- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:الإعلام
نعم الله ـ تعالى ـ تترى علينا صباح مساء، والعقل البشري من أعظم تلك النعم بعد نعمة الإسلام. فالعقل قد كرم به الإنسان وجعل مناطا لتكليفه، ومن ثم الجزاء على أعماله. ويظل العقل يقدم لنا ـ بتوفيق الله تعالى ـ مخترعات شتى في أوقات قياسية توفر علينا مجهودات ضخمة، ومن أبرزها:
تلك الأجهزة متعددة الاستخدام والأحجام، ولكن التلفاز (الرائي) يظل في قمة تلك المخترعات سهلة الانقياد، حيث يدخل المنازل دون استئذان، ويحتل مكانة في النفوس والأذهان.
وهذا مما حفز الكثيرين على استغلاله وإدارة دفته نحو دروب ومسالك ومعاقل عدة، ومن ثم أفرز ذلك اضطرابات وتناقضات في التربية والسلوك، وحطم الكثير من القيود والثقافات، وزعزع ـ أحيانا ـ العقائد في بعض النفوس.
لذا؛ فإن الوعي بأهمية شراكة التلفاز في التربية لا تقل أهمية عن أي مؤثر آخر. فإن برامجه المتدفقة والمتشابهة والمترابطة ـ أحيانا ـ في الأهداف تقدم لنا أنموذجا صارخا للقضاء على الاستقرار النفسي لدى الناس، وتمثل معولا هداما في يد حفنة من مؤسسي القنوات الفضائية والشركات التجارية التي لا هم لها إلا الربح المادي على حساب كل شيء وأي شيء.
فتقف التربية ومسؤولوها ـ من ثم ـ في وضع المدافع دائما أمام طوفان الهلاك الأخلاقي الذي تقذف حممه القنوات الفضائية طوال اليوم، وهذا يحتم على عقلاء أمتنا التنبه لأهمية الإعلام في وقتنا الحالي، مما يعني إيجاد تعاون مثمر وجاد بين أصحاب القرار من مسؤولي التربية والتعليم والإعلام ورجال الأعمال المتميزين دينيا والهيئة العالمية للإعلام الإسلامي في صورة لجنة عليا للإعلام تعتني بالتالي:
1 ـ وضع برامج ودورات علمية شرعية للعاملين في القطاع الإعلامي بجميع صوره (تلفاز ـ مذياع ـ صحافة)، وتقوم هذه الدورات بتدريس تخصص أصول الفقه ووسائل الدعوة لعلاقتهما بمقاصد الشريعة وجوانب سد الذرائع والمصالح المرسلة وغير ذلك، مع دورات في علوم الاجتماع والنفس والأخلاق القائمة على أسس إسلامية، فعندنا ما يغنينا عن التزود من النظريات البشرية، ويمكن الاستعانة في ذلك بمناهج كليات وأقسام الإعلام في الجامعة الإسلامية وجامعة الإمام محمد بن سعود وكلية الدعوة بجامعة أم القرى لما كان الإعلام قسما ملحقا بها، كما يمكن الاستفادة مما يوجد في كثير من جامعاتنا الإسلامية في أكثر من بلد مسلم.
2 ـ وضع البرامج التعليمية الجادة لجميع طبقات المجتمع من الأطفال والناشئة وغيرهم. ولعل تجربة (قناة المجد) تعتبر رائدة في ذلك، حيث أثبتت أن الإعلام الإسلامي الجاد يمكنه المنافسة دون اختلاط وموسيقى ومحرمات على وجه العموم.
3 ـ الدعم المادي لوضع برامج إعلامية تقدم دورات تدريبية في فنون التربية الصحيحة وعلاقة أفراد المجتمع ككل بذلك، وربط كل ذلك بنظام الجودة الشاملة، ولن يستقيم ما سبق إلا بتأسيس قناعات عقدية لدى المجتمع بأهمية الترابط بين التربية ووسائل الإعلام وأهمية الوعي لمدى الانفصام الحقيقي في هذا الترابط المأمول، ولن يتم هذا إلا بنشر الأسس والثوابت الشرعية في النفوس؛ لأنه بدونها سنظل نحفر في الهواء ونبني على الماء.
وديننا غني بكل ما نريد، وعلماؤنا ورعاتنا أهل لذلك، ولنجعل همنا أن لا صوت يعلو على الحق: {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} [الرعد: 17].
_____________________________
د. حياة با أخضر (أستاذ مساعد بجامعة أم القرى).