- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:في رحاب آيات الحج
قوله تعالى: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق} (الحج:27).
التأذين رفع الصوت بالإعلام بشيء، ومنه سمي الأذان، لما فيه من إعلام بدخول وقت الصلاة، و{الناس} يعم كل البشر.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وغير واحد من السلف -كما ذكر الطبري- أن إبراهيم عليه السلام قام من مقامه، ونادى في الناس قائلا: يا أيها الناس! إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه، فيقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك.
و(الضامر) قليل لحم البطن، والضمور من محاسن الخيل، لأنه يعينها على السير والحركة؛ وهو في الآية اسم لكل ما يرتحل عليه.
و(الفج) لغة: الشق بين جبلين، وهو الطريق؛ والمقصود به في الآية: أن الناس يقصدون هذا البيت من كل حدب وصوب. ووصف سبحانه (الفج) بأنه {عميق} أي: بعيد؛ فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يحن شوقا إلى رؤية الكعبة والطواف حولها، فالناس يقصدونها من سائر جهات الأرض.
وقوله تعالى: {ليشهدوا منافع لهم}
معنى {ليشهدوا} أي: ليحضروا منافع الحج؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: منافع الدنيا والآخرة؛ أما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن، والذبائح، والتجارات.
وقوله تعالى: {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات}
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: الأيام المعلومات: أيام العشر، وهذا هو مذهب الشافعي، والمشهور من مذهب أحمد، وفي المقصود بـ (الأيام المعلومات) أقوال أخر تنظر في كتب التفسير.
وقد ثبتت أحاديث عدة في فضل العمل في هذه الأيام، ذكرناها في مقالنا (فضل العشر) يمكن الرجوع إليها.
وقوله تعالى: {فكلوا منها}
الأمر بالأكل في الآية على سبيل الرخصة والاستحباب، كما ذهب إلى الأكثرون؛ وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نحر هديه، أمر من كل بدنة ببضعة فتطبخ، فأكل من لحمها، وحسا من مرقها. رواه مسلم.
وروي عن بعض التابعين قوله: كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم، فرخص للمسلمين، فمن شاء أكل ومن لم يشأ لم يأكل.
و{البائس} هو الذي أصابه البؤس والعوز -ضيق المال- وهو الفقير؛ وهذا قول جمع من المفسرين؛ وفرق بعضهم بين البائس والفقير.
قال بعض أهل العلم: ذكر سبحانه اسم {البائس} مع أن اسم {الفقير} مغن عنه؛ لترقيق أفئدة الناس على الفقير، بتذكيرهم أنه في حالة بؤس؛ ولأن اسم {الفقير} لشيوع استخدامه، لم يعد مشعرا بمعنى الحاجة، فذكر الله سبحانه الوصفين من باب التأكيد، أو أن البائس أشد حاجة من الفقير.
وقوله تعالى: {ثم ليقضوا تفثهم}
(التفث): المناسك، وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: هو أمر بوضع الإحرام، من حلق الرأس، ولبس الثياب، وقص الأظفار.
وقوله سبحانه: {وليوفوا نذورهم}
هذا خطاب لمن قصد البيت حاجا، أن يؤدي ما لزم من أعمال الحج، وما ألزم به نفسه من عمل آخر، كنذر هدي، أو صدقة، أو نحو ذلك.
وقوله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق}
يعني الطواف الواجب يوم النحر، ويسمى طواف الإفاضة، أو طواف الصدر، أو طواف الزيارة، أو طواف الركن؛ لأنه ركن من أركان الحج، لهذه الآية، ولفعله صلى الله عليه وسلم.