المواقيت الزمانية والمكانية

0 1201

فريضة الحج من أركان الإسلام الأساسية، خصها سبحانه بزمان معين ومكان محدد، فجعل زمانها أشهر الحج، قال تعالى: { الحج أشهر معلومات } ( البقرة:197) وجعل مكانها مكة المكرمة البلد الحرام، قال تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس } (المائدة:97) وأقام مواقيت مكانية ليحرم عندها من قصد البيت حاجا أو معتمرا.

وقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الأماكن بشكل مفصل ومحدد، فجعل لكل جهة من الجهات ميقاتا للإحرام.

فجعل لأهل المدينة المنورة - وهي جهة شمال البيت الحرام - ميقات ذي الحليفة، والحليفة تصغير الحلفاة، واحدة الحلفاء، وهو نبات معروف، وسمي المكان بذي الحليفة لكثرة ذلك النبات فيه؛ وهو أبعد المواقيت عن مكة، إذ يبعد عنها أربعمائة كيلو متر تقريبا؛ ويعرف اليوم بأبيار علي.

أما ميقات أهل المغرب ومصر و السودان وعموم أفريقيا فهو "الجحفة" وهي قرية قديمة اجتحفها السيل وجرفها فزالت، وحل بها الوباء الذي دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينقله من المدينة إلى الجحفة في قوله: ( اللهم انقل حماها - أي حمى المدينة - إلى الجحفة ) رواه البخاري . لأنها كانت بلاد كفر، ولما خربت الجحفة وصارت مكانا غير مناسب للحجاج، اتخذ الناس بدلها ميقات رابغ، ومنه يحرم الحجيج اليوم، وهو أبعد من الجحفة قليلا عن مكة، ويبعد عنها مسافة ثلاثة وثمانين ومائة كيلو متر تقريبا .

وأما ميقات أهل الجنوب ومن كان قادما من جهتهم فهو " يلملم " و يلملم اسم لتلك المنطقة، والمكان معروف ويسمى اليوم بـ" السعدية " ويبعد عن مكة مسافة مائة وعشرين كيلو متر تقريبا .

وأما ميقات أهل المشرق فهو " ذات عرق" وهو لأهل العراق وإيران ومن كان في جهتهم، وسمي بـ "ذات عرق" لأنه يقع على مقربة من جبل صغير بطول اثنين كيلو متر، ويبعد عن مكة شرقا مسافة قدرها مائة كيلو متر تقريبا، وهي اليوم مهجورة، لعدم وجود طرق إليها؛ وبجوارها ( العقيق ) وهو واد عظيم، يبعد عن ذات عرق عشرين كيلو مترا، وعن مكة عشرين ومائة كيلو متر، منه يحرم الناس اليوم، ويسمى ( الضريبة ) .

وجعل النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجد ميقاتا خاصا وهو " قرن المنازل " ويبعد عن مكة خمسة وسبعين كيلو مترا، ويعرف اليوم بـ" السيل " وهو قريب من الطائف .

ومن كان موطنه دون هذه المواقيت، فإحرامه من مكانه الذي هو فيه لقول ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة ) متفق عليه.

وقول عائشة رضي الله عنها: "إن النبي صلى الله عليه وسلم ( وقت لأهل العراق ذات عرق ) رواه أبو داود و النسائي .

وهذه المواقيت مجموعة في قول الناظم:

عــرق العراق يلمـلم اليمن       وبذي الحليفة يحرم المدني
والشام جحفة إن مررت بها       ولأهل نجد قــــرن فـاستبن


بقي أن تعلم - أخي الحاج - أنه لا يجوز للحاج أو المعتمر تجاوز هذه المواقيت إلا بعد الدخول في نية الإحرام وارتداء لباس الإحرام، إن كان مريدا للنسك، وتفصيل هذا تقف عليه في ثنايا المحور، والله الموفق.

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة