- اسم الكاتب:عائض القرني
- التصنيف:خواطـر دعوية
ليس في العالم حرية مطلقة إلا في الأذهان كما قال الفلاسفة، وليس في الدنيا حرية بلا حدود إلا في أفكار المهلوسين الأبالسة، وإلا قل لي بالله هل هناك دولة في الأرض أو شعب في المعمورة ليس لديهم مقدسات ولا خطوط حمراء ولا محرمات؟ حتى أهل الديانات الضالة دياناتهم في نظرهم مقدسة يحرم المساس بها: خذ مثلا تمثال بوذا لما هدم في أفغانستان قامت قيامة البوذيين وأشعلوا الدنيا ضجيجا حتى أعتذر لهم، وفي بريطانيا عقوبة إهانة التاج البريطاني ومقصودهم تحريم التطاول على الملكة بالسب والأذى، ولو قام مواطن أمريكي بإهانة العلم الأمريكي لقبض عليه فورا وحوكم، وقس على ذلك دول الغرب قاطبة.
ونحن أمة الإسلام لدينا مقدسات ومحرمات وخطوط حمراء لا يجوز النيل منها ولا الاعتداء عليها دونها الأرواح والدماء والجماجم.. وأقدس المقدسات لدينا هي الذات الإلهية العليا، فالله جل جلاله هو أحق من عبد، وأحق من شكر، وأحق من قدس، وأحق من قدر.. ومن تعرض لربنا جل جلاله بلفظة أو استهزاء ـ حتى ولو بحركة ساخرة ـ كفر وخرج من الملة ووجبت عقوبته والاقتصاص منه، ورسولنا صلى الله عليه وسلم، سيد ولد آدم، صفوة الخليقة، وخليل الرحمن، تقديره واحترامه واجب، ونصره وحبه واتباعه والذب عن شخصه الكريم وسنته المطهرة فريضة شرعية، ومن آذاه ـ بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ـ بكلمة واحدة، حتى لو بإشارة فيها إهانة، كفر وخرج من الملة ووجبت محاكمته؛ قال تعالى: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم).
وماذا عندنا نحن المسلمين أجل وأعظم من الله الواحد القهار الذي خشعت له الكائنات وعنت له السموات والأرض؟ وهل لدينا شخص أبر وأشرف وأتقى وأنقى وأجل وأعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
إن الخط الأحمر الأول لدينا هو الدين الإسلامي بما يحمله من كتاب وسنة، فكل من اقترب من هذا الحمى من السفهاء الطائشين والأبالسة المزورين والدجاجلة المغرضين وجب ردعهم وتقديمهم للقضاء ومحاسبتهم، بالله عليكم هل يسكت حاكم ملك أو رئيس أو من دونه على الإهانة والأذية والنيل من سمعته، بل أسألوا الذين نادوا بالحرية هل يرضون هم ويسكتون إذا مرغت كرامتهم علنا أو أهينت أشخاصهم جهارا نهارا وهم لا يساوون غبار نعل محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم؟
إن أمة ليس عندها خطوط حمراء لا تستحق البقاء، وإن دولة أو شعب ليس لديه مقدسات هو قطيع من البهائم وسرب من الوحوش، ولماذا توضع الدساتير والقوانين والأنظمة في دول العالم، ولماذا تنصب المحاكم ويعين القضاة إذا لم يكن للمقدسات حضور وقيمة؟
فكيف إذا كان الموضوع عن أقدس المقدسات، عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وعندنا في السعودية لابد أن يكون الخط الأحمر الأول هو ما كتب في علم الدولة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ومن أجل هذه الكلمة نضحي بالغالي والرخيص والنفس والنفيس ولا نقبل المساومة ولا المهادنة عما يتعلق بهذه الكلمة ولابد أن تقدس هذه الجملة وتحمى بالسيف الذي رسم تحتها كما قال أبو الطيب المتنبي في بيته الشرود الباذخ المنيف:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم
وعجبي لا ينتهي ممن أثاروا موضوع الحرية في كتاباتهم لما تعرضت الذات الإلهية والروح النبوية بالأذية!! فأي حرية هنا؟ وماذا تريدون؟ أتريدون أن يترك الحبل على الغارب ليخرج شبابنا مردة ملاحدة شياطين؟ أتريدون تحويل بلاد الموحدين إلى أرض للملحدين؟ أتريدون تغيير وطن محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ليكون وطنا لماركس ولينين وستالين وأذنابهم من الملاعين وأتباعهم من الشياطين؟ أتريدون هدم الكعبة وتمزيق المصحف وإهانة السنة؟
ما مناسبة ذكر الحرية في مقالاتكم في الصحف والانترنت؟ ماذا تريدون أن تفهموننا وأنتم تقرؤون سب الله تعالى وتقدس وسب رسوله صلى الله عليه وسلم السب الذي زلزل كياننا وأبكى الشيخ الهرم وهز الشاب المتوقد وأقض مضجع الفتاة العذراء وحرك مشاعر الأطفال، بل حرق القلوب وأنضج الأكباد وقرح الجفون غضبا وحمية وغيرة على أقدس المقدسات.
وأقول: لعن الله حرية تحول الإنسان إلى حيوان بهيم يسب ربه ويستهزئ برسوله صلى الله عليه وسلم، وتبا وسحقا لمن برر للإلحاد والمروق من الدين وإهانة الشريعة، والويل والدمار على من رحب بهذه المقالات السخيفة الآثمة أو نشرها (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).
إن الذين ينادون بالحرية لما سب الرسول صلى الله عليه وسلم هم الذين يركعوننا صباح مساء للمستعمر الغربي باسم احترام الآخر وعدم جرح مشاعر الآخر وحسن التعامل مع الآخر والمحافظة على نفسية الآخر.. فانظر لهذه اللياقة المقيتة والانهزامية البغيضة مع أعداء الإسلام، وانظر للتبرير والتماس المعاذير لمن آذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وداس المقدسات.