- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:أحكام العيد وآدابه
شرع الله لعباده دينا عظيما لم يترك شأنا من شؤون الحياة إلا وتناوله بالبيان والإيضاح، فجاء شرعا يوازن بين الدنيا والآخرة، ويلبي حاجات الروح والجسد معا.
ومشروعية العيد لا تخرج عن هذه القاعدة، فقد جاء الشرع الحنيف بأحكام خاصة به، توجه سلوك المسلم في هذه المناسبة وفق شرع الله وسننه، وفيما يلي إطلالة سريعة على بعض الأحكام والآداب المتعلقة بالعيد:
1- يحرم صوم يوم العيد، وهو اليوم الأول من أيام العيد، لما رواه البخاري ومسلم عن عمر رضي الله عنه أنه صلى قبل الخطبة ثم خطب الناس، فقال: (يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم عن صيام هذين العيدين، أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم، وأما الآخر فيوم تأكلون نسككم).
2- يستحب الإكثار من التكبير في ليلة العيد، لقوله تعالى: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) (البقرة:185)، والتكبير يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويستمر حتى صلاة العيد، ويكون عاما في الأماكن كلها، ولا تكبير في عيد الفطر عقب الصلوات المفروضة.
وصفة التكبير أن يقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وإن كبر ثلاثا فهو حسن، والأمر في هذا واسع.
3- يسن الاغتسال للعيد والتنظف له؛ وقد ثبت أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يفعل ذلك، وهو معروف باتباعه للسنة وشدة تحريه لها.
ويستحب كذلك لبس أفضل الثياب، لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته) رواه أبو داود. ويوم العيد يشبه يوم الجمعة من حيث المعنى، فكان من السنة فعل ذلك.
4- من السنة أن يتناول شيئا من الطعام قبل الخروج للصلاة، ويفضل التمر، لحديث أنس رضي الله عنه: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات) رواه البخاري. وعلل ابن حجر ذلك بأنه سد لذريعة الزيادة في الصوم.
5- يستحب أن يخرج إلى صلاة العيد ماشيا، لحديث علي رضي الله عنه، قال: (من السنة أن تخرج إلى العيد ماشيا، وأن تأكل شيئا قبل أن تخرج) رواه الترمذي وحسنه.
ومن السنة أن يخرج من طريق ويعود من غيره، لفعله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه جابر رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق) رواه البخاري.
وقد ذكر أهل العلم لذلك عللا كثيرة منها: إظهار شعيرة الله بالذهاب والإياب لأداء هذه الفريضة، ومنها إغاظة المنافقين، ومنها السلام على أهل الطريقين، ومنها شهادة سكان الطريقين من الجن والإنس، ومنها التفاؤل بالخير بتغير الحال إلى المغفرة والرضا، ومنها قضاء حاجة من له حاجة في الطريقين؛ ولا مانع من صحة كل ما ذكروه من العلل، كما أنه لا مانع أن تكون هناك علل أخرى.
6- لا بأس بخروج النساء يوم العيد لحضور الصلاة وشهود الخطبة، واستحب ذلك بعض أهل العلم، ولكن ذلك مشروط بأمن الفتنة، ودليله ما رواه البخاري ومسلم عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين)، والعواتق: جمع عاتق ، وهي المرأة الشابة غير المتزوجة؛ والخدر: ستر يمد للفتاة في ناحية البيت، ثم أطلق على كل ما يواري من بيت ونحوه خدرا، والجمع خدور، والمقصود هنا النساء الملازمات للبيوت.
وينبغي التنبيه إلى أنه لا يجوز للمرأة في العيد أو في غيره أن تخرج متطيبة متعطرة، أو مرتدية ثيابا ملفتة للانتباه، أو لباسا غير شرعي وربنا جل وعلا يقول: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن) (النور:31)، وهو يعم الأعياد وغيرها.
7- لا بأس بالتهنئة في العيد، كأن يقول لمن لقيه: تقبل الله منا ومنكم، وأعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة، وعيدكم مبارك، ونحو ذلك؛ لحديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه: أنهم كانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: "تقبل الله منا ومنك". قال الإمام أحمد: إسناد حديث أبي أمامة إسناد جيد. وقال ابن تيمية رحمه الله: "وقد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة من بعدهم، كـ أحمد وغيره".
هذه جملة من الأحكام والآداب المتعلقة بالعيد، فطوبى لمن التزم شرع ربه، ووقف عند حدود أمره ونهيه، وجعل الدنيا وسيلة للآخرة، فهي خير ما تشد الرحال إليه، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وليعمل العاملون، وكل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم.