الجزيرة.. متنفس من لا يتنفس

0 1121
  • اسم الكاتب: إسلام ويب

  • التصنيف:الإعلام

كثرت هذه الأيام الأحاديث والمقالات التي تفضح دور قناة الجزيرة وتسلط الضوء على عدم حياديتها التامة , ولنضع تحت التامة ثلاثة خطوط ونتأملها لأننا مهما طلبنا التمام فلن نجده في كل ما حولنا.

الحديث عن عدم الشفافية والتجاوزات وغيرها من الأمور كلها أمور يعرفها العامة قبل الخاصة ولا نبرئ الجزيرة ولا غيرها من هذه التهم.

ولكن لا ننسى لقناة الجزيرة أنها الوحيدة التي حصلت على ثقة الشعوب العربية بدليل أن العيون اليوم موجهه لها ومتابعة لما تنقله عبر قنواتها المباشرة والإخبارية.

ومسألة الثقة مسألة ليست بالهينة فلا يمكن أن تجعل ثقتك في مكان ما إلا وأنت تعي أنه أهلا للثقة.

لم يجد المشاهد العربي اليوم بديلا إعلاميا نزيها يحل محل الجزيرة ليتنفس من خلاله الحرية ويصدح بصوته , لذلك فكل ما كتب عن الجزيرة إلى يومنا هذا سيكون مجرد حبر على ورق ولن يقتنع الناس إلا إذا وجدوا من ينافسها بصدق.

عندما اتهم البعض الجزيرة بأنها لا تنقل لقاءات حكام قطر مع الجانب الإسرائيلي , وأنها لا تنقل ما يحصل في بلادها كما تجتهد في نقل أخبار جيرانها , أو أنها تحابي بعض الدول على حساب أخرى, فهذا صحيح من جانب وله تفسير منطقي , وهو أنه مهما بلغت نزاهة ومصداقية أي إعلام, فإنه يكون إعلاما أعورا , لأن الإعلام إما أن يكون بعين واحدة أو يكون ضريرا, والجزيرة فضلت أن تختار الإعلام الأعور خيرا من أن تكون الإعلام الأعمى, وأن ترينا الحقيقة بعين واحدة.

في حرب العراق كانت الجزيرة القناة الوحيدة عالميا التي تنقل الحدث من مكان الحدث , ففي القصف الجوي المتواصل كانت هي من تغطي الحرب فتنقل إحصائية قتلى الأمريكان مقابل قتلى الأبرياء, بعكس ما ينقل في الفضائيات الأخرى التي صورت الأمر بأنه حرب على الدمار الشامل وحماية لجيران العراق فكانت النتيجة "لم يسلم العراق ولا جيرانه" , وكانت بتغطيتها تلك تغضب الرئيس السابق بوش الذي أراد الإبادة بشكل سري.

في حرب غزة كانت هي القناة الوحيدة التي واصلت الليل بالنهار لنقل المأساة وتحريك الضمير العربي والعالمي. ففي الوقت الذي كانت فيه الفضائيات العربية مشغولة ببث أغنية, أو مسلسل تركي, أو مسابقة شعر مليونية , أو خيل , أو كرة قدم , كانت الجزيرة الرئة التي تتنفس بها غزة.

الإعلام هو السلطة الرابعة وبيد هذه السلطة أن تقلب الموازين في أي دولة, وهو مختلف من ناحية المصداقية والشفافية والإنسانية, فمثلا الإعلام الأمريكي في حرب العراق كان ينتقد سياسة بلده الحربية , بل والبعض منهم وصف الحرب بالديكتاتورية, بينما الإعلام العربي صامت ومغيب , فمن يتكلم عن حرب العراق وقتها يكون إما إرهابي أو إرهابي ومن يتعاطف مع غزة فإنه عميل إيراني لأن إيران تدعم حماس. وكأن الشعوب بلا ضمير وكأننا لسنا أمة واحدة إذا أشتكى منها شعبا تألمت كل الشعوب.

في فلسطين كان الإعلام العربي بعيدا عن تهويد القدس, أو المبالغة في بناء المستوطنات, أو حتى هدم الأقصى .فلم نعد نسمع عن تلك الدولة إلا أخبار الشقاق والخلاف التي زرعها اليهود بكل عناية وسهروا على تأجيجها.

في الثورات الأخيرة في مصر وتونس وليبيا نجحت قناة الجزيرة بامتياز , بل أن البعض يرى أن دورها كبير في تغذية تلك الثورات ودعمها معنويا , والبعض يقلل من هذا الأمر ولكن إن نظرنا لدور الإعلام عبر التاريخ لوجدنا أن هتلر وجنوده الألمان كانوا يستخدمون حيلة ذكية قبل سقوط أي دولة في شمال أوروبا , وهو إنزال الجنود المظليين على مبنى التلفزيون وبث بيان يقولون فيه أنهم احتلوا هذه البلدة أو تلك , فتهزم النفوس وتتحطم قبل أن تبدأ الحرب ويكون القتال بعدها سهلا هينا مجرد محاربة أجساد خالية من الروح.

ولو قلنا أن الجزيرة تنتهج هذا الأسلوب لزعزعة أمن الدول وبث الفرقة فيها , فليتحد الإعلام العربي وليوجد إعلاما منافسا وبقوة لهذه القناة , إعلام يأخذ من الجزيرة الجرأة والقوة في الحق إعلام يقوي العربي ويرفع معنوياته إعلام لا يهاجم الإسلام ويراه سبب تخلف أو تأخر , إعلام يجعل قضايا الأمة الإسلامية في المقدمة فلا يخنع ولا يجبن ولا يهادن , إعلام لا يفرق بين الدول بل يجمعها ويقوي لحمتها, وعندها سيغلق كل فرد عربي قناة الجزيرة لأنه وجد البديل.

أفتحوا النوافذ واتركوا الشعوب تتنفس الحرية والكرامة , وأن تتحدث بدون خوف وأن تنتقد بدون حجب أو إقصاء, وإلى أن يأتي هذا الوقت ستبقى الجزيرة بكل عيوبها المتنفس الوحيد الذي يمدنا بالأكسجين , فهو جهاز تنفس اصطناعي لجسد الأمة المريض.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم ليلى الشهراني

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة