أسلحة المسلمين القديمة

0 1144

    صحيح أنه لم يبق للأسلحة العربية الإسلامية القديمة من أثر يذكر في حروب اليوم بجوار الأسلحة الحديثة والمتطورة، والتي فاقت القديمة بمراحل، إلا أنه بقي ذلك التاريخ المشرق الذي لا يمكن تجاهله، فانتصاراتهم كانت بعد عون الله لهم بتلك الأسلحة البسيطة، والتي لم يستخدموها في العدوان والتدمير والإبادة بغير وجه حق.

وتعريف الأجيال بماضي أسلافهم المضيء أمر مهم، ومن أسلحة المسلمين القديمة التي كانوا يستخدمونها إلى جانب سلاح الإيمان:

1- القــوس:
وهو في الأصل، عود من شجر جبلي صلب، يحنى طرفاه بقوة، ويشد فيهما وتر من الجلد أو العصب الذي يكون في عنق البعير. ويسمونها الذراع، لأنها في طولها، ولذا كانوا يتخذون منها وحدة للقياس، فيقيسون بها المذروع، ومن ذلك قوله تعالى: (فكان قاب قوسين أو أدنى )، (النجم:9)، أي قدر قوسين عربيين أو قدر ذراعين.

2- السهم:

والسهم يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسة: رأس السهم، الذي يصنع غالبا من المعدن، والنصل، والثلم.
والسهم والنبل والنشاب ... أسماء لشيء واحد، وهو عود رفيع من شجر صلب في طول الذراع تقريبا، يأخذه الرامي فينحته ويسويه، ثم يفرض فيه فراضا دائرية، ليركب فيها الريش، ويشده عليها بالجلد المتين أو يلصقه بالغراء ويربطه ثم يركب في قمته نصلا من حديد مدبب، له سنتان في عكس اتجاهه، يجعلانه صعب الإخراج إذا نشب في الجسم.

وأجود الخشب للقوس والسهم ما اجتمع في الصلابة والخفة ورقة البشرة وصفاء الأديم، وكان طويل العرق غير رخو ولا متنفش.

والقوس للرامي كالبندقية، والأسهم كطلقاتها، ولابد للرامي من أن يحتفظ في كنانته بعدد من الأسهم عند القتال.

3- الرمح:
يتخذ من فروع أشجار صلبة، وهو سلاح عريق في القدم، شاع استعماله عند الشعوب القديمة، وكان أكثر شيوعا عند الأمم التي ترتاد الصحراء، ومنهم العرب.
وكان للرماح أطوال مختلفة، تتراوح بين الأربع أذرع والخمسة والعشرة وما فوقها، والرماح الطوال خاصة بالفرسان حيث تساعدهم الخيل على حملها، أما النيازك أو المطارد وهي الرماح القصيرة فقد يستعملها الراجل والفارس أيضا.
والحربة والنيزك والمزراق والمطرد والعنزة، كلها أسماء لشيء واحد، وهي القصار من الرماح التي لم تبلغ أربعة أذرع، وهي أشبه شيء بالعصا.
وطريقة حمل الرمح، كانت في الغالب: الاعتقال، وهو خاص بالفرسان، وهو جعل الرمح بين الركاب والساق، بحيث يكون النصل لأعلى والزج لأسفل، أما قريش فكانوا يحملون رماحهم على عواتقهم.

4- السيف:
أشرفها عند العرب وأكثرها غناء في القتال، يحافظ العربي على سيفه ولا يكاد يفارقه، وقد امتلأت أشعارهم بتمجيده ، وجاوزت أسماؤه المائة في لغتهم.
وهو آخر الأسلحة استعمالا في المعركة بعد القوس والرمح، وذلك أن القتال يكون أول أمره بالسهام عن بعد، ثم تطاعنا بالرماح عند المبارزة واقتراب الصفوف، ثم تصافحا بالسيوف عند الاختلاط، ثم تضاربا بالأسلحة البيضاء، وخلسا بالخناجر عند الالتحام والاختلاط.
ومن أشهرها: اليماني، والهندي أو الهندواني أو المهند، والمشرفي، والقلعي، والبصروي، والصمصامة أو الصمصام والحسام والبتار والمرهف والصارم.

5- الخنجر:
وهو معروف، يحمله المحارب في منطقته، أو تحت ثيابه، فإذا اختلط بآخر طعنه به خلسة.
وقد كان قسم من نساء المسلمين يحملن الخناجر في الغزوات المختلفة تحت ثيابهن للدفاع الشخصي.

6- الدبــوس:
وهي عصا قصيرة من الحديد، لها رأس حديد مربع أو مستدير، وهي في العادة للفرسان يحملونها في سروجهم ويقاتلون بها عند الاقتراب.

7- الفأس أو البلطة:
سلاح له نصل من الحديد، مركب في قائم من الخشب، كالبلطة العادية، بحيث يكون النصل مدببا من ناحية، ومن الناحية الأخرى رقيقا مشحوذا كالسكين.

8- المنجنيق والعــرادة:
سلاح شديد النكاية بالأعداء، بعيد الأثر في قتالهم، فبحجارته تهدم الحصون والأبراج، وبقنابله تحرق الدور والمعسكرات، وهو يشبه سلاح المدفعية الحديثة.
والعرادة آلة من آلات الحرب القديمة، وهي منجنيق صغير.
وقد كان الإنسان أول مرة يحارب بالحجر يرميه بيده، ثم اتخذ المقلاع بعد ذلك لتكون رميته بعيدة قوية، ثم فكر في طريقة لرمي حجارة أكبر ولهدف أبعد، فهداه تفكيره إلى المنجنيق، واتخذه أولا على هيئة (الشادوف ) الذي يسقي به قسم من الفلاحين زرعهم، وهو عبارة عن رافعة، محول الارتكاز فيها في الوسط، والقوة في ناحية والمقاومة في أخرى، على أن يكون ثقل الحجارة هو المحرك له، بحيث إذا هوى الثقل ارتفع الشيء المرمى في كفته.

9- الدبابـــة:
الدبابة آلة تصنع من خشب يغشى بالجلد، وتتخذ للحرب وهدم الحصون، وسميت بذلك لأنها تدب حتى تصل إلى الحصون، ثم يعمل الرجال الذين بداخلها في ثقب أسوارها بالآلات التي تحفر. ثم يدهنون الأخشاب بالنفط، ويشعلوا فيها النار، فإذا احترقت الأخشاب انهار السور مرة واحدة، تاركا ثغرة صالحة للاقتحام منها.

10- رأس الكبش وسلم الحصار:
يحمل رأس الكبش داخل برج خشبي، أو داخل دبابة، وهي عبارة عن كتلة خشبية ضخمة مستديرة، يبلغ طولها حوالي عشرة أمتار أو أكثر، قد ركب في نهايتها مما يلي العدو، رأس من الحديد أو الفولاذ، تشبه رأس الكبش تماما بقرونها وجبهتها، كما يركب السنان الحديدي على الرمح الخشبي، وتتدلى هذه الكتلة من سطح البرج أو الدبابة، محمولة بسلاسل أو حبال قوية تربطها من موضعين، فإذا أراد الجند هدم سور أو باب قربوا البرج منه، ثم وقفوا داخله على العوارض الخشبية، ثم يأخذون في أرجحة رأس الكبش للخلف والأمام، وهو معلق بالسلاسل، ويصدمون به السور عدة مرات، حتى تنهار حجارته، فيعملون على نقبه وهدمه.

11- المدفع:

وهو عبارة عن ماسورة من الصلب ترتكز على قاعدة حديدية يتوسطها عجلة لتحريك ماسورة المدفع، وترتكز من ناحية على الأرض ومن ناحية أخرى على محور حديدى يتوسط عجلتين كبيرتين من الخشب تساعدان على تحرك المدفع من مكان لآخر إذا لزم الأمر.

 ويبقى أن نلفت الأنظار في هذه القضية إلى أن المسلمين هم وحدهم الذين كانوا يصنعون سلاحهم ويصلحونه ويجددونه ويطورونه، والمدربين المعلمين من أبناء الأمة نفسها.


والله نسأل أن يعيد للأمة سابق مجدها، وأن يكتب لها النصر والتأييد، والحمد لله رب العالمين.

ـــــــــ

المصدر: العسكرية العربية الإسلامية وغيره

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة