمـا وحديثـا ، ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق "ريتشارد نيكسون" في كتابه الأخير "اقتناص اللحظة " ص : 195 " : " يحذر بعض المراقبين من أن الإسلام سوف يكون قوة جغرافية متعصبة ومتراصة ، وأن نمو عدد أتباعه ، ونمو قوته المالية سوف يفرضان تحديـا رئيسيـا ، وأن الغرب سوف يضطر لتشكيل حلف جديد مع موسكو من أجل مواجهة عالم إسلامي معاد وعنيف " .. ويضيف نيكسون : " إن الإسلام و الغرب على تضاد ، وأن المسلمين ينظرون إلى العالم على أنه يتألف من معسكرين لا يمكن الجمع بينهما ، دار الإسلام ودار الحرب " . ، وأنه بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي ، وانحلال حلف "وارسو " جرى تصعيد متعمد للعدوانية الغربية ضد الإسلام ، حتى إن مدير معهد " بروكنغر " في واشنطون " هيلموت سونفيل " يقول : " إن ملف شمال الأطلسي سوف يعيش ، وأن حلف الغرب سيبقى مجموعة دول لها قيم أساسية مشتركة ، وستبقى هذه المجموعة متماسكة معـا من خلال الشعور بخطر خارجي من الفوضى أو التطرف الإسلامي " .
ويقول وزير الخارجية الأمريكية الأسبق "هنري كيسنجر" في إبريل سنة "1990م "في خطابه أمام المؤتمر السنوي لغرفة التجارة الدولية : " إن الجبهة الجديدة التي على الغرب مواجهتها هي العالم الإسلامي ، باعتبار هذا العالم العدو الجديد للغرب ، وأن حلف الأطلسي باق رغم انخفاض حدة التوتر بين الشرق والغرب في أوروبا ، ذلك أن أكثر الأخطار المهددة للغرب في السنوات القادمة آتية من خارج أوروبا ، وفي نهاية التسعينيات فإن أخطر التحديات للغرب ستأتي من ناحية الجنوب ـ أي المغرب العربي ـ والشرق الأوسط " .
سلاح العدوان على الإسلام :
وهنا أخذت أوروبا بتجنيد المستشرقين ليكتبوا ضد الإسلام ، فالإستشراق لم يكن في أي وقت من الأوقات مجرد بحث علمي كما ينظر إليه بعض المتساهلين ، بل يخدم بدرجة أولى ونهائية موقف التعبئة الشاملة لدراسة " العدو الإسلامي " ، والنفاذ إليه " فالقلم والفكر والسلاح " كلها مداخل أساسية اعتمد عليها الاستعمار التقليدي والجديد على حد سواء لتطويق العالم الإسلامي ، وفرض الهيمنة عليه ، ولذلك ما إن انتهت مرحلة الاستعمار القديم وأنماطه حتى ظهر نجم الإستشراق الذي لا يعيش إلا في ظل الحرب ، ولكنه تحول إلى قطاعات ووسائل أخرى تتصل بميادين التبشير والإعلام ، وهذا ما يفسر لنا الحملات الشعواء التي يرفعها الإعلام الغربي باستمرار على الإسلام والمسلمين ، أو المطبوعات الغزيرة التي تنهض بها الجامعات بنية إثارة الشكوك والتشويه .
وتركيز المستشرقين في الهجوم على الإسلام يتم من ناحية المرأة في كثير من النواحي ، فقد حاول أعداء الإسلام النيل من نظام الإرث ومهاجمته ، واستدلوا في هجومهم على أن المرأة ظلت فيه مظلومة ؛ لأن للذكر مثل حظ الأنثيين ، واستغلوا هذه القسمة وادعوا على الله كذبـا أنها قسمة غير عادلة ، وأن الإسلام قد فضل فيها الإبن على حساب حق البنت ، وأن ذلك يتنافى مع مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام ، ولذلك ظهرت في عالمنا الإسلامي حركات التحرر والسفور ، تريد بها المرأة رفع ما وقع عليها من ظلم ، سواء أكان ذلك حقيقة أو شعورا خاصـا بها ، وتسعى لنيل ما حرمت منه من حقوق ، إما أن يكون الدين قد كفلها لها ، وإما أن تكون حقوقـا رأت غيرها من النساء نالتها ، أو تسعى لنيلها بصرف النظر عن مشروعيتها ، وتبغي بحركتها هذه المساواة مع الرجل في كل ما يتمتع به من حقوق أو في أغلبها على حسب ما تراه هي .
ومن المؤسف أن بعض الدول الإسلامية الحاضرة جرت وراء التقليد واستجابت لصيحات النساء المتحررات ، فقضت بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث ، وهو خروج على أمر الله ليس له فيما أعلم أية شبهة يمكن الاستناد إليها ، وقد مرت قرون طويلة على المسلمين ، وهم لا يبغون بشرع الله بديلا .
مهاجمة نظام المواريث الإسلامي :
إن أعداء الإسلام الذين يهاجمون نظام الإرث في الإسلام ، ويدعون أن المرأة مظلومة ؛ لأن للذكر مثل حظ الانثيين ، فهذا ادعاء باطل ومردود عليه ، ولم يقصد به إلا الهجوم غير القائم على أساس من منطق أو تفكير ، فنظام الإرث في الإسلام نظام مثالي ، فهو إذ يقرر للمرأة نصف نصيب الرجل ، فإنه قد حقق العدالة الاجتماعية بينهما .
فالمرأة قديمـا كانت تباع وتشترى ، فلا إرث لها ولا ملك ، وإن بعض الطوائف اليهودية كانت تمنع المرأة من الميراث مع إخوتها الذكور ، وإن الزوجة كانت تباع في إنجلترا حتى القرن الحادي عشر ، وفي سنة " 1567م " صدر قرار من البرلمان الاسكتلندي يحظر على المرأة أن يكون لها سلطة على شيء من الأشياء .
أما عرب الجاهلية فقد وضعوا المرأة في أخس وأحقر مكان في المجتمع ، فكانت توأد طفلة وتورث المرأة كما يورث المتاع ، وكانوا لا يورثون النساء والأطفال ، حيث كان أساس التوريث عندهم الرجولة والفحولة والقوة ، فورثوا الأقوى والأقدر من الرجال على الذود عن الديار ؛ لأنهم كانوا يميلون إلى الفروسية والحرب ، وكانوا أهل كر وفر وغارات من أجل الغنائم .
نظام الإرث في الإسلام مثالي
إن الإسلام عامل المرأة معاملة كريمة وأنصفها بما لا تجد له مثيلا في القديم ولا الحديث ؛ حيث حدد لها نصيبـا في الميراث سواء قل الإرث أو كثر ، حسب درجة قرابتها للميت ، فالأم والزوجة والإبنة ، والأخوات الشقيقات والأخوات لأب وبنات الإبن والجدة ، لهن نصيب مفروض من التركة .
قال تعالى : (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا)[النساء/7] ، وبهذا المبدأ أعطى الإسلام منذ أربعة عشر قرنا حق النساء في الإرث كالرجال ، أعطاهن نصيبـا مفروضـا ، وكفى هذا إنصافـا للمرأة حين قرر مبدأ المساواة في الاستحقاق ، والإسلام لم يكن جائرا أو مجاوزا لحدود العدالة ، ولا يحابي جنسـا على حساب جنس آخر حينما جعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل ، كما في قوله تعالى : (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما)[النساء/11] .
فالتشريع الإسلامي وضعه رب العالمين الذي خلق الرجل والمرأة ، وهو العليم الخبير بما يصلح شأنهم من تشريعات ، وليس لله مصلحة في تمييز الرجل على المرأة أو المرأة على الرجل ، قال تعالى : (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد)[فاطر/15] .
فقد حفظ الإسلام حق المرأة على أساس من العدل والإنصاف والموازنة ، فنظر إلى واجبات المرأة والتزامات الرجل ، وقارن بينهما ، ثم بين نصيب كل واحد من العدل أن يأخذ الابن " الرجل " ضعف الإبنة " المرأة " للأسباب التالية :
1- فالرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة مطلقـا .
فالرجل يدفع المهر ، يقول تعالى : (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة)[النساء/4] ، [ نحلة : أي فريضة مسماة يمنحها الرجل المرأة عن طيب نفس كما يمنح المنحة ويعطي النحلة طيبة بها نفسه ] ، والمهر حق خالص للزوجة وحدها لا يشاركها فيه أحد فتتصرف فيه كما تتصرف في أموالها الأخرى كما تشاء متى كانت بالغة عاقلة رشيدة .
2- والرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده ؛ لأن الإسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل ولا على البيت حتى ولو كانت غنية إلا أن تتطوع بمالها عن طيب نفس
يقول الله تعالى : (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها…)[الطلاق/7] ، وقوله تعالى : (…وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف …)[البقرة/233] .
وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع عن جابر رضي الله عنه : " اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بكلمة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .
والرجل مكلف أيضـا بجانب النفقة على الأهل بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته ، حيث يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءا منه أو امتدادا له أو عاصبـا من عصبته ، ولذلك حينما تتخلف هذه الاعتبارات كما هي الحال في شأن توريث الإخوة والأخوات لأم ، نجد أن الشارع الحكيم قد سوى بين نصيب الذكر ونصيب الأنثى منهم في الميراث قال تعالى : (…وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث…)[النساء/12] .
فالتسوية هنا بين الذكور والإناث في الميراث ، لأنهم يدلون إلى الميت بالأم ، فأصل توريثهم هنا الرحم ، وليسوا عصبة لمورثهم حتى يكون الرجل إمتدادا له من دون المرأة ، فليست هناك مسؤوليات ولا أعباء تقع على كاهله .
بينما المرأة مكفية المؤونة والحاجة ، فنفقتها واجبة على ابنها أو أبيها أو أخيها شريكها في الميراث أو عمها أو غيرهم من الأقارب .
