- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم
من محاسن الإسلام وكمال الشريعة إيمانها بقيمة الجمال والاهتمام به ، من خلال عدد من الأوامر الشرعية والأحكام التعبدية ، التي تدعو إلى التزين وحسن المظهر واعتبار ذلك من الأمور الممدوحة شرعا ، كقوله – صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم ، وقوله أيضا : ( إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ) رواه الترمذي .
من هذا المنطلق كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خير أسوة وأفضل قدوة ، بما اشتهر به من جمال الهيئة ، وحسن السمت ، والاعتناء بالزينة ، ليجمع بين جمال الروح وأناقة المظهر ، وطيب الرائحة .
فكان – صلى الله عليه وسلم – يعتني بترجيل شعره ، وتسريح لحيته ، وكان لديه شعر طويل يصل إلى أذنيه ، كما قال البراء بن عازب رضي الله عنه : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - له شعر يبلغ شحمة أذنيه " متفق عليه .
وعندما يطول شعر – صلى الله عليه وسلم – كان يربطه على شكل ضفائر ، ويدل عليه قول أم هانئ رضي الله عنها : " قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وله أربع غدائر ) رواه أبو داود .
وفي أول أمره كان – صلى الله عليه وسلم - يسدل شعره مخالفة لمشركي مكة ، وموافقة لأهل الكتاب ، والمقصود بإسدال الشعر إرساله دون تفريق ، وبعد ذلك صار يفرق رأسه فرقتين ، مبتدئا بالجهة اليمنى كعادته في التيامن ، ودليل ما سبق قول ابن عباس رضي الله عنه : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسدل شعره ، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم ، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ، ثم فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه " رواه البخاري .
وكان - صلى الله عليه وسلم – يحب التيمن في شأنه كله ، تقول عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحب التيمن في طهوره إذا تطهر ، وفي ترجله إذا ترجل ، وفي انتعاله إذا انتعل " رواه مسلم ، والترجل هو تسريح الشعر .
وفي كل الأحوال ، لم يكن اهتمام النبي – صلى الله عليه وسلم – بشعره مبالغا فيه ، بل كان يحذر من الإفراط في ذلك ، كما روى عبدالله بن مغفل أن النبي – صلى الله عليه وسلم - نهى عن الترجل إلا غبا – أي بين الحين والآخر - ، رواه الترمذي .
واختلف أصحابه رضي الله عنهم في استعمال النبي – صلى الله عليه وسلم – للخضاب ، فقال بعضهم : خضب ، وقال آخرون : لم يخضب ، والجمع بينها كما قال الإمام النووي : " والمختار أنه - صلى الله عليه وسلم - صبغ في وقت وتركه في معظم الأوقات ، فأخبر كل بما رأى وهو صادق ، وهذا التأويل كالمتعين " .
وعندما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يحلق رأسه لا يترك من شعره شيئا ، يقول الإمام ابن القيم : " وكان هديه – صلى الله عليه وسلم – في حلق الرأس تركه كله ، أو أخذه كله ، ولم يكن يحلق بعضه ، ويدع بعضه ، ولم يحفظ عنه حلقه إلا في نسك " .
ومن هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الزينة ، استعماله للكحل ،وكانت لديه مكحلة يكتحل منها كل ليلة ، ويفضل استخدام (الإثمد) وهو أجود أنواع الكحل ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( اكتحلوا بالإثمد ؛ فإنه يجلو البصر ، وينبت الشعر ) رواه الترمذي .
كذلك كانت للنبي – صلى الله عليه وسلم – عناية خاصة بسنن الفطرة ، كتوفير لحيته وإعفائها ، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يرون لحيته من وراء ظهره ، يشير إليه قول خباب بن الأرت رضي الله عنه عندما سأله أبو معمر عن كيفية معرفتهم بقراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الظهر والعصر ، فقال له : باضطراب لحيته – أي تحركها - ، رواه البخاري .
ومن سنن الفطرة التي عمل بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قص الشارب ، وكان يأمر بذلك أصحابه ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( قصوا الشوارب ، وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس ) بل صح عنه عليه الصلاة والسلام قوله : ( من لم يأخذ شاربه فليس منا ) رواه أحمد .
وكذلك كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعتني بنظافة فمه ، ويكثر من استخدام السواك ، حال إفطاره وصومه ، وعند وضوئه أو صلاته ، وعند استيقاظه من نومه ، وحين دخوله لمنزله ، حتى في لحظاته الأخيرة أمر عائشة أن تأتيه بالسواك ، ليلقى ربه بأطيب رائحة.
وأما عن ملابسه فقد كان – صلى الله عليه وسلم – يلبس من الثياب أحلاها ، سواء في ذلك عمامته وإزاره وكساؤه ، وبردته وعمامته ، وخفه ونعله .
كما اتخذ النبي – صلى الله عليه وسلم – خاتما من فضة ، وكان فصه من الحبشة يجعله مما يلي كفه ، ويلبس الخاتم في خنصره ، وقد اتخذه ليختم به الرسائل التي كان يرسلها إلى الملوك والأمراء .
وللطيب في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – شأن آخر ، فقد أحبه حبا شديدا لا يكاد يوازيه شيء من أمور الدنيا ، وقال في ذلك : ( حبب إلي من الدنيا النساء والطيب ) رواه النسائي ، ولذلك كان لا يرد الطيب من أحد أبدا .
وكان له – صلى الله عليه وسلم – سكة يتطيب منها – وهي نوع من الطيب أو وعاء فيه طيب مجتمع - ، وكان أحب الطيب إليه المسك ـ ، وتذكر عائشة رضي الله عنها عن تطيبه حال إحرامه فتقول : ( كأني انظر إلى وبيص المسك – أي بريقه - في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم ) رواه مسلم .
وهكذا يعلمنا النبي – صلى الله عليه وسلم – بسنته العملية كيف يكون المؤمن معتنيا بمظهره كاعتنائه بمخبره ، ليتحقق التوازن المنشود في الشخصية المسلمة ، والذي تفتقده المناهج الأرضية والديانات المحرفة .