لا غنى عن مجالس الإيمان

0 718

مع تنوع وسائل الاتصال، واتساع نطاق تلقي المادة الدعوية والوعظية عبر الشبكة العالمية، وعبر القنوات الفضائية، وعبر الأجهزة الصوتية الرقمية تقلصت كثيرا دوافع الحضور إلى مجالس الوعظ والعلم.

وزهد كثير من الدعاة والوعاظ بهذه المجالس مقارنين لها بالقنوات الفضائية والشبكة العالمية وغيرها من الوسائل التي تخاطب قطاعا أوسع وجمهورا أكبر.

واستثمار هذه الوسائل والإفادة منها في تقديم المادة الدعوية وتلقيها ليس محل نقاش؛ فقد قربت البعيد ويسرت العسير كما يقال.

وجدير بالدعاة وأهل العلم أن يستثمروا هذه الوسائل في إيصال الكلمة الدعوية ونشرها، وجدير بنا أن نستفيد من هذه الوسائل في سماع ما يرقق قلوبنا، ويعلمنا ما نجهل، ويفقهنا في ديننا.

لكن ذلك كله ينبغي ألا يهمش قيمة مجال الإيمان والوعظ، وحلق تلقي العلم.

إن مجالس العلم والإيمان تقدم أمرين:

الأول: التلقي العلمي والمعرفي، وهو ما تشترك فيه مع غيرها.

الثاني: الأثر الإيماني والتربوي المرتبط بحضورها والجلوس فيها، وهو ما لا يفي به بديل غيرها.

فمجالس العلم والإيمان عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله - عز وجل - فهي مجالس تغشاها الرحمة وتنزل عليها السكينة: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده[رواه مسلم].

كما أنها مجالس يزداد فيها الإيمان؛ فعن معاذ - رضي الله عنه - أنه قال: اجلسوا بنا نؤمن ساعة، يعني نذكر الله تعالى[ابن أبي شيبة].

وعن الأسود بن هلال قال: كان معاذ يقول للرجل من إخوانه: اجلس بنا فلنؤمن ساعة، فيجلسان فيذكران الله ويحمدانه[ابن أبي شيبة].

في هذه المجالس يقبل الطالب على الاستماع وينصت، خلافا لمن يتابع قناة فضائية، أو يستمع وهو يعمل على جهازه أو يمشي في الطريق.

وفيها يلتقي طالب العلم بالشيوخ؛ فيرى هديهم وسمتهم وتعاملهم؛ فقد أوصى (حبيب الشهيد) وهو من الفقهاء ابنه فقال: يا بني! اصحب الفقهاء وتعلم منهم وخذ من أدبهم؛ فإنه أحب إلي من كثير من الحديث[انظر الجامع للخطيب البغدادي].

وفيها يرى طالب العلم الحضور من أهل الخير والصالحين فيجني ثمرات عدة، منها:

• فضل محبتهم في الله ومجالستهم.

• القدوة الحسنة بالصالحين.

• أن ذلك يقود المقصر والمذنب إلى مراجعة نفسه ولومها؛ فكيف يجالس هؤلاء وهو على ما هو عليه من التقصير؟

• التفاؤل بمستقبل الأمة، وإدراك جوانب الخير فيها في مقابل انتشار سبل الفساد وطرقه.

هذه بعــض الآثــار التربوية والإيمانية التي تحققهـا مجالس العلم والإيمان.

وهذا يتطلب من الدعاة وأهل العلم أن يعتنوا بها ويشيعوها، ومنا ومن طلاب العلم أن نحرص على حضورها والإفادة منها بقدر ما نستطيع.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: د. محمد بن عبد الله الدويش – البيان

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة