وصايا نبوية للمرأة

7 1749

النساء شقائق الرجال ، والمرأة في سيرة وهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها مكانة عظيمة ، فهي عرض يصان ، ومخلوق له قدره وكرامته .
وقد خاطب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرجل والمرأة بوصايا وتكاليف ، وكل أمر ونهي عام في أوامر ووصايا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه شامل للرجل والمرأة قطعا ، والمرأة داخلة فيه بلا شك ، وإنما يوجه الخطاب للرجال تغليبا على النساء ، وهذا أمر سائغ في اللغة ، إلا أن هناك أحكاما ووصايا لا خلاف في اختصاصها بالمرأة دون الرجل ، مما يدل على اعتبار شخصيتها المستقلة عن الرجال .
ولذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجه للنساء خطابا خاصا بعد حديثه للرجال ، وربما خصهن بيوم يعلمهن فيه دون الرجال .
عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قالت النساء للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوما من نفسك ، فوعدهن يوما لقيهن فيه ، فوعظهن وأمرهن ..)(البخاري) .
وكانت ثمرة ذلك الاهتمام وتلك الوصايا النبوية للمرأة ، صورا مشرقة في التاريخ من النماذج النسائية المثالية .

وهذه باقة من بعض وصايا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمرأة ، نرى من خلالها اهتمام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بها وبدورها ، وحرصه على صيانتها وسعادتها . 

المرأة راعية في بيتها :
الراعي هو الحافظ المؤتمن ، الملتزم بمصالح ما قام عليه في أموره الدينية والدنيوية ، والذي سيسأل أمام الله عن رعيته : ضيع أم حفظ ؟ ! . والمرأة مسؤولة أمام الله تعالى عن بيت زوجها وأولاده ، وستسأل عن ذلك ، ضيعت أم حفظت ؟، نصحت أم غشت ؟ .
عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته : فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسئولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته )(مسلم) .

وعن الحسن أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه الذي مات فيه ، فقال له معقل : إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة )(البخاري) .

طاعة الزوج :
من أسباب دخول المرأة الجنة من أي أبوابها شاءت : محافظتها على الصلوات الخمس ، وصيامها رمضان بتمامه ، وعفتها ، وكذلك طاعتها لزوجها .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت )(ابن حبان) .
وعن حصين بن محصن قال : حدثتني عمتي قالت : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الحاجة فقال لي : (أي هذه ! أذات بعل ؟ قالت : نعم ، قال : كيف أنت له ؟ قالت : لا آلوه ( لا أقصر في طاعته وتلبية ما يطلبه) إلا ما عجزت عنه ، قال : فانظري أين أنت منه ، فإنه جنتك ونارك )(أحمد) .

وأكد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وصايا كثيرة للمرأة على حقوق زوجها عليها ، وجعل أول وأهم هذه الحقوق : الطاعة في غير معصية الله ، وحسن عشرته وعدم معصيته ، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما : عبد آبق من مواليه حتى يرجع ، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع )(الطبراني) .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق )(أبو داود) .

ولذلك قالت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ تعظ النساء : " يا معشر النساء : لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها ".

إياك والطلاق :
الطلاق لا ينازع أحد في حاجة الزوجين إليه ـ أحيانا ـ ، حينما يتعذر العيش معا تحت سقف واحد ، وإذا بلغ النفور بينهما مبلغا ، يصعب معه التودد والاستمرار ، فالواجب أن يتفرقا بالمعروف والإحسان ، كما اجتمعا بهذا القصد ، كما قال الله تعالى : { وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما }(النساء:130) .

لكنه في الوقت نفسه عظيم الخطب ، شديد الآثار والأضرار ، فكم هدم من بيوت المسلمين ، وكم قطع من أواصر للأرحام ، وفرق من شمل للأولاد ، ومن ثم حذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المرأة ـ خاصة ـ منه ، ومن طلبه من غير حاجة ملجئة وملحة له .

عن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( أيما امرأة سألت طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة )(الترمذي) .

وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجىء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا ، فيقول : ما صنعت شيئا . قال : ثم يجىء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ، قال : فيدنيه منه ويقول : نعم أنت )(مسلم) .
قال الأعمش : أراه قال : ( فيلتزمه ) أي : يضمه ويعانقه .

كاسيات عاريات :
مما غزانا به أعداؤنا في هذا الزمان هذه الأزياء للمرأة التي وضعوا أشكالها وتفاصيلها وراجت بين المسلمين ، وهي لا تستر العورة لقصرها ، أو شفافيتها ، أو ضيقها ، وقد أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ظهور هذه الأنواع من الألبسة على نساء آخر الزمان وحذر المرأة من ذلك ، كما جاء في حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت (الجمال طوال الأعناق) المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )(مسلم) .

قال النووي : " هذا الحديث من معجزات النبوة ، فقد وقع هذان الصنفان ، وهما موجودان ، وفيه ذم هذين الصنفين ، قيل : معناه كاسيات من نعمة الله ، عاريات من شكرها ، وقيل : معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهارا بحالها ونحوه ، وقيل : معناه تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها . وأما مائلات فقيل : معناه عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه ، مميلات : أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم ، وقيل : مائلات يمشين متبخترات مميلات لأكتافهن ، وقيل : مائلات يمشطن المشطة المائلة وهي مشطة البغايا ، مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة . ومعنى رؤوسهن كأسنمة البخت : أن يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها .. " .
وقال ابن عبد البر : " أراد النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر ، فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة .." .

وهكذا كانت المرأة في سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحياته وهديه ، لها من المكانة والمنزلة ، ولا نظير له في أي مجتمع آخر مهما ادعى الحفاظ على حقوقها وكرامتها، وسيظل دورها رائدا في صلاح وبناء المجتمع ولا يمكن إغفاله ولا إهماله ، فهي الأم والزوجة ، والبنت والأخت .
فكوني أختي المسلمة حفيدة فاطمة وأسماء , وقافة بالطاعة والامتثال عند أوامر ووصايا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقد قال الله تعالى للرجال والنساء جميعا : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب }(الحشر: من الآية7) .
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة