الأم ترضع وليدها خلقه ولغته !!

0 986
  • اسم الكاتب:د.نادية الدمياطي ( مجلة الأسرة عدد 169 ) بتصرف يسير

  • التصنيف:معاً .. نربي ونعلم

 

الأم هي المدرسة الأولى التي يتلقى فيها الطفل لغته وخلقه .

والمرضعة إذا أرضعت غلاما، فإنه ينزع إلى أخلاقها فيشبهها ، ولذلك يختار للرضاع امرأة حسنة الأخلاق صحيحة الجسم ، عاقلة غير حمقاء .

وقال الإمام الديريني: العادة جارية أن من ارتضع من امرأة فالغالب عليه أخلاقها من خير أو شر ولذا جاء في الحديث " تخيروا لنطفكم" رواه ابن ماجه و البيهقي.

ولعل ذلك يجعلنا ندرك عظمة المصطفى صلى الله عليه وسلم حين يوصي بتزوج ذات الدين " فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه مسلم.

وفي المقابل يوصي أولياء الأمور بأن يختاروا لبناتهم ذا الدين" إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"

إن الأم حين ترضع وليدها ، وإنما ترضعه مع اللبن الدين والخلق واللغة ، بل إن الجنين في بطن أمه ليتغذى على دمها الذي يجري في عروقها ، فإذا كان غذاؤها من حلال ، فإن جنينها ينمو طيبا مباركا فيه ، وإذا كان من حرام وسحت ، كان عرضه للغواية والضلال ، فتكون النار أولى به.

وعلى الأم دائما أن تربت على بطنها وتتحسس جنينها ، وتقرأ له القرآن الكريم ، وتدعو في صلاتها بأن يجعل هذا الجنين من الذرية الصالحة ، وتملأ قلبها بالإيمان ليتغذى الجنين من دمها ، وهو يفيض بتسبيح الله ، فإن دمه لا شك جزء من دمها ، فإذا ما استوى وخرج إلى الحياة فتفعل كما فعلت أم مريم لوليدها بأن دعت لها بأن يعيذها الله وذريتها من الشيطان الرجيم.

فما أعظمها من أم حمت ابنتها وحفظتها ودعت لها ولذريتها من عدو البشر .

بل إن حفظ الأبناء من الشيطان لا يبدأ من لحظة مغادرتهم للرحم وإنما يبدأ سياج الأمان من لحظة التقاء الزوجين

 فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ثم قدر بينهم في ذلك أو قضي ولده لم يضره شيطان أبدا " صحيح البخاري .

كما يستحب أن يحرص المسلم على أن يكون أول ما يطرق سمع المولود كلمات الآذان التي هي نشيد الإسلام الذي يدوي في الآفاق كل يوم وليلة خمس مرات ويتجاوب معها كل شجر وحجر مد صوت المؤذن ، والتي لا يسمعها الشيطان إلا ويولي الأدبار فقد ورد أن  الرسول صلى الله عليه وسلم : أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة

وعن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان يؤذن في اليمنى ويقيم في اليسرى إذا ولد الصبي ، هذا عن أثر الأم والبيئة في نمو الجوانب الإيمانية والأخلاقية للأبناء.

وأما النمو اللغوي للأبناء فإنه يرتبط بالبيئة التي ينمو فيها الطفل ، وقد أدرك العرب ذلك فكانوا يدفعون بأبنائهم إلى البادية لينشأ الطفل في الأعراب فيكون أفصح للسانه، وأجلد لجسمه .

 وقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه: حين قال له أبو بكر رضي الله عنه: ما رأيت أفصح منك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم وما يمنعني وأنا من قريش وأرضعت في بني سعد ؟

فهذا ونحوه كان يحملهم على دفع الرضع إلى المراضع العربيات.

وقد ذكر أن عبد الملك بن مراوان كان يقول : أضر بنا الوليد لأن الوليد كان لحانا وكان سليمان فصيحا لأن الوليد أقام مع أمه وسليمان وغيره من إخوته سكنوا البادية فتعربوا ثم أدبوا فتأدبوا.

وعن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

قال لصهيب رضي الله عنه لولا ثلاث خصال فيك لم يكن بك بأس ، قال وما هن فوالله ما نراك تعيب شيئا، قال : اكتناؤك بأبي يحي وليس لك ولد وادعاؤك إلى النمر بن قاسط وأنت رجل ألكن وأنك لا تمسك المال.

قال أما إكتنائي بأبي يحيى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني بها فلا أدعها حتى ألقاه، وأما ادعائي إلى النمر بن قاسط فإني امرؤ منهم ولكن استرضع لي بالأيلة فهذه اللكنة من ذاك وأما المال فهل تراني أنفق إلا في حق.

واللغة العربية تخف على اللسان بالتمرين والممارسة والتدريب
فعن عمرو بن بحر الجاحظ عن محمد بن الجهم قال : أقبلت على الفكر في أيام محاربة الزط فاعترتني حبسة في لساني وهذا يكون لأن اللسان يحتاج إلى التمرين على القول حتى يخف له كما تحتاج اليد إلى التمرين على العمل والرجل إلى التمرين على المشي ، كما يعانيه موتر القوس ورافع الحجر ليصلب ويشتد.

محنة المربيات
أما عن محنة المربيات وما يسببنه من مشاكل تعترض النمو اللغوي للطفل وتؤثر سلبا على مهارته اللغوية فحدث عنها ولا حرج حيث إن الأم تترك أمور طفلها إلى المربية التي تتحدث مع الطفل بلغة ركيكة يبدأ الطفل في النمو معها ، فتسبب له صعوبة في النطق تتمثل في عدم وضوح الصوت والخطأ في النطق واللثغة وهذا راجع إلى أن الجهاز الحسي لدى الطفل يسمع لغة من حوله في البداية ثم يقلدهم فيها بعد حين ينضج جهاز النطق عنده وما لم يكن الطفل قادرا على الاستماع فإنه لن يكون قادرا على الكلام.

لذا نهيب بالأمهات ألا يتركن أمور أطفالهن والحديث معهم لمعرفة متطلباتهم وحاجاتهم إلى المربيات الأجنبيات حتى نحافظ على لغتنا العربية التي  هي لغة القرآن الكريم وحتى يبدأ الطفل حياته ونموه اللغوي نموا سليما يساعده فيما بعد على المضي قدما نحو التحدث بلغة سليمة .

 

 

 

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة