ظلم الأزواج للزوجات حقيقة أم خيال

0 810

قل أن تخلو المجتمعات من بعض الظواهر الاجتماعية السيئة حتى في الأزمنة الطاهرة أزمنة النبوات ، ومن هذه الظواهر السيئة على سبيل المثال المشاكل الأسرية والخلافات الزوجية ؛ حيث وقوع الظلم من الزوج للزوجة أو العكس ، أو وقوع الظلم على الأولاد من الزوجين أو العكس ، أو وقوع الظلم بين الأولاد أنفسهم .. وهكذا ، ولكن من خلال متابعتي للصحافة منذ مدة رأيت تركيزا على قضية ظلم الأزواج للزوجات سواء من قبل الكتاب أو الكاتبات أو رسامي الكاريكاتير ، حتى خيل لبعض القراء أنه لا يمكن أن يوجد بيت في بلدان المسلمين يعيش الحياة الزوجية المستقرة المطمئنة ، فأحببت أن أبدي وجهة نظري حيال هذا الموضوع فأقول :
1- إن من الثوابت التي ينبغي أن يفهمها ويحرص عليها المسلم المحب لمجتمعه وأمته المسلمة هو مفهوم (الأمن الاجتماعي) ومن متطلباته الاجتماع والوئام ووحدة الكلمة ، ومن متطلبات ذلك الكف عن إثارة الصراعات والنزاعات لتقوم الحياة على المودة والرحمة ( وجعل بينكم مودة ورحمة )(الروم/21) ، وعلى التكامل والتداخل والتشاور والتناصح ،وعلى المولاة الإيمانية والتعاون على مكارم الأعمال : (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم)(التوبة:71) .
2- إن ظلم بعض الأزواج للزوجات ووجود الصراع فيما بينهم أمر وارد ، بل هو موجود ؛ لكن بنظرة العقلاء المنصفين المتجردين من الهوى ، هل هو يشكل ظاهرة في مجتمعاتنا الإسلامية تستحق هذا الزخم من الطروحات ؟ أظن أن جواب المنصف المتجرد : (لا) بملء فيه .
3- إن عرض صور المجتمعات الغربية فيما يحدث بين الأزواج والزوجات هناك من الصراعات كأنموذج لمجتمعنا المسلم المحافظ أمر مرفوض من قبل العقلاء الصالحين ؛ لأن المجتمع هناك غالبه مبني على الخيانة والضياع الشقاق ، وما حادثة رئيس أكبر دولة في العالم منا ببعيدة ، وإليك بعض الإحصائيات مما تعانيه المرأة هناك ؛ فمثلا في بريطانيا تستقبل شرطة لندن وحدها مائة ألف مكالمة سنويـا من نساء يضربهن أزواجهن ، على مدار السنين الخمس عشرة الماضية ، وأن 79% من الأمريكيين يضربون زوجاتهم ، و     83% دخلن المستشفى سابقـا مرة واحدة على الأقل للعلاج من أثر الضرب ، وإن مائة ألف ألمانية يضربهن الرجال سنويـا ، ومليوني فرنسية يضربهن الرجال سنويـا .
كل هذا في أرقى المجتمعات كما يزعم ؛ فما بالك في المجتمعات الغربية الضعيفة والجاهلة ؟ بعد هذا ؛ هل يعقل أن تقاس مجتمعاتنا المسلمة الواعية بتلك المجتمعات التائهة الضائعة ؟
4- إن تكرار مثل هذه المعاني عبر الصور الكاريكاتيرية والكتابات والتحقيقات يحكي التعميم على كل طبقات المجتمع ، والتعميم في الأحكام دون علم وتدقيق أمر نهى عنه شرعنا الحكيم ؛ فما بالك في التعميم في أمر يخل بأمن البيوت ومن ثم أمن المجتمعات الإسلامية كلها ؟
5- إن الخلافات الزوجية سنة إلهية قديمة قدم البشرية يمتحن فيها الزوجان ، وقد نزلت آيات عديدة من أجلها ، بل سميت سور بها كسورة الطلاق مثلا ، فهل تضيق المجتمعات الإسلامية ذرعـا بكل مؤسساتها وأفرادها ببعض هذه الخلافات الطبيعية التي لها حل في شرعنا الكامل الشامل الموافق للفطرة حتى تعلن هزيمتها أمام الملأ ؟
6- إن الذين ينظرون هذه القضية " ظلم الأزواج للزوجات ووجود المشكلات والنزاعات " سواء من الكتاب أو الكاتبات أو رسامي الكاريكاتير لا يخرجون عن أحد صنفين :
أ - إما عن حسن نية وقصد للإصلاح وتنبيه بعض الأزواج لفداحة ما يقعون به ؛ فهم مأجورون إن شاء الله .
ب - أما الصنف الثاني فهم الذين يتخذون أفعال الخصومة والنزاع فيما بين النساء والرجال مطية ووسيلة إلى هدف آخر ممقوت وهو مناداة المرأة لإعلان التمرد على الأزواج ، ونفي القوامة الشرعية ! فهذه دعاية تصادم الشرع من أدعياء تحرير المرأة .
7- أقول لكل مسلم رضي بالله ربـا وبالإسلام دينـا ، وبمحمد نبيـا : قد كفيت هم حقوق المرأة ؛ فشرعك قد تكفل للمرأة بكامل حقوقها ؛ فما عليك سوى الاطلاع على شرعك والنهل من معينه الصافي العذب ، فستجد فيه الدواء الشافي والجواب الكافي ، وإليك مثالا واحد يبين قدر تحميل الإسلام الرجل مسؤولية المرأة : قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما صح عنه : " اللهم إني أحرج حق الضعيفين : اليتيم والمرأة " .
ولو أن المجال يتسع لذكرت من الآيات والأحاديث الشيء الكثير ، وحسبي أن الجميع يعرف مثل هذه الأمور في مجتمعاتنا الإسلامية والحمد لله.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة