- اسم الكاتب:مجلة الوعي الإسلامي
- التصنيف:معاً .. نربي ونعلم
تعتبر مرحلة الطفولة من أهم المراحل في حياة الإنسان ، ففي هذه المرحلة تنمو قدرات الطفل ، وتتفتح مواهبه ، ويكون قابلا للتأثير والتوجيه والتشكيل .
ويؤكد علماء النفس أن الأسرة تكاد تكون الأداة الوحيدة ، التي تعمل على تشكيل الطفل إبان حياته الأولى ، فقد أثبتت الدراسات أن الطفل يكون بحاجة إلى أن ينمو في كنف أسرة مستقرة ، كما أثبتت حاجته إلى إخوة ينمون معه ويشاركونه حياته الأسرية ، فالأم تحتضن الطفل في مرحلة المهد ، ومنها يستمد شعوره بالأمن .. وعن طريق الأب يمكن للطفل أن يشبع الكثير من حاجاته ورغباته ، وأن ينال منه أيضـا العطف والتقدير والمحبة.
وتشير الدراسات في مجال التربية وعلم النفس إلى :
1- إن أهم عنصرين يجب أن تسودهما العلاقات المتزنة في الأسرة هما الزوج والزوجة ، ففي الأسرة المتزنة يكون كل من الوالدين مدركـا وواعيـا بحاجات الطفل السيكولوجية والعاطفية المرتبطة بنموه ، ومن أهم هذه الحاجات حاجة الطفل إلى الشعور بالأمن والطمأنينة ، والحاجة إلى التقدير والحب والثقة بالنفس ، والحاجة إلى الانتماء ، وإلى بناء علاقات اجتماعية ، والحاجة إلى العطف والتعليم والتوجيه .
2- يكون الأب مدركـا لما قد يكون من وراء سلوك طفله من رغبات ودوافع يعجز الطفل عن التعبير عنها بوضوح .
3- لا يكون الطفل مسرحـا يظهر عليه أحد الوالدين رغباته غير المشروعة كأن يستخدم في إيذاء وضرر الطرف الآخر ، أو الكيد له ، أو أن يضع في طفله محور صراع بينه وبين غيره من الكبار الذين يتصلون بالطفل .
4- يشعر الفرد بالحنو والأمان والاستقرار .. الأمر الذي يبعد عنه القلق والاضطراب ويفتح أمامه الطريق للتكيف النفسي السليم ويمكنه من أن ينمي قدراته وإمكاناته ، ليكون مواطنـا ناجحـا نافعـا ، سويـا .
وتقول د . " هدى قناوي " : " أصبح من المسلم به في الوقت الحاضر لدى علماء الصحة النفسية والباحثين في مجالها أن الاتجاهات التي تترك آثارا سلبية ، ويعزي إليها مستوى الصحة النفسية ، الذي يمكن أن تكون عليه شخصياتهم كراشدين فيما بعد هي :
1- التسلط : ويتمثل في فرض الأب أو الأم لرأيه على الطفل .. وهذا الاتجاه غالبـا ما يساعد على تكوين شخصية خائفة دائمـا ، خجولة وحساسة .
2- الحماية الزائدة : وتتمثل في قيام أحد الوالدين ، أو كلاهما نيابة عن الطفل بالواجبات أو المسؤوليات ، التي يمكن أن يقوم بها ، والتدخل في كل شؤونه ، فلا تتاح للطفل فرصة اتخاذ قرار لنفسه حتى في اختيار ملابسه وأصدقائه .
3- الإهمال : ويتضح في صورتين : صورة لا مبالاة ، وصورة أخرى هي عدم إثابة للسلوك المرغوب فيه .. والنتيجة شخصية قلقة مترددة ، تتخبط في سلوكها ، شخصية متسيبة غير منضبطة في أي عمل .
4- التدليل : ويتمثل في تشجيع الطفل على تحقيق معظم رغباته بالشكل الذي يحلو له وعدم توجيهه لتحمل أية مسؤولية تتناسب مع مرحلة النمو التي يمر بها .
5- القسوة : وتتمثل في استخدام أساليب العقاب البدني " الضرب " والتهديد به ، والنتيجة شخصية عدوانية .
