أبرياء أمام شاشة غير بريئة

0 583
  • اسم الكاتب: إسلام ويب

  • التصنيف:الإعلام

في الوقت الذي تشتد فيه الهجمة على الإسلام بحجة الحرب على الإرهاب، ويضيق فيه على بوادر الصحوة الإسلامية التي تنشر نورها في جميع أنحاء العالم، تطل علينا بعض القنوات العربية الفضائية بمجموعة من البرامج؛ لتساهم في المعركة الدائرة بين أمة الإسلام ومن يناصبونها العداء، ولتكون في الصف المعادي، إذ تعمل هذه البرامج – التي تعتمد اعتمادا كليا على مخاطبة الغرائز والعواطف – على زعزعة القيم الإسلامية في نفوس المشاهدين، جاعلة من الرقص والمجون والاختلاط مضمارا للتنافس بين مجموعة من الشباب والشابات، وشاغلة بذلك مئات الآلاف من أبناء الأمة في مشاهدتها والمشاركة فيها، عبر تصويتهم لاختيار نجم الضياع في هذه المجموعة، وهو من يعتقدون أنه الأفضل في الرقص والمجون!

وتتضاعف خطورة هذه البرامج عندما تتجمع الأسرة حول الشاشة ليشترك الآباء والأمهات والأبناء في مشاهدتها، ناهيك عن المشاركة فيها بالتصويت.
ويعتبر الأطفال والمراهقون أكثر الفئات تضررا من مشاهدتها؛ لصغر سنهم واندفاعهم، وذلك بسبب قدرة هذه البرامج على التأثير على قيمهم وشخصياتهم وسلوكهم.

لقد انتشرت في الآونة الأخيرة برامج تلفزيون الواقع، وبخاصة القنوات الفنية وغيرها من الفضائيات، وهي برامج تعتمد على الواقعية والطبيعية في التصوير وتسلسل الأحداث، فهي لا تحتاج إلى إعداد ولا تحضير، ويطلق عليها أيضا برامج النجوم، إذ يتم تجميع عدد من الشبان والشابات بعد اجتيازهم امتحانات في الرقص والغناء في مدرسة موسيقية داخلية، فيعيشون هناك حياة مشتركة، ويتم تصوير كل لحظات حياتهم، وأسوأ ما في الأمر أنها حياة عادية طبيعية وليست تمثيلا محضا وإن شابها بعضه، الأمر الذي يضاعف من تأثيرها على مشاعر الفتية والمراهقين، فتتولد في داخلهم الرغبة في أن يكونوا مثلهم، وأن يعيشوا تجربتهم، وهنا يكمن الخطر من هذه البرامج.

يستطيع الأشخاص البالغون والذين يملكون القدرة على السيطرة على تصرفاتهم أن يدعوا أنهم يشاهدون هذه البرامج من باب الفضول، أو لقتل الوقت، أو كما تقول بعض النساء لتشاهد الملابس وقصات الشعر، ويمكنهم الادعاء كذلك أن هذه المشاهدة لا تؤثر على سلوكهم وقيمهم، على اعتبار أنهم لا يزالون يؤدون الصلاة ويتمسكون بالحجاب ويرفضون الاختلاط (عند من يلتزمون بذلك)، متناسين أن مجرد المشاهدة معصية، وأن ارتكاب المعصية دون إحساس بذنب والعمل على تبريرها هو بداية التأثير.

إن تمسك الآباء والأمهات بل وحرصهم الشديد على متابعة هذه البرامج يشجع الأبناء من أطفال ومراهقين على مشاهدتها، هذا بالإضافة إلى حث أصدقائهم وزملائهم على المشاهدة وتصبح حديث الساعة، والدعوة إلى تقليدهم ونقل (حياة الواقع) إلى واقع الحياة مع التشبه بهم في ملابسهم وقصات شعرهم وتعليق صورهم في غرف النوم.

ولا يتوقف تأثير هذه البرامج عند حدود التأثير على القيم وزعزعتها، بل يتعداها إلى التأثير السافر على مشاعر الأطفال والمراهقين، عبر تركيزهم على إثارة الغرائز الجنسية لدى المشاهدين.

كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته
إن الأطفال والمراهقين لا يملكون الوعي الكافي الذي يمكنهم من مقاومة ما تتعرض له عقولهم من تشويش، ومشاعرهم وقيمهم من فساد، فهم يتعاملون مع جهاز التلفاز ببراءة، ويقدمون على مشاهدة ما تشاهده الأسرة، فحتى لو قررت الأسرة منع أطفالها من مشاهدة هذه البرامج فإنها لن تتمكن من ذلك، مادامت الأم تشاهدها أو الأب يتابع أحداثها.

فعلى الآباء والأمهات أن ينبهوا أولادهم من خطر هذه البرامج الساقطة وتأثيرها على القيم والعادات التي شددت على التحلي بها شريعة الإسلام.

حملات مضادة
إن المنع والتعتيم لا يفيد كثيرا في تعديل سلوك الطفل أو المراهق، لذا يجب على الأسرة أن تقوم بحملة مضادة تعزز فيها قيم أبنائها، وتوضح فيها سخافة هذا الطرح في وقت تتراكم فيه المسئوليات المعطلة على كاهل أبناء الأمة الإسلامية، وأن تحثه على متابعة قضايا الأمة، وأن تعزز في داخله الوازع الديني، وأن تنمي علاقته بالله عز وجل، وأن هناك جنة ونار.

وعلى الدعاة إلى الله وعلى المثقفين الواعين من أبناء الأمة أن يقوموا بحملة مضادة ضد هذه البرامج المشبوهة وبيان مقاصدها وآثارها الضارة على الفرد والمجتمع والدنيا والدين.

إن أبناءنا أمانة في أعناقنا، ونحن مسئولون عن تربيتهم أمام الله، فهل نعي خطر المسئولية الملقاة على عواتقنا؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة البيان: عدد : 230

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة