- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:أحاديث الأحكام
الصلوات المفروضة خمس في اليوم والليلة، ولكل صلاة منها وقت معين حدده الشرع، وهذا الوقت له بداية لا تصح الصلاة إذا قدمت عليه، وله نهاية يحرم تأخيرها عنه، قال الله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء:103]، أي: مفروضا في أوقات محددة.
ووقت كل صلاة من هذه الصلوات المفروضة يتناسب مع أحوال العباد وظروف حياتهم ومعيشتهم, فقد اختارها الله تعالى بحيث يؤديها العباد في هذه الأوقات دون أن تحبسهم عن أعمالهم الأخرى.
فضيلة أداء الصلوات الخمس في أوقاتهن
من رحمة الله تعالى أن جعل المحافظة على هذه الصلوات الخمس في أوقاتها سببا لتكفير الخطايا التي يصيبها العباد; فقد شبهها النبي صلى الله عليه وسلم بالنهر الجاري الذي يغتسل منه الإنسان خمس مرات في اليوم والليلة، فلا يبقى من أوساخ بدنه شيء!
روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا) رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما"، و(الدرن) هو: الوسخ، والمراد هنا الدرن المعنوي وهو الذنوب.
وعن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتم الوضوء كما أمره الله تعالى، فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن) رواه مسلم.
والصلاة تجب بدخول وقتها; لقول الله تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} [الإسراء:78].
فضل المبادرة إلى أداء الصلوات في أول وقتها
أجمع العلماء على فضيلة الإتيان بالصلاة في أول وقتها لهذه الآية, ولقوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} [البقرة:148]، وقوله سبحانه: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} [آل عمران:133]، وقد قال الله تعالى: {والسابقون السابقون * أولئك المقربون} [الواقعة:10-11].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها) [أي: في أول وقتها]، قال: ثم أي؟ قال: (ثم بر الوالدين)، قال: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) رواه البخاري ومسلم.
وقال سبحانه وتعالى: {حافظوا على الصلوات} [البقرة:238]، ومن المحافظة عليها الإتيان بها أول وقتها.
مواقيت الصلوات الخمس
بين رسول الله صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلوات للمسلمين بالقول والفعل، وثبت في الأحاديث الصحيحة أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرضت الصلوات الخمس يعرفه وقت أداء كل منها ابتداء وانتهاء.
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، [وفي رواية أخرى عند مسلم أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (اشهد معنا الصلاة)]، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر -طلع ضوؤه- والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا. ثم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس -مالت عن وسط السماء- والقائل يقول قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم.ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة.ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس. ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق -الشفق: هو الحمرة التي تظهر بعد غروب الشمس- ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت. ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس.ثم أخر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول قد احمرت الشمس. ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق -أي: عند غيابه- ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول. ثم أصبح، فدعا السائل، فقال: (الوقت بين هذين).
وهناك أحاديث أخرى غير هذا الحديث الجامع، بين فيها النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما أجمل فيه، أو زاد عليه، كما سيأتي في تفصيل وقت كل صلاة.
وقت صلاة الفجر (وهي صلاة الصبح)
يدخل وقت الفجر بطلوع الفجر الصادق، ويمتد إلى طلوع الشمس، والمقصود: طلوع بعضها؛ وذلك لما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس).
و(الفجر الصادق) -ويقال له أيضا: الفجر الثاني-: هو الذي ينتشر ضوؤه معترضا بنواحي السماء جهة المشرق.
والفجر الصادق غير الفجر الكاذب -ويقال له أيضا: الفجر الأول- وهو الذي يطلع مستطيلا كذنب السرحان -أي: الذئب- ثم يذهب وتعقبه ظلمة، ثم يطلع الفجر الصادق.
وقت صلاة الظهر
يدخل وقت الظهر بميل الشمس عن وسط السماء إلى جهة المغرب، وهو ما يطلق عليه الزوال، ويعرف ذلك بحدوث الظل من عدمه، أو بزيادته بعد تناهي قصره.
وذلك أن الشمس إذا طلعت حصل لكل شاخص ظل طويل في جهة المغرب، ثم ينقص بارتفاعه شيئا فشيئا إلى أن تنتهي إلى وسط السماء، وهي حالة الاستواء، فينعدم الظل حينئذ بالكلية في بعض البلاد، ويبقى بعضه في غالبها، ثم تميل الشمس إلى جهة المغرب، فيحدث الظل من جهة المشرق، إن لم يكن قد بقي بعضه عند الاستواء، ويزداد إن كان قد بقي بعضه، ويسمونه ظل الزوال.
وذلك الميل المتحقق بحدوث الظل أو زيادته هو الزوال الذي به يدخل وقت الظهر.
ويمتد وقت الظهر إلى أن يصير طول ظل كل شيء مثله، علاوة على ظل الزوال الذي كان علامة على أول وقت الظهر.
روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر العصر).
ويستحب تعجيل صلاة الظهر في أول الوقت، إلا في شدة الحر في مكان يتعرض فيه المصلي لأشعة الشمس المباشرة، فيستحب تأخيرها إلى أن ينكسر الحر، ليتجنب ضرر الشمس، وليجتمع عليه قلبه وخشوعه في الصلاة؛ فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم) رواه البخاري ومسلم. و(الإبراد) هو الدخول في البرد، أي: أخروا صلاة الظهر إلى حين يبرد النهار، وتنكسر شدة الحر، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن شدة الحر من فيح جهنم): أي أن شدة حر الشمس في الصيف كشدة حر جهنم، أي فيه مشقة مثله، فاحذروها.
وقت صلاة العصر
يبدأ وقت العصر بنهاية وقت الظهر، ويستمر حتى تمام غروب الشمس، فلا يوجد فاصل بين نهاية وقت الظهر وبداية وقت العصر.
ودل على نهاية وقت العصر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر)، رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
والمختار عند أهل العلم ألا يؤخرها المصلي عن مصير ظل الشيء مثليه، علاوة على ظل الزوال؛ لما ثبت في الحديث أن جبريل أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر وقت العصر، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه. رواه الترمذي؛ ولقول صلى الله عليه وسلم: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس) رواه مسلم، وهذا محمول على الوقت المختار.
وقت صلاة المغرب:
يبدأ وقت صلاة المغرب بغروب الشمس وتكامل غيابها، ويمتد وقتها حتى يغيب الشفق الأحمر، ولا يبقى له أثر في جهة الغرب.
و(الشفق الأحمر): هو بقايا من آثار ضوء الشمس، يظهر في الأفق الشرقي عند وقت الغروب، ثم يمتد الظلام نحو الغروب شيئا فشيئا.
فإذا أطبق الظلام، وزال أثر الشفق الأحمر، فذلك يعني انتهاء وقت المغرب ودخول وقت العشاء.
دل على آخر وقت صلاة المغرب قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المواقيت السابق: (ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق) -أي: عند غيابه- بالإضافة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: (ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق) رواه مسلم.
حكم تسمية صلاة المغرب بصلاة العشاء
إنما سميت صلاة المغرب بذلك لفعلها عقب الغروب. ويكره تسمية المغرب عشاء؛ لحديث عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب) رواه البخاري. والأعراب: هم سكان البادية.
وقت صلاة العشاء
يدخل وقت صلاة العشاء بانتهاء وقت المغرب، وهو من عقب تمام مغيب الشفق الأحمر، فلا يوجد فاصل بين نهاية وقت المغرب وبداية وقت العشاء.ويمتد وقت صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الصادق.والمختار ألا تؤخر صلاتها عن ثلث الليل الأول.
وقد دل على وقت العشاء ابتداء واختيارا: ما جاء في حديث أبي موسى الأشعري السابق في بيان المواقيت.
ودل على أن انتهاء وقت العشاء بدخول وقت الصبح، وهو طلوع الفجر الصادق، ما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى).
