- اسم الكاتب:اسلام ويب
- التصنيف:أمراض القلوب
من أخطر الأمراض التي تصيب بعض من ينتسب إلى هذه الأمة مرض النفاق ؛ لأن المنافق يظهر الإيمان والإسلام ويبطن الكفر ، فلا ينتبه له ولا يأخذ المسلم حذره منه ولهذا كان ضرر المنافقين على الإسلام وأهله أعظم من ضرر الكافرين، فالمنافقون في حقيقة أمرهم يجمعون بين الكفر والكذب، فهم كافرون في الباطن، كاذبون في الظاهر، لذا كان كفرهم أشد من كفر الكافر المعلن لكفره ، وكانوا يوم القيامة أشد عذابا من هؤلاء الكفار: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا }.(النساء:145).
ولقد قال عنهم الإمام ابن القيم - رحمه الله -: ( طبقة الزنادقة، وهم قوم أظهروا الإسلام ومتابعة الرسل، وأبطنوا الكفر ومعاداة الله ورسله، وهؤلاء المنافقون، وهم في الدرك الأسفل من النار، قال تعالى : {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا}.النساء: (145) ، فالكفار المجاهرون بكفرهم أخف، وهم فوقهم في دركات النار؛ لأن الطائفتين اشتركتا في الكفر ومعاداة الله ورسله، وزاد المنافقون عليهم بالكذب والنفاق، وبلية المسلمين بهم أعظم من بليتهم بالكفار المجاهرين، ولهذا قال تعالى :{هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون} (المنافقون: 4).
ولأن الله تعالى قد أمر بأخذ الحذر منهم وبين صفاتهم في كتابه الكريم فإننا نذكر ما تيسر من هذه الصفات الخبيثة للمنافقين كي نتجنبها ونحذر أهلها.
أولا: إظهار الإيمان وإبطان الكفر:
قال تعالى :{إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون }.المنافقون(1).
فالمنافقون يعلنون الإسلام، ويشهدون الرسول – صلى الله عليه وسلم- على إسلامهم، وهذا هو أصل المسألة، أنهم في الظاهر مظهرون للإسلام وبهذا دخلوا في عداد المسلمين وجرت عليهم أحكام أهل الإسلام ، لكنهم في الحقيقة كفار بل أشد كفرا من الكفار الأصليين ، وهم يتعاملون بوجهين ، وجه مع المؤمنين وآخر مع الكفار والمشركين.
فحين يلقون المؤمنين يعلنون أنهم مؤمنون لكنهم إذا التقوا برؤوس الكفر أعلنوا أنهم في الحقيقة من الكافرين ومعهم ، ولقد فضحهم القرآن وشنع عليهم فقال الله تعالى: { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون (14) الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون (15)} (سورة البقرة).
فالله يستهزئ بهم حقيقة حين يشنع عليهم ويكشف مكنونات صدورهم ، أما في الآخرة فالاستهزاء بهم أشد ، كما قال الله تعالى:
{ يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب (13) ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور (14) فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير (15)} ( سورة الحديد).
المنافقون شرار الناس
وهؤلاء الذين يأتون المؤمنين بوجه ويأتون آخرين بوجه آخر هم شرار الناس ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، حتى يقع فيه، وتجدون شر الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ". (البخاري ومسلم).
لكن لماذا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر؟
أجاب القرآن عن أسباب هذه الآفة فبين أنهم إنما أرادوا خداع المؤمنين ، كما أرادوا تحقيق المكاسب الدنيوية العاجلة ، أما كونهم أرادوا خداع المؤمنين فذلك ما أخبر الله به حين قال عنهم: { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين (8) يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون (9) } (سورة البقرة).
وأما كونهم يريدون المكاسب الدنيوية فذلك ما أخبر الله به حين قال عنهم: {الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا (141) } ( سورة النساء).
فهم يريدون الدنيا فقط وليس لهم هم ولا تفكير في الآخرة ولا في لقاء الله تعالى.
وسبب آخر مهم لهذه الآفة المتأصلة في نفوسهم وهي طمعهم في التأثير على المؤمنين بفتنتهم عن دينهم ، وشعارهم في ذلك ما ذكره الله تعالى: {آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون } ( من الآية 72 سورة آل عمران).
نسأل الله أن يكفي الأمة شرهم ، وأن يرد كيد المنافقين إلى نحورهم ، ونكمل حديثنا عن صفات المنافقين في مقالات أخرى قادمة إن شاء الله.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.