في رَكْب الصالحين

0 1122

ركب الأنبياء عليهم السلام

إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي "الأزرق"، فقال: ( أي واد هذا ؟ ) ، فقالوا : هذا وادي "الأزرق"، قال: ( كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطا من الثنية، وله جؤار إلى الله بالتلبية ) رواه مسلم .

وعنه رضي الله عنهما قال: "لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قيل له: "أذن في الناس بالحج"، قال: "رب وما يبلغ صوتي؟"، قال: "أذن وعلي البلاغ"، قال: فنادى إبراهيم : "يا أيها الناس! كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق"، فسمعه من بين السماء والأرض . أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون؟". ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح، وفي رواية أخرى عنه قال: فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأول من أجابه أهل اليمن، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ. ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح.

وعن مجاهد رحمه الله، أن إبراهيم عليه السلام حين أمر أن يؤذن بالحج، قام على المقام فقال: "يا أيها الناس أجيبوا ربكم"، قالوا: لبيك لبيك. فمن حج اليوم فقد أجاب إبراهيم يومئذ في أصلاب آبائهم. رواه أبو يعلى الموصلي، وصحح إسناده ابن تيمية .

وأخرج ابن أبي شيبة و ابن جرير عن مجاهد ، أن إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام، حجا وهما ماشيان.

يونس عليه السلام

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أتى على ثنية "هرشي"،  فقال: ( أي ثنية هذه؟) ، قالوا: ثنية "هرشي" -وثنية هرشي جبل على طريق الشام والمدينة-، قال: ( كأني أنظر إلى يونس بن متى عليه السلام، على ناقة حمراء جعدة، عليه جبة من صوف، خطام ناقته خلبة، وهو يلبي) رواه مسلم .

في ركب الصحابة رضي الله عنهم

عبد الله بن الزبير

قال محمد بن عبد الله الثقفى : شهدت خطبة ابن الزبير رضي الله عنهما بالموسم، خرج علينا قبل التروية بيوم وهو محرم، فلبى بأحسن تلبية سمعتها قط، ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد ، فإنكم جئتم من أفاق شتى وفودا إلى الله عز وجل، فحق على الله أن يكرم وفده، فمن كان منكم يطلب ما عند الله، فإن طالب ما عند الله لا يخيب، فصدقوا قولكم بفعل؛ فإن ملاك القول الفعل، والنية النية، والقلوب القلوب، الله الله فى أيامكم هذه؛ فإنها أيام تغفر فيها الذنوب. جئتم من آفاق شتى، فى غير تجارة ولا طلب مال ولا دنيا ترجونها هاهنا". ثم لبى ولبى الناس، فما رأيت باكيا أكثر من يومئذ.

عبد الله بن عباس

عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ما آسى على شيء فاتني من الدنيا إلا أني لم أحج ماشيا حتى أدركني الكبر أسمع الله تعالى يقول: {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر } (الحج:27)،  رواه ابن أبي شيبة في مصنفه و ابن سعد في الطبقات، وذكره البيهقي .

قال أبو وائل : "والله لقد رأيت ابن عباس يوم عرفة يشرح سورة البقرة آية آية، من صلاة الظهر حتى صلاة المغرب، لو سمعه اليهود والنصارى لأسلموا عن بكرة أبيهم".

أنس بن مالك

قال الجريري : "أحرم أنس بن مالك رضي الله عنه من ذات عرق، فما سمعناه متكلما إلا بذكر الله حتى حل، قال: فقال له: يا ابن أخي، هكذا الإحرام".

عبدالله بن عمر

عن نافع مولى ابن عمر قال: "سافرت مع ابن عمر بضعا وثلاثين حجة وعمرة".

عبد الله بن عمرو بن العاص

وعن سليمان بن الربيع قال: "انطلقت في رهط من نساك أهل البصرة إلى مكة، فقلنا: لو نظرنا رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدللنا على عبد الله بن عمرو فأتينا منزله، فإذا قريب من ثلاث مائة راحلة، فقلنا : على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو؟، قالوا: نعم، هو ومواليه وأحباؤه، قال: فانطلقنا إلى البيت، فإذا نحن برجل أبيض الرأس واللحية، بين بردين قطريين، عليه عمامة وليس عليه قميص".

ركب المتقدمين  

سعيد بن جبير

عن هلال بن خباب قال: كان سعيد بن جبير يحرم في كل سنة مرتين؛ مرة للحج، ومرة للعمرة.

عبد الله بن المبارك

عن علي بن الحسن بن شقيق قال: "كان عبد الله بن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك. فيقول: هاتوا نفقاتكم. فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلايزال ينفق عليهم يطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا. ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا. فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فيجصص بيوتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق ففتحه، ودفع إلى كل رجل منهم صرته عليها اسمه.

الأسود بن يزيد النخعي

عن أبي إسحاق قال: حج الأسود ثمانين حجة، ما بين حجة وعمرة.

زين العابدين علي بن الحسين

قال مالك : أحرم علي بن الحسين ، فلما أراد أن يلبي قالها، فأغمي عليه، وسقط من ناقته، وتأذى من ذلك.

الفضيل بن عياض

عن إسحاق بن إبراهيم الطبري قال: وقفت مع الفضيل بن عياض بعرفات، فلم أسمع من دعائه شيئا إلا أنه واضع يده على خده، واضع رأسه يبكي خفيا، فلم يزل كذلك حتى أفاض الإمام، فرفع رأسه إلى السماء وقال: واسوأتاه منك وإن عفوت.

وروي عن الفضيل أنه نظر إلى تسبيح الناس وبكائهم عشية عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا -والدانق هو سدس الدرهم- أكان يردهم؟ قالوا: لا، فقال لهم: والله للمغفرة أهون من إجابة رجل لهم بدانق.

بهيم العجلي

عن مخول قال: جاءني بهيم يوما فقال لي: تعلم لي رجلا من جيرانك أو إخوانك يريد الحج ترضاه يرافقني؟ قلت: نعم. فذهبت إلى رجل من الحي له صلاح ودين فجمعت بينهما وتواطيا على المرافقة. ثم انطلق بهيم إلى ‏أهله، فلما كان بعد ذلك أتاني الرجل فقال: يا هذا أحب أن تزوي عني صاحبك وتطلب رفيقا غيره. فقلت: ويحك فلم؟ فوالله ما أعلم في الكوفة له نظيرا في حسن الخلق والاحتمال، ولقد ركبت معه البحر فلم أر إلا خيرا. قال: ويحك حدثت أنه طويل البكاء لا يكاد يفتر، فهذا ينغص علينا العيش سفرنا كله، فقلت له: ويحك إنما يكون البكاء أحيانا عند التذكرة، يرق القلب فيبكي الرجل، أو ما تبكي أنت أحيانا؟ قال: بلى ولكنه قد بلغني عنه أمر عظيم جدا من كثرة بكائه، فقلت له: اصحبه فلعلك أن تنتفع به. فقال : أستخير الله.

فلما كان اليوم الذي أراد أن يخرجا فيه جيء بالإبل ووطئ لهما، فجلس بهيم في ظل حائط فوضع يده تحت لحيته، وجعلت دموعه تسيل على خديه، ثم على لحيته ثم على صدره، حتى والله رأيت دموعه على الأرض، فقال لي صاحبي: يا مخول قد ابتدأ صاحبك، ليس هذا لي برفيق. فقلت له: ارفق، لعله ذكر عياله ومفارقته إياهم فرق. وسمعها بهيم فقال: يا أخي والله ما هو بذاك، وما هو إلا أني ذكرت بها الرحلة إلى الآخرة. ثم علا صوته بالنحيب. فقال لي صاحبي: مالي ولبهيم ؟ إنما كان ينبغي أن ترافق بين بهيم وبين داود الطائي و سلام بن الأحوص ، حتى يبكي بعضهم إلى بعض حتى يشتفوا أو يموتوا جميعا. فلم أزل أرفق به وأقول: ويحك، لعلها خير سفرة سافرتها. فقال لي: قضي الأمر، ولعلها تكون خيرة. -وكل هذا الكلام لا يعلم به بهيم ولو علم بشيء منه ما صاحبه-.

فخرجا جميعا حتى حجا ورجعا. ما يرى كل واحد منهما أن له أخا غير صاحبه. فلما جئت أسلم على جاري قال لي: جزاك الله يا أخي عني خيرا، ما ظننت أن في الخلق من مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كان والله يتفضل علي في النفقة وهو معدم وأنا موسر، ويتفضل علي في الخدمة وأنا شاب قوي وهو شيخ ضعيف، ويطبخ لي وأنا مفطر وهو صائم.

فقلت: فكيف كان أمرك معه في الذي كنت تكرهه من طويل بكائه؟ قال: ألفت والله ذاك البكاء، وسر قلبي حتى كنت أساعده عليه، حتى تأذى بنا أهل الرفقة، ثم والله ألفوا ذلك، فجعلوا إذا سمعونا نبكي بكوا وجعل بعضهم يقول لبعض: ما الذي جعلهم أولى بالبكاء منا والمصير واحد؟ فجعلوا والله يبكون ونبكي.

المغيرة بن الحكيم الصنعاني

كان المغيرة بن الحكيم الصنعاني يحج من اليمن ماشيا، وكان له ورد بالليل يقرأ فيه كل ليلة ثلث القرآن، فيقف ويصلي حتى يفرغ من ورده، ثم يلحق بالركب متى لحق بهم، فربما لم يلحقهم إلا في آخر النهار.  

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة