دستور مصر في عيون الصحافة الغربية

1 769

أخيرا أسدل الستار، وانتهت لجنة الخمسين من وضع مسودة الدستور المصري ليكون بديلا لدستور ثورة يناير ـ الذي صوت عليه الشعب بـ ـ"نعم" بقرابة الثلثين في عام 2012م. وتم تسليم مسودة الدستور الجديد للرئيس المؤقت ليتم الاستفتاء عليه في شهر يناير القادم.

وقد ثارت حول الدستور الجديد شكوك ولغط كثير، وتناولت الصحف ووسائل الإعلام العربية والغربية بعض مواد هذا الدستور بالنقد فماذا قالت صحف أمريكا وأوروبا وإسرائيل عن هذا الدستور؟

وول ستريت جورنال" الأمريكية:
نقلت صحيفة المصريون تقريرا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أشارت فيه إلى أن الدستور يحمل في طياته عودة لنظام مبارك البائد.

وقالت الصحيفة الأمريكية ـ عبر موقعها الإلكتروني ـ: إن هدف الدستور الجديد هو العودة لنظام حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، موضحة أن التعديلات التي أجريت على الدستور كانت متعمدة كي لا تثير حالة من الحنق بين الشعب المصري، في ظل مؤشرات مقلقة بشأن الحريات السياسية على رأسها التظاهرات والاحتجاجات.
واعتبرت الصحيفة أن حظر الدستور تكوين أي أحزاب سياسية على أساس ديني يشكل "ضربة قوية للإسلاميين"، وتقليص نفوذهم، مؤكدة أنه لم يحقق التغيير الثوري المعهود ورسم المسار لمستقبل مختلف جذريا عن الماضي، فهو "لن يقلل من عنف الشرطة".

فيما اختتمت الصحيفة تقريرها لافتة إلى أن حرية التعبير مع الدستور الجديد ستتم ممارستها "وفقا للقانون" مما يترك مجالا للحد بشدة من تلك الحقوق.

نيويورك تايمز الأمريكية:
وأما صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية فقد انتقدت في تقرير لها بشدة هذا الدستور، وقالت: إنه يمنح صلاحيات لمؤسسات سعت لإحباط عملية التغيير على مدى السنوات الأخيرة، وعلى رأسها الشرطة، التي وصفتها بـ "مصدر الانتهاكات الأول في البلاد".

وتابعت أن تزامن الإعلان عن الانتهاء من مسودة الدستور مع استخدام قوات الشرطة لعاصفة من قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات من الطلاب احتشدوا بميدان التحرير, يكشف مدى التناقض بين اللغة المثالية لتصريحات واضعي الدستور وبين واقع أكثر مرارة في مصر يقوم على "قمع الحريات" بالأساس .

وأضافت الصحيفة أن هذا الدستور لن يؤدي إلى التغيير الجوهري الذي تحتاجه مصر، قائلة: "من المفارقات، أنه في بيئة ثورية كهذه، ليس لديك دستور ثوري".

التايمز البريطانية
أما التايمز (the times) فقد نقلت بي بي سي في موقعها باللغة العربية تقريرا جاء فيه:
نشرت صحيفة التايمز تقريرا عن تطور الأوضاع في مصر وما جاء في الدستور الجديد الذي تم إقرار مسودته لعرضه على الاستفتاء الشعبي.

وقالت التايمز إن القوات المسلحة المصرية عمقت أمس تدخلها في الحياة المدنية بعدما منحت حق تعيين وزير الدفاع، وسلطة محاكمة المدنيين في محاكم عسكرية. وذكرت أن ناشطي الحريات المدنية نددوا باعتماد مواد مثيرة للجدل في الدستور الجديد.

وتضيف أن سلطة تعيين وزير الدفاع من شأنها تعزيز مكانة الفريق عبد الفتاح السيسي قائد القوات المسلحة، والحاكم الفعلي للبلاد منذ الانقلاب العسكري الذي عزل الرئيس، محمد مرسي في يوليو/تموز الماضي.

ونقلت الصحيفة عن الفريق عادل سليمان، المحلل السياسي، قوله "لقد نزعوا فعلا منصب وزير الدفاع من سلطة رئيس الجمهورية ومن سلطة الشعب".

وتابعت التايمز تقول إن الجيش احتفظ لنفسه بسلطة محاكمة المدنيين "في جرائم أو اعتداءات على أعضائه، وأن نحو 1200 مدني حوكموا عسكريا منذ إسقاط حسني مبارك من السلطة عام 2011. كما أن ميزانية الجيش ستبقى سرية، مع العلم أن القوات المسلحة تسيطر على 40 في المئة من الاقتصاد المصري.

فاينانشيال تايمز
وقالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن الدستور الجديد سيحافظ على امتيازات المؤسسة العسكرية بعيدا عن الرقابة المدنية، وسيمنح الجيش القول الفصل فيما يتعلق بتعيين وزير الدفاع، بالإضافة إلى تمييعه الكثير من الأحكام الدينية التي اشتمل عليها الدستور السابق الذي هيمن على صياغته جماعة "الإخوان المسلمين".

وأوضحت الصحيفة أن المسودة الجديدة كسابقاتها تحمي مصالح الهيئات ولا تحمي حقوق المواطن المدني، ناهيك عن تخفيف المواد التي تحمل مرجعية دينية، فلم يعد هناك أي دور لرجال الدين لتقرير ما إذا كانت التشريعات تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية أم لا، منتقدة إقصاء الجمعية التأسيسية للإخوان المسلمون من عضوية لجنة الخمسين وقصر التمثيل الإسلامي على ممثل واحد من حزب النور فقط.

"جيروزاليم بوست" الإسرائيلية
وأما صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية، فقد نقلت صحيفة التغيير وشبكة المخلص ومواقع أخرى، أنها نشرت يوم الثلاثاء الماضي (3 ديسمبر2013) في تقرير لها أعده "آريل بن سولمون" تحت عنوان "مسودة الدستور الجديد تعزز النظام العسكري في السلطة" وجاء في هذا التقرير:
" انتهت لجنة الدستور من المسودة النهائية الأحد الماضي، وتمت إحالته بشكل سريع إلى الرئيس المؤقت عدلي منصور أمس الثلاثاء، والمتوقع أن يوافق عليه ويدعو إلى الاستفتاء في يناير". وقالت: " الدستور يبدو أنه يتناسب بشكل جيد نسبيا مع المصالح الغربية والإسرائيلية في رؤية القمع المستمر ضد الإسلاميين، والتركيز الأقل على الإسلام".

ومضت الصحيفة تقول: "وفقا للمسودة الجديدة، فإن المدنيين يمكن محاكمتهم أمام محاكم عسكرية في جرائم تتعلق بالجيش مثل الاعتداءات المباشرة على مرافق ومعسكرات ومناطق وحدود الجيش، أو أي معدات أو آليات عسكرية".

وتابعت: "الدستور الجديد سوف يستمر في تبرير قمع الجيش للإسلاميين وباقي الجماعات الإسلامية المعارضة للنظام الحالي، وقد يتم استخدامه في حظر الاحتجاجات التي لا يرغب فيها الجيش". وأضاف الكاتب: "من هنا، فنحن نشهد إعادة ظهور لنظام يقوده الجيش مثلما كان في الماضي".

ومضى التقرير يقول: "بالنسبة لإسرائيل والغرب، يبدو الدستور يناسب بشكل جيد نسبيا مصالح الغرب وإسرائيل، في استمرار القمع ضد الإسلاميين، والتركيز الأقل على الإسلام".

ونقلت الصحيفة عن البروفيسور "يورام ميتال" رئيس مركز "حاييم هرتسوغ" لدراسات الشرق الأوسط والدبلوماسية في جامعة بن جوريون قوله: "بدلا من أن يخدم الدستور في تكريس الشمولية، قام بتكريس سياسة الإقصاء، لذا فهو يفتقد المكونات الضرورية للحد من النزاع العميق داخل المجتمع المصري".

وأضاف ميتال: " الانتخابات القادمة قد تكرس الصراع بين الأطراف المتصارعة، وبالرغم من الكلام البلاغي من مؤيدي الدستور الجديد إلا أن طريق مصر نحو الاستقرار يبدو صعبا وطويلا".

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة