لو بدأتِ بي

0 289


خرج الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر حجاجـا ، ففاتتهم أثقالهم فجاعوا وعطشوا فمروا بعجوز في خباء لها ؛ فقال أحدهم : هل من شراب ؟ قالت : نعم ، فأناخوا إليها وليس لها إلا شويهة ، فقالت : احلبوها فاشربوا لبنها ففعلوا .
فقالوا : هل من طعام ؟ قالت : لا ، إلا هذه الشاة فليذبحها أحدكم حتى أهيئ لكم ما تأكلون ، فقام إليها أحدهم فذبحها وكشطها ، ثم هيأت لهم طعامـا فأكلوا ، وأقاموا حتى أبردوا ، فلما ارتحلوا قالوا : نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه ، فإذا رجعنا سالمين فألمي بنا فإنا صانعون إليك خيرا وارتحلوا .
وأقبل زوجها ، فأخبرته بخبر القوم والشاة فغضب وقال : ويحك ! تذبحين شاتي لقوم لا أعرفهم ثم تقولين : نفر من قريش .
ثم بعد مدة ألجأتهما الحاجة إلى دخول المدينة فدخلاها ، وجعلا يلتقطان البعر ويعيشان بثمنه ، فمرت العجوز ببعض سكك المدينة ، فإذا الحسن بن علي واقف بباب داره ، فعرف العجوز ، فبعث إليها غلامه فدعا بها ، فقال لها : يا أمة الله ، أتعرفينني ؟ قالت : لا ، قال : أنا ضيفك بالأمس يوم كذا وكذا ! قالت : بأبي أنت وأمي !
ثم اشترى لها من شياه الصدقة ألف شاة ، وأمر لها بألف درهم ، وبعث بها مع غلامه إلى الحسين ، فأمر لها بمثل ذلك ، وبعث بها مع غلامه إلى عبد الله بن جعفر ، فقال لها : بكم وصلك الحسن والحسين ؟ قالت : بألفي درهم وألفي شاة فقال لها : لو بدأت بي لأتعبتهما في العطاء ، أعطوها عطيتهما ، فرجعت العجوز إلى زوجها بأربعة آلاف درهم وأربعة آلاف شاة .

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة