- اسم الكاتب:د.سلمان الظفيري
- التصنيف:من أعلام الدعوة
علامة بغداد الكبير العالم الأثري السني، المحدث البارع، الحسيب النسيب: الشيخ الكبير علي بن محمد سعيد بن الشيخ عبد الله السويدي المناظر لعلماء إيران في مؤتمر النجف الشهير.
وآل السويدي هم أسرة عباسية كانت إحدى الأسر العلمية بالقرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين ، ثم انقرض العلم من هذه الأسرة ببغداد.
والشيخ علي السويدي عاش في بغداد ودرس فيها على والده وعمه عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله السويدي. ومن تلاميذه: أبو الثناء الآلوسي، صاحب تفسير الآلوسي الشهير، وقد تزوج الآلوسي ابنته..
الانتقال إلى الشام:
رحل الشيخ إلى الشام حيث كانت بغداد قد ثارت فيها تهمة الشيخ على السويدي، وأنه وهابي النزعة، وأنه دعا إليها سليمان باشا والي بغداد، وحضه على الخروج على الدولة.
وشيء آخر أنه كلف بالذهاب إلى البصرة لمحاسبة واليها، وضبط واردات جمركها، فأوجب ذلك في حقه القيل والقال حتى زاد الناس في ذلك وأكثروا؛ فخرج إلى الشام تاركا دياره ومسقط رأسه وبقي يدرس ويفيد ويعلم حتى أتاه أجله. ودفن في سفح جبل قاسيون عن عمر يناهز سبعا وستين سنة، تغمده الله برحمته.
رثاء الناس له:
وقد رثاه جماعة من الشعراء والأدباء، وأرسل إلى الشام بعض الشعر حتى يكتب على قبره، فقد كان رحمه الله أحد العلماء الأفراد في العلم والدعوة.
ومما يدل على قوته ومكانته أن الوزير العثماني سليمان باشا كان لا يصدر إلا عن رأيه، ولا يقبل إلا مشورته، وهو مع ذلك كان أثريا مفعما بالعلم والدعوة وهموم التجديد، فقد كان من المصلحين في القرن الثالث عشر الهجري ومن أنصار الإصلاح الديني والاجتماعي بالعراق والشام.
ثناء الناس عليه:
قال تلميذه العلامة الشيخ أبو الثناء الآلوسي: "كان لأهل السنة برهانا وللعلماء المحدثين سلطانا، ما رأيت أكثر منه حفظا، ولا أعذب منه لفظا، ولا أحسن منه وعظا.. قرأت عليه شرح نخبة الفكر، فرأيته عزيز المثال، غريب الكمال، فردا في الحديث، شاذ النظير في القديم والحديث، صحيح التقرير حسن التحرير.
وقال العلامة الشيخ محمود شكري الآلوسي: "كان أعلم أهل مصره في عصره بالحديث، بل كان ثالث الشيخين الذين عز لهما التثليث، وكانت له مشاركة تامة في سائر العلوم. المظنون منها والمعلوم، وله قوة حافظة وفصاحة وذلاقة لسان لا تكاد توجد في غيره من الأقران، وكان حسن السيرة، طاهر السريرة، هينا لينا تقيا نقيا، محبوبا لدى العوام والخواص.
وقال العلامة الشيخ محمد بهجبت الأثري: " العالم المحدث الحافظ السلفي الجليل الشيخ علي السويدي".
وقال الشيخ محمد سعيد الراوي : "هو الشيخ علي بن محمد بن الشيخ عبد الله السويدي أعلم أهل عصره، وثالث الشيخين في مصره ، له مشاركة في جميع العلوم، المنطوق منها والمفهوم، مع قدرة فائقة، وفصاحة رائقة، ونال التقرب من حضرة الوزير سليمان باشا الكبير.
وعلماء العراق يثنون على الشيخ علي السويدي ولا سيما الآلوسيون، فإنه الرائد لهم في طريق الدعوة الأثرية السنية، ولا سيما علامة الآلوسيين ومشيد مجدهم المفسر الكبير أبو الثناء، فإنه أكثر في الحديث عن شيخه ووالد زوجته الشيخ المترجم، وكتب عنه في كتبه منوها بفضله... وممن أشاد به كذلك من علماء الأسرة العلامة محمود شكري والعلامة علاء الدين علي.
والقرن الثالث عشر الهجري لم يبرز في العراق فيه مجددا عالما واسعا في العلم كالعلامة السويدي؛ فهو بحق العالم العراقي المجدد في ذلك القرن.. وقد دهش لعلمه الحكام والعلماء والخاصة والعامة، ومع ذلك لم تحتمله البيئة لغلبة الجمود عليها وضعف الحركة العلمية السنية فيها، فاضطر للسفر والرحيل وألقى عصا التسيار في دمشق الشام.
جهوده وآثاره:
كان العلامة علي السويدي من أسرة علمية قوية في بغداد، فأبوه وعمه وجده من العلماء، وكان ابنه أيضا من العلماء، وكان قريب العهد من فتوة الدعوة الإسلامية وبدايتها في نجد.
وقد تأثر بالشيخ محمد بن عبد الوهاب في وقت كانت البيئة في بغداد راكدة جدا، فالتصوف ضرب بجرانه على الصدور والعقول، فما راق له المقام في بلده.
له من المؤلفات "العقد الثمين".. قال الآلوسي عنه: "وهو في العقائد السلفية، وهو كاسمه حوى الفوائد الجلية، وله رسالة في الخضاب أتى فيها بالعجب العجاب، وله كتاب في تاريخ بغداد أحسن فيه واجاد، وله غير ذلك من الفوائد.
تلاميذه الكبار:
والشيخ رحمه الله رغم علمه الواسع لم يحفظ لنا الرواة من تلاميذه إلا اثنين من الكبار:
الأول : نجله العلامة محمد أمين السويدي، الذي قال عنه الآلوسي: "كان عليه الرحمة في العلم إماما، وفي الفضل هماما، فشرح متن والده في العقائد السلفية، وسماه التوضيح التبيين، وهو كتاب جليل عليه في هذا اليوم التعويل، وقد ألفه في حياة والده.
الثاني: العلامة أبو الثناء الآلوسي صاحب التفسير، وقد كان ختنه وتلميذه، وانتفع به، وقرأ عليه واستفاد منه، وللأسف فإن المعلومات شحيحة عن هذا العالم المجدد الذي عاش في بغداد يوم أن كانت بعيدة عن النشاط العلمي والحركة العلمية.
على كل حال فالسيد السويدي من العلماء الصالحين، الداعين إلى الكتاب والسنة، وهو من المصلحين الذين كانوا قلة في ذلك الزمان مع قلة النصير والمعين والمشير.
وقد توفي عليه رحمة الله في عام 1237 للهجرة، عن عمر يناهز سبعا وستين سنة، ، ودفن في مقبرة في سفح جبل قاسيون. فرحمه الله رحمة واسعة.
ــــــــــــــــــــــــــــ