- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:توجيهات ووصايا نبوية
كانت المرأة قبل الإسلام مهضومة الحقوق مسلوبة الإرادة مغلوبة على أمرها، متدنية في مكانتها، بل انتهى بها الأمر إلى وأدها في مهدها، في الجاهلية التي سبقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم جاءت شريعة الإسلام فأعادت لها مكانتها، ورفعت الظلم عنها، وأوصت بحفظ حقوقها وإعلاء شأنها، بل جعلتها شقيقة الرجل في جميع الأحكام الشرعية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن النساء شقائق الرجال) رواه أحمد والترمذي.
وفوق ذلك كله أوصى النبي صلى الله عليه وسلم وصية خاصة بها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء) متفق عليه، وفي لفظ مسلم: (استوصوا بالنساء خيرا).
شرح الحديث
أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصي رجال أمته من الأزواج والآباء والإخوة وغيرهم بالنساء، فقال: (استوصوا بالنساء خيرا) أي اقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها وارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن، وتواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن، ثم وضح طبيعة خلقتهن حتى يكون ذلك أدعى للعمل بتلك الوصية، فقال: (فإن المرأة خلقت من ضلع) إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر، واستعير الضلع للعوج أي: خلقن خلقا فيه اعوجاج، فكأنهن خلقن من أصل معوج، فلا يتهيأ الانتفاع بهن إلا بمداراتهن والصبر على اعوجاجهن، (وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) أي أن أعوج ما في المرأة لسانها، (فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج) أي إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها، وفي هذا حث على الرفق بهن، وأنه لا مطمع في استقامتهن، (فاستوصوا بالنساء) ختم بما بدأ به إشعارا بكمال طلب الوصية بهن، وزاد التأكيد بالإظهار في محل الإضمار.
قال الإمام النووي: "فيه الحث على الرفق بالنساء والإحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب، وأنه لا مطمع في استقامتهن"، وقال القسطلاني: "وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو عنهن والصبر على عوجهن، فإن من رام تقويمهن فاته الانتفاع بهن، مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاش".
ضعفهن واحتياجهن
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم النساء بالذكر لضعفهن واحتياجهن إلى من يقوم بأمورهن، ولا شك أن في النساء صورة من صور الضعف, وهو ليس ضعفا مذموما, فإنه من جانب ليس مقصودا منهن, ومن جانب آخر محمود مرغوب.
فأما الجانب غير المقصود فهو ضعف البنية والجسم, وهذا لا حيلة لها فيه, فلا يلومهن أحد عليه, وأما الجانب المحمود فهو في ضعف القلب والعاطفة, بمعنى رقة المشاعر, وهدوء الطباع, وهو لا شك أمر محمود في النساء, وكلما زاد -دون إفراط- كان ألطف وأجمل.
ما تشمله الوصية النبوية
وينبغي أن يعلم أن من الوصية بالنساء ما يلي:
- عدم رد الخاطب الكفء، صاحب الدين والخلق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي وصححه.
- عدم التعدي على صداق المرأة، فهو ملك لها وحدها، تقديرا لها، وقياما بشيء من حقوقها، وعوضا عن استمتاع الزوج بها، فلا يجوز للآباء أو الأولياء الاستيلاء عليه أو الاستئثار به، قال سبحانه وتعالى آمرا بذلك: {وءاتوا ٱلنساء صدقـتهن نحلة} (النساء: 4).
- إعطاء المرأة حقها من الميراث، وتحريم كتابة الوصية للذكور دون الإناث، أو توزيع التركة بما يخالف الكتاب العزيز.