مما سبق نستنتج أن المرأة غمرت برحمة الإسلام وفضله فوق ما كانت تتصور بالرغم من أن الإسلام أعطى الذكر ضعف الأنثى ـ فهي مرفهة ومنعمة أكثر من الرجل ، لأنها تشاركه في الإرث دون أن تتحمل تبعات ، فهي تأخذ ولا تعطي وتغنم ولا تغرم ، وتدخر المال دون أن تدفع شيئـا من النفقات أو تشارك الرجل في تكاليف العيش ومتطلبات الحياة ، ولربما تقوم بتنمية مالها في حين أن ما ينفقه أخوها وفاء بالالتزامات الشرعية قد يستغرق الجزء الأكبر من نصيبه في الميراث.
وهنا يجب أن يكون السؤال : لماذا أنصف الله المرأة ؟
والإجابة : لأن المرأة عرض فصانها ، إن لم تتزوج تجد ما تنفقه ، وإن تزوجت فهذا فضل من الله .
وتفوق الرجل على المرأة في الميراث ليس في كل الأحوال ، ففي بعض الأحوال تساويه ، وفي بعض الأحيان قد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث ، وقد ترث الأنثى والذكر لا يرث .
متى تحصل المرأة على نصف نصيب الرجل ؟
المرأة لا تحصل على نصف نصيب الرجل إلا إذا كانا متساويين في الدرجة ، والسبب الذي يتصل به كل منهما إلى الميت .
فمثلا : الإبن والبنت … والأخ والأخت ، يكون نصيب الرجل هنا ضعف نصيب المرأة ، قال تعالى : (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين…)[النساء/11] .
وقال تعالى : (…وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم)[النساء/176] .
متى تتساوى المرأة والرجل في الميراث
1 ــ في ميراث الأب والأم فإن لكل واحد منهما السدس ، إن كان للميت فرع وإرث مذكر وهو الابن وإبن الإبن وإن سفل .
كما في قوله تعالى : (…ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد…)[النساء/11]
مثال : مات شخص وترك " أب ، وأم ، وإبن " فما نصيب كل منهم ؟
الحل : الأب : 6/1 فرضـا لوجود النوع الوارث المذكر .
الأم : 6/1 فرضـا لوجود الفرع الوارث .
الإبن : : الباقي تعصيبـا ، لما روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : " ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فلأولى رجل ذكر " .
2 ــ ويكون ميراث الأخوة لأم ـ ذكرهم وأنثاهم ـ سواء في الميراث ، فالذكر يأخذ مثل نصيب الأنثى في حالة إذا لم يكن للميت فرع وارث مذكر ذكرا أو مؤنثا ، أو أصل وارث مذكرا " الأب أو الجد وإن علا " ، كما قال تعالى : ( …وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث…)[النساء/12] .
مثال : مات شخص عن " أخت شقيقة ، وأم ، وأخ وأخت لأم " فما نصيب كل منهم ؟
الحل : الأخت الشقيقة : 2/1 فرضـا ، لانفرادها ولعدم وجود أعلا منها درجة ، ولعدم وجود من يعصبها .
الأم : 6/1 فرضـا ، لوجود عدد من الأخوة .
الأخ والأخت لأم : 3/1 فرضـا بالتساوي بينهما .
متى تتفوق المرأة على الرجل في الميراث
- هناك صور من الميراث تأخذ فيه المرأة أضعاف الرجل ، كما في قوله تعالى : (…فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد )[النساء/11] .
فهنا الأب يأخذ السدس ، وهو أقل بكثير مما أخذت البنت أو البنات ، ومع ذلك لم يقل أحد إن كرامة الأب منقوصة بهذا الميراث .
وقد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث إذا كانت في درجة متقدمة كـ " البنت مع الأخوة الأشقاء ، أو الأب والبنت مع الأعمام " .
مثال : مات شخص عن " بنت وأخوين شقيقين " ، فما نصيب كل منهم ؟
الحل : البنت : 2/1 فرضـا لانفرادها ، ولعدم وجود من يعصبها .
الأخوان الشقيقان : الباقي تعصيبـا بالتساوي بينهما ، فيكون نصيب كل أخ شقيق 4/1 ، وهنا يكون نصيب أقل من الأنثى .
مثال آخر : مات شخص عن بنتين ، وعمين شقيقين ، فما نصيب كل منهم ؟
الحل : البنتان : 3/2 فرضـا لتعددهن ، ولعدم وجود من يعصبهن بالتساوي بينهما ، فيكون نصيب كل بنت = 3/1 فرضـا .
العمان الشقيقان : الباقي تعصبـا ، فيكون نصيب كل عم = 6/1 ، وهنا يكون نصيب الذكر أقل من الأنثى .
متى ترث الأنثى ولايرث الذكر ؟
وقد ترث الأنثى والذكر لا يرث في بعض الصور :
مثال : مات شخص عن ابن ، وبنت ، وأخوين شقيقين ، فما نصيب كل منهم ؟
الحل : الابن والبنت : لهما التركة كلها للذكر مثل حظ الأثنيين .
الأخوان الشقيقان : لا شيء لهما لحجبهما بالفرع الوارث المذكر ، وهنا نجد أن الأنثى " البنت " ترث ، والذكر " الأخ الشقيق " لا يرث .