ففي هذا الحديث دليل على أن وقت الصلاة لا يخرج إلا بدخول وقت الصلاة التي تليها، وخرجت صلاة الصبح من هذا العموم.
وتأخير صلاة العشاء إلى آخر الوقت المختار، وهو ثلث الليل، أفضل إن سهل، فإن شق على المأمومين، فالمستحب تعجيلها في أول وقتها دفعا للمشقة.
حكم تسمية صلاة العشاء صلاة العتمة
يكره أن تسمى صلاة العشاء صلاة العتمة؛ لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا إنها العشاء، وهم يعتمون بالإبل) رواه مسلم. ومعنى (وهم يعتمون بالإبل): أي: يدخلون بسبب الإبل وحلبها في العتمة، وهي ظلمة الليل.
حكم النوم قبل صلاة العشاء
يكره النوم قبل صلاة العشاء بعد دخول وقتها؛ لخوف استمرار النائم في النوم حتى يخرج الوقت، فقد روى أبو برزة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها) رواه البخاري. وهذه الكراهة تعم أيضا سائر الصلوات؛ لوجود المعنى نفسه. وإنما يكره النوم لمن ظن أنه سوف يستيقظ في الوقت، ويدرك الصلاة قبل خروج وقتها، وإلا حرم عليه النوم، ولو تيقظ في الوقت.
ويستثنى من ذلك الذي غلبه النوم، فلا إثم عليه، ولا يكره له ذلك؛ لعذره.
حكم السهر بعد صلاة العشاء
يكره الحديث والسهر والمسامرة بعد صلاة العشاء للحديث السابق، ولكن يشرع السهر بعدها إذا كان السهر لخير؛ كتعلم العلم ومذاكرته، وكذلك السفر، ومسامرة الضيف والزوجة، وملاطفة الأهل ومحادثتهم؛ لما رواه الحاكم في "المستدرك"، وصححه، عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه، قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا عامة ليله عن بني إسرائيل لا يقوم إلا لعظيم صلاة). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: السمر لثلاثة: لعروس، أو مسافر، أو متهجد بالليل). رواه أبو يعلى. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
حكم تعمد تأخير الصلوات إلى آخر أوقاتها
ينبغي ألا يتعمد المسلم الحريص على رضوان الله تعالى والجنة تأخير الصلاة إلى آخر وقاتها، بحجة اتساع وقتها؛ إذ ربما تسبب تأخيرها في إخراجها عن وقتها، بل ربما أدى هذا إلى التهاون في تركها.
وإنما يسن تعجيل الصلوات في أول الوقت؛ لأن ذلك هو أحب الأعمال إلى الله كما مر في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه في "الصحيحين".
كيفية معرفة أوقات الصلاة المكتوبة
تعرف أوقات الصلوات المكتوبة بمراقبة الشمس، كما مر، وأعلم الناس بمواقيت الصلوات هم المؤذنون، والناس يعرفون دخول وقت الصلاة منهم؛ لأنهم مؤتمنون عليه، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين) رواه أبو داود والترمذي.
واليوم وقد تيسرت الأمور، ودونت مواقيت الصلاة في التقاويم وغيرها، وطبعت وانتشرت، وانتشرت الساعات الإلكترونية الدقيقة، وشاعت في المساجد والبيوت، وظهرت برامج على الحاسب الآلي لتحديد مواقيت الصلاة بدقة متناهية.
ومن تيقن أنه أوقع الصلاة أو بعضها (ولو تكبيرة الإحرام) قبل الوقت، وعلم بذلك في الوقت، وجب عليه إعادتها. وإن علم بذلك بعد انتهاء الوقت، وجب عليه قضاؤها؛ لأن جزءا منها وقع خارج وقتها، فكان فعلها ناقصا، ومن المعلوم أن دخول الوقت شرط لصحة الصلاة، فلا بد لصحتها من أن تؤدى كلها في وقتها المشروع.