- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:مقدمات في القرآن
لا بد لأي عمل ناجح أن يعتمد التنظيم والتخطيط، وإن شئت قل: أن يقوم على منهجية وخطة واضحة؛ ليثمر النتائج المرجوة. وانطلاقا مما تقدم، نذكر بعض القواعد المهمة التي تساعد على حفظ القرآن:
القاعدة الأولى: الإخلاص
والإخلاص مطلب أساس من مطالب أي عبادة، وهو أحد الركنين الأساسين اللذين تقبل على أساسهما العبادة، قال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحد} (الكهف:110) فمن أراد أن يكرمه الله بحفظ كتابه فلا بد أن ينوي بعمله هذا وجه الله، من غير أن يقصد من وراء ذلك أي مكسب مادي أو معنوي.
القاعدة الثانية: تصحيح النطق والقراءة
هذا الجانب هو الركن الثاني من ركني قبول العمل، وهو ركن صوابية العمل وموافقته للسنة، فمن أراد حفظ كتاب الله فعليه أن يتلقى القرآن عن أهله المتقنين له، ولا يكفيه أن يعتمد على نفسه فحسب، وذلك أن أهم خصائص القرآن الكريم أنه لا يؤخذ إلا بالتلقي عن أهله، يرشد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه عن جبريل، والصحابة رضي الله عنهم أخذوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا حتى وصل إلينا محفوظا من كل تحريف وتبديل ونقص.
القاعدة الثالثة: تحديد نسبة الحفظ اليومي
الالتزام بهذه القاعدة من الأمور الميسرة لحفظ كتاب الله، فهي تقدم نوعا من الالتزام اليومي لمن يريد الحفظ، فيخصص عددا من الآيات لحفظها يوميا، أو صفحة أو صفحتين. ونحن هنا ننصح بالتزام منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا، وأحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه، وإن قل) رواه البخاري ومسلم، وكما قالوا: قليل دائم خير من كثير منقطع.
القاعدة الرابعة: تثبيت ما تم حفظه قبل الانتقال إلى غيره
فلا ينبغي لمن شرع في حفظ كتاب الله أن ينتقل إلى محفوظ جديد قبل تثبت ما تم حفظه تماما، ومما يعين على هذا الأمر تكرار المحفوظ كلما سمح الوقت بذلك، كتكراره أثناء الصلوات المفروضة والمسنونة، ووقت انتظار الصلاة، ونحوه، ففي ذلك كله عون على تثبيت ما تم حفظه.
القاعدة الخامسة: المحافظة على مصحف واحد للحفظ
وهذه القاعدة من الأمور المساعدة على حفظ كتاب الله؛ وبيان ذلك أن الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ بالسمع، فمواضع الآيات في المصحف ترسم في الذهن مع كثرة القراءة والنظر في المصحف، فإذا غير الحافظ مصحفه، أدى ذلك إلى تشتيت الذهن، لذا كان الأفضل الالتزام بمصحف واحد، ويفضل هنا ما يطلق عليه "مصحف الحفاظ" الذي تبدأ صفحاته بآية وتنتهي بآية.
القاعدة السادسة: اقتران الفهم بالحفظ
من أعظم ما يعين الحافظ على حفظه فهم الآيات التي يحفظها، ومعرفة ارتباط بعضها ببعض. والذي ينبغي ملاحظته هنا، تلازم الحفظ والفهم معا، وأن أحدهما يكمل الآخر ويسانده ويدعمه، ولا يستغني أحدهما عن الآخر بحال.
القاعدة السابعة: الربط بين أول السورة وآخرها
بعد أن يتم حفظ السورة كاملة يستحسن لمن يحفظ ألا ينتقل إلى سورة أخرى إلا بعد أن يتم ربط أول السورة المحفوظة بآخرها. وبهذا يشكل حفظ كل سورة وحدة مترابطة متماسكة لا انفصام بينها.
القاعدة الثامنة: تعاهد المحفوظ بالمراجعة والمدارسة
وهذه القاعدة من الأهمية بمكان، إذ ينبغي لمن وفقه الله لحفظ كتابه أن يتعاهده بالمراجعة والمدارسة بشكل مستمر، ويفضل أن تتم المراجعة مع حافظ آخر، ففي ذلك خير كثير؛ يساعد من ناحية على تثبيت المحفوظ، ويساعد من ناحية ثانية على تصحيح ما تم حفظه بشكل غير صحيح، فضلا عن أن التزام المدارسة مع حافظ آخر ييسر المراجعة المستمرة، فالإنسان عادة ينشط بغيره ما لا ينشط بنفسه، وقد قال تعالى: {سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا} (القصص:35) وتخصيص ورد يومي للمراجعة أمر مهم ومفيد هنا.
ولا يخفى عليك -القارئ الكريم- أن القرآن الكريم بقدر ما يسره الله للحفظ، بقدر ما هو سريع التفلت والنسيان، إذا لم يتعهده ويتعاهده الحافظ بالمراجعة والتكرار، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (تعاهدوا هذا القرآن، والذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها) رواه البخاري ومسلم.