- اسم الكاتب: إسلام ويب
- التصنيف:من البعثة إلى الهجرة
كم كانت فرحة النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما بشره جبريل عليه السلام بالوحي أول مرة ، فقد وجد أخيرا جوابا للكثير من الأسئلة التي ظلت تؤرقه زمانا طويلا، وأبصر طريق الخلاص من ضلال قومه وممارساتهم ، ولكن سرعان ما تحولت مشاعر الفرحة إلى حزن شديد ، حينما توقف الوحي وانقطع فترة بعد ذلك.
وجاءت هذه الحادثة ، بعد ذهاب النبي - صلى الله عليه وسلم - و خديجة رضي الله عنها إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ، ، وتفسير ورقة لحقيقة ما رآه في الغار ، وإنذاره بعداوة قومه له ، حيث تأخر الوحي عن النزول عدة أيام كما تفيده الروايات الصحيحة .
ويظهر من سياق القصة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حزن حزنا شديدا ، وذلك بسبب أنه فسر تأخر الوحي بانقطاع النبوة ، وزوال الاصطفاء من الله تعالى له ، فكان عليه الصلاة والسلام بحاجة إلى وحي يعيد له طمأنينته ، ويزيل عنه الهواجس المتعلقة بانقطاع الرسالة .
وقد حصل له - صلى الله عليه وسلم - ما يؤكد نبوته ، ويقطع الشك باليقين ، وذلك عندما جاءه جبريل عليه السلام مرة أخرى على صورة ملك جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فأخذته رجفة شديد حتى سقط على الأرض ، ثم عاد إلى أهله مسرعا ، ولما دخل على خديجة رضي الله عنها قال لها : ( دثروني ، وصبوا علي ماء باردا ) ، فنزلت الآيات الكريمة: { يا أيها المدثر ، قم فأنذر ، وربك فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فاهجر } ( المدثر : 1 – 5 ) ، وكان نزول هذه الآيات إعلاما للنبي – صلى الله عليه وسلم – بنبوته ، وتكليفا له بتحمل أعباء هذا الدين ، والقيام بواجب الدعوة والبلاغ .
وقد ذكر العلماء بعض الحكم من انقطاع الوحي تلك الفترة ، كذهاب الخوف والفزع الذي وجده - صلى الله عليه وسلم - عندما نزل عليه الوحي أول مرة ، وحصول الشوق والترقب لنزول الوحي مرة أخرى ، بعد تيقنه أنه رسول من الله ، وأن ما جاءه هو سفير الوحي ينقل إليه خبر السماء ، وبذلك يصبح شوقه وترقبه لمجيء الوحي سببا في ثباته واحتماله لظاهرة الوحي مستقبلا .