6- التفرقة : بمعنى عدم المساواة بين الأبناء جميعـا ، والنتيجة شخصية أنانية حاقدة تعودت أن تأخذ دون أن تعطي .. تحب أن تستحوذ على كل شيء لنفسها .
وفي رأي د " جلاس توم " أن أهم العوامل الأساسية اللازمة لتحقيق التوافق السليم بين الصغير وأهله تتلخص فيما يلي :
1- ينبغي أن يتعلم الطفل منذ وقت مبكر جدا أن الأمور لا يمكن أن تسير وفق هواه ، ومن ثم وجب ألا نعطيه كلما يطلب أو يريد ، إذ لابد أن يتعود إغفال بعض رغباته ، وأن يتعود العطاء ، وهو يود لو يأخذ ، وأن يقسم لعبه ويشاطر زملاءه إياها .
2- من الخير أن يتجنب على الدوام أن نرشو الطفل ، وأن نبذل له من الوعود ما نعرف أننا لن نستطيع الوفاء به .
3- الأمر الطبيعي السوي هو أن يستكمل الطفل استقلاله ، ويتحمل المسؤولية كاملة في سن مبكرة ما أمكن التبكير بذلك ، ولندعه يحاول ، ويخفق ، إذا استلزم الأمر ذلك فإنه سوف يتعلم من أخطائه .
4- ينبغي أن يكون كلا الوالدين رفيقـا بالطفل صديقـا له ، موطنـا لثقته .
5- وقد يجدر أن نذكر هنا أن من القواعد الأساسية في تنشئة الأطفال أن الوالدين جبهة واحدة تعمل على توجيه الطفل ، فإذا ثار بينهما خلاف فليلتمسا له الحل بعيدا عن سمع الطفل .
كذلك يشير الدكتور " مختار حمزة " إلى واجبات الآباء " في رأيه " بشأن تربية وتنشئة أطفالهم وأهمها :
1- العمل على إعداد الطفل إعدادا يكفل له مواجهة واقع الحياة ، فلابد أن ينمو الطفل ، وقد تهيأ لمواجهة أحداث الحياة .
2- لابد أن يحاول الأب توزيع حبه وعطفه ورعايته على سائر الأبناء .. كبيرهم وصغيرهم
3- ينبغي على الآباء أن يوجهوا أبناءهم بشأن ما يرتكبون من أخطاء أو ما يبدو منهم من قصور ، بحيث يكون هذا التوجيه وقتيـا .. أي متعلقـا بالموقف القائم ، ولا يتعداه إلى غيره من مواقف .
4- يجب أن يكون للأبناء نصيب من وقت الآباء ، فلقد كثرت مشاغل الحياة في هذه الأيام ، وكثرت الأعباء الملقاة على عاتق الآباء ، فانصرفوا عن أبنائهم لا يعطونهم من الوقت والرعاية ما هو حق لهم .
وأصبح كثير من الأباء لا يساهمون مساهمة فعالة في الإشراف على أبنائهم ، مما قد تكون له آثاره السلبية على تنشئة هؤلاء الأبناء ، ويجب أن ندرك أهمية مباشرة الآباء لأبنائهم وإعطائهم من الوقت ما يمكن الابن من أن يتوحد بأبيه ، وأن يمتص عنه مثله ومبادئه .
5- يجب ألا يلقي الآباء أوامر أو نواه للأطفال بقصد منعهم من سلوك معين باستخدام الألفاظ الدالة على التحريم مثل " عيب " أو " لا يصح " في الوقت الذي لا يستطيع فيه الطفل إدراك معاني الأشياء .
6- كذلك يجب على الآباء ألا يفرضوا على أطفالهم التزامات جديدة بشكل مفاجئ ، بل يجب مراعاة التدرج في تحميلهم المسؤوليات ، أي أن يكون ذلك خطوة بخطوة بما يتناسب مع مستويات نموهم ، وفي الوقت الذي يصبحون فيه قادرين على الفهم والتمييز .
ويجب أن يكون الآباء قدوة لأبنائهم ، فكما نعرف شخصية الطفل إنما هي نتاج لتفاعله مع من يحيطون به ، ويبدأ هذا التفاعل أول ما يبدأ مع والديه .
ثم تبقى كلمة .. إن " البستاني " الحصيف لا يلوم إلا نفسه إن نبتت الشجرة التي يراعاها هزيلة ضعيفة.