- اسم الكاتب: د. عبد الله الحمود
- التصنيف:الإعلام
يمكن القول بأن الإعلام الإسلامي يختلف من حين إلى حين في مدى قدرته على تقديم بديل أفضل من الإعلام الآخر للجمهور المسلم. وباعتبار أن العمل الإعلامي جزء لا ينفصل عن النسيج الاجتماعي- الثقافي الشامل لأي أمة، فإن قدرة الإعلام الإسلامي على تحقيق أهداف موضوعية واسعة يختلف أيضا من قطر إسلامي إلى قطر آخر. غير أنه من المهم الإشارة إلى أن واقع العمل الإعلامي الإسلامي الراهن أفضل حالا من عقود خلت، رغم استمرار الحاجة لمواصلة المسيرة نحو إعلام أكثر حرصا على تحري المهنية الوظيفية العالية الكفاءة والقدرة.
لقد تجاوز العالم الإسلامي المعاصر عقودا من الزمن شهدت المجتمعات الإسلامية خلالها تجارب عديدة في الممارسة الإعلامية المهنية، وتطورت وسائط تقديم الخدمة الإعلامية تطورا كبيرا في المجالين الكمي والكيفي، كما اتسعت وتنوعت مجالات وأزمنة التعرض لوسائل الإعلام المتاحة أمام الجمهور المسلم. تلك المتغيرات المهمة في ميدان العمل الإعلامي الإسلامي زادت من حدة المنافسة التي يواجهها العمل الإسلامي في مجال الإعلام، مما زاد أهمية أن يعتمد الإعلام الإسلامي المعاصر على أسس مهمة هي: المعلومة الدقيقة المفصلة، المصداقية في الطرح، والمتابعة الآنية المستمرة للأحداث الساخنة في أي مكان، حيث تشير الدراسات المتخصصة إلى أنه بقدر ما يعتقد جمهور وسائل الإعلام بتحقق تلك العناصر في وسيلة ما، فإن تلك الوسيلة ستحظى لديه بقدر مرتفع من التعرض والاستجابة، بصرف النظر عن هوية تلك الوسيلة أو مصدرها. والنتيجة النهائية هي أن يكون هذا العمل الإعلامي فاعلا ومؤثرا.
ونتيجة لذلك فلا بد للعمل الإعلامي في عالمنا الإسلامي المعاصر من أن يؤسس منهجه الوظيفي في مجال الممارسة الإعلامية على فحص دقيق لواقع الاتصال والإعلام من حيث وسائله ورسائله وجمهوره، وكيفية الإفادة من هذا الفحص في تقديم خدمات إعلامية متميزة. وسوف يساعد هذا الأسلوب في توضيح الرؤية للعاملين في مجال الإعلام، فتحدد الأهداف بعناية وتوضع الخطط بدقة متناهية بغية الوصول إلى نتائج إيجابية وموضوعية.
إن نجاح العملية الإعلامية يعتمد اعتمادا كبيرا على مدى إدراك القائمين عليها للإطار العلمي النظري الذي يعملون في ضوئه. ويمكن أن يعزى الفشل الذي تمنى به بعض الممارسات الإعلامية في العالم الإسلامي إلى عدم اكتراث القائمين عليها بالبعد العلمي النظري لها؛ مما يترتب عليه إرسال رسائل لا قيمة لها ومحاولة الوصول إلى نتائج لم تحدد مبرراتها تحديدا دقيقا.
ويتخذ البعد النظري أهميته من خلال دوره الفعال في تحديد الأسس التي تنطلق منها الرسالة الإعلامية من ناحية، ومن ناحية ثانية في طبيعة التعامل مع تلك الأسس. وبالتالي، تعددت الأسس النظرية التي يمكن أن تعمل في ضوئها وسائل الإعلام: نظريات التعلم، نظرية التطعيم الثقافي-الاجتماعي، نظريات المعالجة المعلوماتية، النظريات الوظيفية، الخ.
هذا يعني أن (العمل العلمي المنظم مع الاعتماد الكامل على معطيات النتائج العلمية وتفعيلها عمليا عند إعداد الخطط الإعلامية وتنفيذها) يجب أن يكون أساس تبني استراتيجيات إعلامية جديدة على الصعيد الإسلامي.