- اسم الكاتب:أحلام علي
- التصنيف:صحة الأسرة
الرشاقة والقوام الرشيق.. كلمات ترمز للخفة والنشاط والحركة، وللصحة أيضا، وهى لم تعد حلما يصعب تحقيقه، خاصة بعدما تبارت فى هذا الأمر مؤسسات علاج طبيعى، وشركات أدوية ومراكز صحية للعلاج بالأعشاب، والطب التكميلى.
ويرجع الدور الأكبر فى تضخيم هذا الأمر فى عقل المرأة لوسائل الإعلام من خلال الضجة الكبيرة والهالة التى أحدثتها حول قوام المرأة، وتقديمها لنموذج عارضات الأزياء، وفتيات الإعلان على أنه النموذج الأمثل للقوام، فنتج عن ذلك ظاهرة أقرب إلى المرضية، ولم يعد الأمر قاصرا على المرأة التى تخشى على جسدها من الترهل، بل امتد إلى البراعم الصغيرة، فتيات فى مرحلة التكوين الجسدى، ويا ليت من تقوم بعمل الريجيم بدينة وسمينة؛ لأن الحمية فى هذه الحالة مطلوبة، بل منهن من لا يتجاوز وزنها 48 كجم؛ فلماذا انتاب بناتنا هوس الريجيم؟
تقول رقية محمد أولى إعدادى: أنا لست سمينة، ولكنى وجدت أن هذا الأمر أصبح مثل الحديث عن الموضة، فالبنات فى المدرسة لا يكففن عن الحديث عن الريجيم وعن تداول برامج للحمية، فانجرفت معهن فى هذا خشية أن أصبح سمينة، وألزمت نفسى بأطعمة محددة وبكميات محددة، رغم تحذير والدتى الدائم لى، وتشاجرها معى أحيانا خوفا منها على صحتى، إلا أننى مستمرة فى برامج للحمية.
وتقول يمنى عوض أولى ثانوى: منذ ثلاثة أعوام كنت نحيفة، وكنت أتمنى أن يزيد وزنى، ولكن مع معالجة هذه النحافة ازداد وزنى بطريقة أصبحت بعدها أبغض نفسى، وبدأت أعمل ريجيم كى أعود رشيقة، خاصة وأن الموضة الآن هو الجسم النحيف.
وتذكر أروى سلامة ثانية إعدادى سبب لجوئها للريجيم، فتقول: أخواتى فى البيت نحيفات، وأنا خارج نطاق السمنة (وزنى 48 كجم)، ولكن لأنى لست بنحافة أخواتى؛ فإنهن ينظرن إلي على أننى " دبة "، كما يروق لهن إغاظتى أحيانا، فقررت أن أقوم بعمل ريجيم، خاصة وأن البنات فى المدرسة على نفس المنوال، فكنت لا أفطر رغم إلحاح أمى الشديد، وعند الغداء أتناول كمية من الطعام قليلة جدا لا تكاد تكفى طفلا رضيعا، وبعد فترة بدأت أشعر بدوار شديد، ودوخة تصاحبنى فى المدرسة، وفى البيت، ولا أستطيع بذل أى مجهود، كما كنت سابقا، ورغم ذلك لم أستطع التراجع عن الريجيم.
أما إسراء السيد ثالثة ثانوى: فتنتقد البنات اللواتى يلجأن للريجيم بدون ضرورة، ولكن فقط لركب الموجة فتقول: نحن الآن نهتم بسفاسف الأمور، وهذه موضة غربية، وبدلا من أن نهتم بتغذية العقول وتحديد أهدافنا فى الحياة أصبح شغل البنات الشاغل هو الاهتمام بوزنهن ومظهرهن، والدليل على ذلك الكم الهائل من الكلام فى المنتديات عندما يتعلق الموضوع بالمظهر والتخسيس، وما إلى ذلك.
دور الأمهات
والسؤال الآن: هل للأمهات دور فى تدعيم هذه الظاهرة عند البنات؟
المكوث فى المنزل وعدم الحركة هما السبب، هكذا ترجع أم ياسين سبب سمنتها، وتقول: بدأت أتبع ريجيما وأفشل مرة وأعود، وأصبح هذا شغلى الشاغل، وبعد فترة لاحظت أن ابنتى بدأت تعمل ريجيما هى الأخرى، رغم أن وزنها طبيعى جدا، وعندما أتحدث معها تقول لى: لماذا أنت تقومين بعمل الريجيم وتمنعينى منه ؟!.
وترى أم مريم: أنها هى المسئولة عن تسمين أبنائها منذ الصغر حتى صرن محل استهزاء زملائهم فى المدرسة، وبأنها كانت تظن أنه كلما كان الطفل سمينا كلما كان ذلك مؤشرا طيبا ومطمئنا لوضعهم الصحى، وتحاول هى بنفسها الآن إرغامهم على عمل الريجيم.
وتقول أم عمرو: زوجى هو من أصابنى بهوس الريجيم، فكلما رأى وزنى ازداد قليلا يسمعنى محاضرة عن الرشاقة وجمال الجسم الرشيق، وطبعا البنات يتأثرن بهذا عندما يسمعوننا.
أسباب انتشار هذه الظاهرة
ويرى د. محمد الشوبكى - استشارى الأمراض النفسية والعصبية - أن ظاهرة الهوس بالريجيم بدأت بعد بدايات الاتصال بالعالم الغربى، فهى برأيه لم تكن موجودة منذ عشرات السنوات، يقول: بالرغم من أن هوس الريجيم لا يخص عمرا أو جنسا معينا، إلا أن الفتيات والمراهقات منهن هن الفئة الأكثر تأثرا به، فعروض الأزياء للإناث خصوصا، والملابس العصرية للجنسين عموما تحتاج إلى جسم نحيل لتظهر جمالها.
ويضيف: الرجل الغربى يفضل المرأة النحيلة، وهذه العدوى انتقلت لشعوب الشرق الأوسط من باب التقليد حالها حال العديد من الطبائع الغربية التى انتقلت لنا، وأرى أن المشكلة تكمن فى محاولة الفتيات المراهقات الحصول على الجسم النحيل، وفى الأساليب المتبعة من قبلهن، كتعمد التقيؤ وتناول الملينات والأعشاب، أو لعب الرياضة العنيفة، وهو قلق غير مبرر عند معظم الحالات إذا أخذنا بعين الاعتبار الجنس، والطول، والعمر.
ويؤكد د. الشوبكى أن هذا القلق غير المبرر للكثيرين يتطور حتى يمسى نوعا من الرهاب (fat phobia) ليصبح فى النهاية ممارسة سلوكية مرضية وقلق متمحور حول الوزن.
ويشير الدكتور أمير صالح - استشارى الطب البديل، ورئيس الجمعية الأمريكية للعلوم التقليدية - إلى أن: هوس الريجيم مشكلة عصرية ظهرت مع:
- انتشار الفضائيات، حيث إن الفتاة تظن أنها لو قللت هذا الوزن يكون أفضل.
- عدم وجود وعى صحى عند الفتيات.
- عدم وجود أنماط غذائية سليمة واستيراد أنماط غذائية غربية.
- الوجبات السريعة ومكوناتها غير المعروفة، ورحم الله أجدادنا كان غذاؤهم يتكون من البيئة المحيطة على سبيل المثال خبز الحلبة، والذرة، وخبز الشعير، والقمح الذى استبدلناه الآن بالخبز الأبيض الذى لم نعرفه إلا حديثا.
ويضيف الدكتور أمير صالح: إن لكل مرحلة عمرية وزنا مثاليا يختلف من شخص لآخر، ومن الأخطاء الشائعة أنه أصبح هناك من يدلى بدلوه ممن ليس له علم؛ فينصح بأخذ عقاقير ضد الشهية، وهذا أمر خطير، حيث إن هذه العقاقير تصيب بالاكتئاب ولا يجب تناولها بدون استشارة طبية متخصصة، وكذلك أدوية مدرات البول التى تنقص من حجم المياه المختزنة فى جسم الإنسان، وهذه المياه تحتوى على العناصر المهمة مثل البوتاسيوم الذى إذا انخفضت نسبته عن معدل معين سبب العديد من الأمراض.
ويمكن التغلب على ظاهرة هوس الريجيم بعدة طرق منها:
- زيادة الوعى الصحى الغذائى.
- التمسك بالأنماط الغذائية التقليدية لكل شعب فهى وجبات غذائية متكاملة، فمثلا الرغيف فى مصر كان لا يخلو من الجبن " القريش "، ولا يوجد فيه مواد حافظة، ولا يوجد فيه مواد كيمائية.
- التمسك بالأنماط الغذائية الموجودة فى الكتاب والسنة كما وكيفا.
- عدم تعويد الأطفال منذ الصغر على الوجبات السريعة، وغرس حب تناول الغذاء المنزلى، والجلوس على الطعام، فبالإضافة إلى الفوائد الصحية هناك فوائد اجتماعية.
- الانشغال عن تناول الطعام بالتفكير فى المسائل المهمة.
- ممارسة الرياضة بصورة مستمرة بدلا من اتباع طرق ريجيم ضارة ومردودها سيئ.
- الإكثار من الخضروات والفاكهة.
- مضغ الطعام جيدا.
- عدم تناول الطعام قبل النوم مباشرة، ولكن قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل.
أما الدكتور خالد الطيب - استشارى الطب البديل - فيذكرنا بأنه إذا اتبعنا هذا الأثر نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع، سوف نتمتع برشاقة عالية، وأيضا هى وسيلة آمنة لتقليل الوزن بدلا من هوس الريجيم، والجرى وراء كل زاعق وناعق فى هذا الأمر، ولكنى أنبه على ضرورة:
· مراقبة السعرات الحرارية، بحيث لا تقل عن 700 سعر حرارى فى اليوم؛ لأن انخفاضه يجعل البروتينات تتكسر، وبالتالى يشعر الشخص بالإرهاق الشديد، حيث إن مع فقد جزئ بروتين يفقد معه خمسة جزئ ماء، وهذا يدمر الصحة.
· البعض يتبع نظام تخسيس الوزن بدون طبيب، وأحذر من ذلك، فمن الممكن أن ينزل الجسم فى أول الريجيم بسرعة، ثم بعد ذلك يتوقف، ويعود للأكل بشراهة أكثر من ذى قبل.
ويتفق مع الرأى السابق الدكتور محمود يوسف - عضو هيئة الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة، واستشارى علاج بالأعشاب - فيقول: أفضل طريقة، وآمن وسيلة للرشاقة هو اتباع المنهج النبوى؛ ففى الحديث الشريف: ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه، فإن كان لابد فاعلا ؛ فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه، ولا بد أن تكون معلوماتنا صحيحة إذا أردنا التثقيف الصحى السليم، فمعظم المعلومات الخاصة بالريجيم خاطئة، وللأسف متداولة بين الناس على أنها من المسلمات.