غـفرانك ربنا ما أعظمك

8 1666

غريبة تلك الحياة !! تدخلها صغيرا طاهرا نقيا من الذنوب , وتخرج منها وقد أثقلت كاهلك الذنوب ، الرب فيها بنعمته رباك ، ومن فيض جوده أطعمك وسقاك , من عري سترك وكساك , وبعينيه الرحيمتين رعاك .
من زاده أكلت وشربت , وعلى أرضه نشأت ، وتحت سمائه درجت .

نعمه عليك كثيرة ...ظاهرة وباطنه.... {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها }.
في كل لحظة له عليك امتنان , وعن كل نسمة يستحق الشكران , وأنت عن هذا كله قد غفلت .

تتظاهر بالغنى عنه وهو الغني عنك ، وتجاهره بالعصيان فيسترك , وتتطاول على محارمه فيمهلك .

تزداد عنه بعدا وهو دوما منك قريب ، فسبحانه حين قال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان }.
فسبحانك ربنا ، ما أحلمك!.
استغفر الله من ذنـب يؤرقنـــي ......... ويطرد النوم عن عيني ويحزنني

استغفر الله كيف الرب أعصيه ......... ونعمة منه في الإكرام تغــــمرني

كلنا يذنب ..... ولكن!!!

هناك فرق بين من يذنب فتراه بعد الذنب خائفا وجلا , وبين ذلك الذي يذنب الذنب ولا يبالي , وربما ذكر بأن هذا الذنب عصيان لله عز وجل , فإذا به يجعل الله أهون الناظرين إليه والعياذ بالله .

أخي في الله : قبل أن تفكر في الذنب فكر من هذا العظيم الكبير الجليل الذي تتجرأ عليه وتتقحم حماه ، وتبارزه بالذنوب والخطايا، فكأنك أخي لم تسمع قول الجبار سبحانه: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}.

تأمل في حجم السماوات والأرض الآن , وكيف سيكون حجمها وهي بيد الرحمن ,... فأين حجمك أنت حينها .

إياك ...إياك أخي في الله : أن تحقر شيئا من الذنوب وإن بدت لك أنها صغيرة، فإنها في حق الله جل وعلا كبيرة, فبقدر ما يصغر الذنب عندك... يعظم عند الله , وبقدر ما يعظم عندك , فإنه يصغر عند الله . فإياكم ومحقرات الذنوب فإن الصغير منها يدعو للكبير.

يقول ابن مسعود : إن المؤمن يرى ذنبه كجبل يخاف أن يقع عليه , وإن المنافق يرى ذنبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا .. أي أبعده بيده .
فمن أي الفريقين ترى نفسك عند ارتكابك للذنوب ؟!!.

أخي في الله :

إن كنت في دنياك قد أسرفت , وعن ربك قد ابتعدت , فتدارك نفسك مادام في العمر بقية ،
وابشر برب رحيم كريم حليم .
يقول الله تعالى {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}.

انظر إلى كرم الله ولطفه بك حتى وأنت مسرف على نفسك , لقد وعدك بغفران الذنوب كلها ولم يقل بعضها .

فماذا عساك تنتظر بعد ذلك , وما الذي عن طلب مغفرته يؤخرك . أقبل على الله ولا تتردد.
وأعقب كل معصية توبة , وكل خطيئة استغفارا ، وأبشر بكل خير.
فلا أحلم ولا أرحم من الله .

فهو الذي يأمر ملك السيئات حين تعصيه أن يمهلك  ساعات قبل أن يكتبها عليك , رغبة منه أن تتوب منها.
إن أصبت حسنة حط عنك بها من السيئات ،وضاعفها لك عشرات المرات .
حتى وإن تماديت في ذنبك ، يظل الرب الرحيم يناديك ، وفي الكثير من آياته يدعوك .

يقول لك الله جل وعلا في الحديث القدسي : (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة).

عبد الله : لا تستكبر على الكبير وأنت الصغير ، ولا تستغن عن الغني وأنت الفقير.
وأعلم انك لو مكثت سنوات طوالا في عصيانه , ثم أتيته يوما صادقا ترجو القبول , فسيفتح لك الأبواب , ويقول لك سبحانه : ( عبدي أطعتنا فقربناك , وعصيتنا فأمهلناك , وإن عدت إلينا قبلناك )
فسبحانك يا ربي ما أعظمك ............. سبحانك يا ربي ما أحلمك.

يقول صلى الله عليه وسلم: (أذنب عبد ذنبا ، فقال : اللهم اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا ، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب ..... ثم عاد ، فأذنب ، فقال : أي رب اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : عبدي أذنب ذنبا ، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ،... ثم عاد ، فأذنب ، فقال : أي رب اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا ، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ، ويأخذ بالذنب , قد غفرت لعبدي فليفعل ماشاء ).
وقوله فليفعل ما شاء أي مادام أنه على هذه الحال يستغفر عن كل ذنب يقع منه.
اللهم إنك تعلم أنا نحبك وإن كنا نعصيك , فاغفر لنا يا الله

 

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة