أبناؤنا.. في انتظار بابا نويل !!

2 2521

أحمد طفل صغير، تعود كل ليلة إذا ذهب إلى سريره لينام أن يأخذ لعبته المفضلة في حضنه لتنام معه.. لكنه هذه الليلة عندما أراد أن ينام ترك لعبته بعيدا، ثم ذهب إلى سريره..

سألته أمه: لماذا لم تأخذ لعبتك معك كعادتك كل يوم؟ قال: الليلة ستأتيني واحدة أجمل منها وأحسن.. تعجبت الأم وقالت في دهشة: ومن هذا الذي سيأتيك بها؟ قال: بابا نويل.

ونام أحمد وهو يحلم بذلك السمين صاحب البدلة الحمراء الصوفية، واللحية البيضاء الكبيرة، والخدود الوردية المنتفخة، ورآه في الحلم وهو يحمل كيسه المخملي الكبير فوق ظهره، ويركب العربة التي تجرها الوعول، وينتقل بها بين البيوت التي تحوي الأطفال الصغار أمثاله، ويحقق لهم أمنياتهم، حتى جاء إلى بيت أحمد ووضع فيه الهدية التي كان ينتظره ليأتيه بها.


أما أم أحمد فتذكرت أن هذه هي ليلة رأس السنة الميلادية.. وأرادت أن تدخل السرور على قلب ولدها.. فتصرفت، واشترت لأحمد هدية أجمل من لعبته وأحسن، ووضعتها بجانبه في الفراش في هدوء وهو نائم دون أن يشعر.

استيقظ الصغير في الصباح وإذا به يجد اللعبة التي كان ينتظرها ويتمناها، ففرح بها كثيرا، وأسرع إلى أمه وهو يصرخ لقد جاءني "بابا نويل" بالهدية شكرا يا"بابا نويل" شكرا يا"بابا نويل".. ومن يومها زاد تعلق أحمد ببابا نويل، وبرأس السنة، وجعل ينتظر قدوم هذه الليلة كل عام بفارغ الصبر ليحقق له "بابا نويل" أمنية عيد الميلاد.!!!

لقد ساعدت أم أحمد بحسن نية، وغير قصد "غالبا" في تعلق ولدها بمناسبة نصرانية بحتة، كما نساعد نحن في بلادنا بترسيخ هذه الأعياد في قلوب أبنائنا وشعوبنا.. فمنذ قرابة الشهر تزينت محلاتنا وأسواقنا بألوان أعياد الميلاد، وظهرت شجرة الكريسماس في كل مكان، وهدايا ليلة رأس السنة، حتى غزت الفنادق والمولات والسوبر ماركتات حتى المحلات الصغيرة.. والعجب أن العاملين والبائعين والنوادل والنادلات ومقدمي الخدمة في الفنادق وغيرها تغير زيهم إلى زي "سانتا كلوز" أو "بابا نويل".. وكأننا نعيش في بلاد ثقافتها ليست إسلامية، وقيمها وتقاليدها ليست عربية.. وحتى تظن وأنت تمشي في السوق مثلا أو تدخل فندقا أنك في بلد أوروبي النزعة، صليبي العقيدة إلى النخاع.

ليلة وتمر:
قد يظن البعض أنها ليلة وتمر، أو سبب لإدخال السرور على البيوت وأهلها، والزوجات والأولاد، ولا يرى ما وراءها من مخاطر على ثقافة المجتمع وعقيدة ودين الناشئة والأولاد.

هذا أبو علي كان يمشي مع أولاده الثلاثة في السوق، فرأوا الزينات المبهرة، والهدايا الجميلة، واللعب المتنوعة التي جذبت بكثرتها ميول الصغار وقلوبهم.. فسألوا أباهم: ما هذه الزينة وهذه الهدايا وهذه الألعاب والاحتفالات؟ فقال الأب: إنها أشياء تخص دينا غير ديننا، وعقيدة غير عقيدتنا.. إنه عيد النصارى.
فرد أحد الأولاد بمنتهى البراءة: ولماذا لا يوجد في أعيادنا هذه الزينة، وهذه الهدايا، وهذه الأشياء الجميلة؟
وقالت الصغيرة: ياليتنا كنا نصارى مثلهم؛ لنحتفل بالعيد معهم.!!

كاد الأب أن يصعق، فلم يتصور أبدا أن يكون لهذه الاحتفالات كل هذا الأثر الخطير.. وهو لا شك مسكين كأمثاله ممن يظنون أن الصغار سيتأثرون بكلامنا حين نقول لهم: إن هذه ليست أعيادنا، ولن يميلوا إليها لمجرد سماعهم هذا منا... ولم يدر هؤلاء أن الصغار يفكرون بعيونهم وفطرتهم في حب اللعب والألعاب قبل التفكير بعقولهم.. وأن البهرجة والزينة واللعب والهدايا أهم عندهم وأحب إلى قلوبهم من الوعظ والدروس الأبوية والخطب الأدبية.

هكذا.. ياسادة.. وبكل بساطة تبني ثقافة أبنائنا، وبتعدد المناسبات يزداد تعلقهم بأعياد غير المسلمين، وتهترئ عقائدهم شيئا فشيئا، وتنحت عوامل التعرية الثقافية بناءهم الديني والعقدي فتتغير معالمه، وربما تهدمه في قلوب بعضهم.. وقد كان.

عجبت جدا من تعجب أبي علي من كلام أبنائه، وتعجب غيره من الآباء المسلمين من محبة أبنائنا لأعياد غير المسلمين أكثر من أعيادنا نحن المسلمين.. عيد الكريسماس، عيد الأم، عيد الاستقلال، عيد الحب،... وهلم جرا.

والحق أنه أمر طبيعي جدا رسخناه نحن في قلوبهم حين رضينا أولا بهذه الأعياد أن تشارك أعياد الإسلام بهذا السفور وذاك الزخم، وثانيا: حين احتفلنا بهذه الأعياد وسمحنا بتحويل بلادنا إلى كرنفالات احتفالية، وألعاب نارية، وأفراح وبهجة وسرور وزينة أخذت بلب الكبار قبل الصغار.

وثالثا: حين حولنا أعيادنا في عيون أبنائنا إلى ما يشبه المآتم، يوم العيد يذهب الناس للصلاة، ثم العودة للبيت، وأكل بعض الحلوى، وزيارات قصيرة تنتهي بعد ساعة أو ساعتين من أول اليوم، ثم انتهى كل شيء..

هذا هو عيد الأضحى أو عيد الفطر.. فلماذا إذا لا يفرح شبابنا بعيد الحب؟ ولماذا لا يحتفلون بالكريسماس؟.. ولماذا لا ينتظر الصغار بفروغ الصبر "سانتا كلوز" أو "بابا نويل".
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة