- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:أحاديث الأحكام
لما كانت الصلوات الخمس مؤقتة بأوقات معينة، لا يجوز فعلها قبل دخول تلك الأوقات، ولما كان كثير من الناس قد لا ينتبه إلى أن وقت الصلاة قد دخل، شرع الله تعالى الأذان إعلاما بدخول وقتها.
فالأذان إذن هو: الإعلام بدخول وقت الصلاة المفروضة بذكر مخصوص؛ لدعوة المسلمين إلى الاجتماع إليها.
حكم الأذان:
الأذان للصلاة فرض كفاية في حق الرجال؛ فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
والأذان له أهمية كبرى في إظهار شعيرة من شعائر الإسلام، فلا يجوز تعطيله بحال.
دليل مشروعية الأذان:
دل على مشروعية الأذان القرآن والسنة:
فأما القرآن: فقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [الجمعة:9].
وأما السنة: فما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيما رفيقا، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا قال: (ارجعوا فكونوا فيهم، وعلموهم، وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم).
بدء تشريع الأذان: كان تشريع الأذان في السنة الأولى للهجرة النبوية.
وسبب مشروعيته: لما عسر على المسلمين معرفة الأوقات، وتشاوروا في نصب علامة على دخول وقت الصلاة، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة [يقدرون حينها ليأتوا إليها] ليس ينادى لها، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا بلال قم فناد بالصلاة).
وصيغة الأذان:
الأذان له صيغ متعددة وكيفيات متنوعة، وكلها جاءت بها السنة النبوية، ومن ذلك ما جاء في حديث عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه أنه قال: (طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده، فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، قال: فقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: وتقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بما رأيت فقال: (إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك )، فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه، ويؤذن به.قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب، وهو في بيته فخرج يجر رداءه، ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله، لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلله الحمد) رواه أبو داود.
التثويب في أذان الفجر:
يزاد في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم"، بعد قوله: "حي على الفلاح" الأخيرة، فعن أبي محذورة رضي الله تعالى عنه قال: قلت: يا رسول الله علمني سنة الأذان، قال: فمسح مقدم رأسي، وقال: (تقول: الله أكبر الله أكبر ...) وذكر ألفاظ الأذان بتمامها، ثم قال: (فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله) رواه أبوداود والنسائي.
شروط صحة الأذان:
يشترط لصحة الأذان الأمور التالية:
1- الإسلام: فلا يصح الأذان من كافر؛ لعدم أهليته للعبادة.
2- التمييز: فلا يصح من صبي غير مميز؛ لعدم أهليته للعبادة، ولعدم ضبطه للوقت.
3- الذكورة: فلا يصح أذان المرأة للرجال؛ للفتنة بصوتها.
4- العدالة والأمانة: فالمؤذن مؤتمن، يؤخذ بقوله في الصلاة والصيام، ومن لم يكن عدلا أمينا ربما غر المسلمين وخدعهم.
5- العلم بأوقات الصلاة: حتى يتحراها فيؤذن في أولها.
6- ترتيب كلمات الأذان كما وردت به السنة، ولأن ترك الترتيب يوهم اللعب ويخل بالإعلام.
7- المتابعة بين كلماته، بحيث لا يقوم فاصل كبير بين الكلمة والتي تليها.
8- أن يكون الأذان في وقت الصلاة، فلا يصح قبل دخول وقتها، ويستثنى من ذلك الأذان الأول للفجر والجمعة فإنه يجوز قبل الوقت.
9- أن يكون الأذان باللغة العربية، وبالألفاظ التي وردت بها السنة.
أذان النساء:
لا يندب للنساء الأذان؛ لخشية الفتنة في رفع أصواتهن. ويندب لهن الإقامة، لأنها لاستنهاض الحاضرين وليس فيها رفع صوت كالأذان.
سنن الأذان:
يسن للأذان الأمور التالية:
1- أن يتوجه المؤذن إلى القبلة؛ لأنها أشرف الجهات.
2- أن يكون المؤذن طاهرا من الحدث الأصغر والأكبر، فيكره الأذان للمحدث، وأذان الجنب أشد كراهة؛ فعن المهاجر بن قنفذ رضي الله تعالى عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: (إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر) أو قال: (على طهارة) رواه أبو داود.
3- أن يؤذن قائما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا بلال قم فناد بالصلاة) رواه البخاري ومسلم.
4- أن يلتفت بعنقه – لا بصدره – يمينا في: (حي على الصلاة)، ويسارا في: (حي على الفلاح)، فقد روى البخاري ومسلم في صيحيهما أن أبا جحيفة رضي الله تعالى عنه قال: (أذن بلال، قال: فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا - يقول: يمينا وشمالا - يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح).
5- أن يكون المؤذن صيتا قوي الصوت؛ ليرق قلب السامع ويميل إلى الإجابة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه، الذي رأى الأذان في النوم: (قم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك) رواه أبو داود. [ قال في المصباح المنير: فلان أندى صوتا منه، كناية عن قوته وحسنه].
وروى البخاري في صحيحه أن أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني أراك تحب الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة).
6- أن يترسل في الأذان، أي يتمهل ويتأنى فيه؛ لأن الأذان إعلام للغائبين، فكان الترسل فيه أبلغ في الإعلام.
7- عدم تمطيط الأذان أو التغني فيه، بل يكره ذلك.
8- يسن أن يكون في المسجد مؤذنان لأذان الفجر، أحدهما يؤذن قبل الفجر، والآخر يؤذن بعده، كما كان لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان في الفجر هما بلال بن رباح وعبد الله ابن أم مكتوم رضي الله تعالى عنهما، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن - أو قال حتى تسمعوا أذان - ابن أم مكتوم)، وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى، لا يؤذن حتى يقول له الناس: أصبحت.
ما يسن لسامع الأذان:
يسن لسامع الأذان :
1- الإنصات، وأن يقول كما يقول المؤذن، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقول المؤذن) رواه البخاري ومسلم.
لكن يشرع لسامع الأذان في الحيعلتين أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله، قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة) رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
2- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء بعد الانتهاء من ترديد الأذان خلف المؤذن، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) رواه مسلم.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة) رواه البخاري.
والمراد بــ (الدعوة التامة): ألفاظ الأذان، حيث يدعى بها إلى عبادة الله تعالى، ووصفت بالتمام لأنها دعوة التوحيد المحكمة التي لا يدخلها نقص بشرك أو تغيير أو تبديل.
(الوسيلة) هي: ما يتقرب به إلى غيره، (الفضيلة) هي: المرتبة الزائدة على سائر الخلائق، والمراد هنا: منزلة في الجنة لا تكن إلا لعبد واحد من عباد الله عز وجل.
والمقصود بــ (وعدته) قول الله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [الإسراء:79].
ويصلي المؤذن على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو لكن بصوت منخفض عن صوته أثناء الأذان ومنفصل عنه؛ حتى لا يتوهم الناس أن الصلاة على النبي والدعاء من ألفاظ الأذان.
3- يستحب لمن سمع النداء أن يدعو لنفسه؛ لأن الوقت وقت فضيلة وبركة وإجابة، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، غفر له ذنبه).
4- يستحب الدعاء بين الأذان والإقامة؛ فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة) رواه أبو داود والترمذي.
وأما الإقامة فهي: الإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص ورد به الشرع.
وأحكام الإقامة هي نفس أحكام الأذان، مع ملاحظة الفوارق التالية:
1- ألفاظ الأذان مثنى، وألفاظ الإقامة فرادى، فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: (أمر بلال أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة، إلا الإقامة)، رواه البخاري ومسلم. ومعنى قوله: (إلا الإقامة) أي: إلا لفظ قد قامت الصلاة فإنه يثنى.
وقد سبقت صيغة الإقامة كاملة في حديث عبد الله بن زيد رضي الله تعالى، عند الكلام على صيغة الأذان.
2- يستحب في الأذان الترسل والتمهل، ويستحب في الإقامة الإسراع والحدر؛ لأن الأذان للغائبين، فكان الترسل فيه أنسب، والإقامة للحاضرين، فكان الإسراع فيها أنسب.
3- من كانت عليه فوائت وأراد أن يقضيها أذن للصلاة الأولى فقط، ثم أقام لكل صلاة؛ وذلك اقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم، فقد (أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين)، رواه مسلم.
4- يستحب أن يكون الشخص الذي يقيم الصلاة هو نفس المؤذن.
هل يشرع الأذان لغير الصلوات الخمس
الأذان والإقامة يشرعان للصلوات الخمس المفروضة، أما غيرها مما تسن فيه الجماعة كالعيدين والكسوفين والجنازة، فلا يسن فيها الأذان ولا الإقامة، وإنما يقال فيها: الصلاة جامعة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، قال: (لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي: إن الصلاة جامعة) رواه البخاري ومسلم.
وقيس على صلاة الكسوف ما في معناها من الصلوات المسنونة التي تشرع فيها الجماعة.