- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:سنن نبوية مهجورة
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب، إلا قال الملك: ولك بمثل) رواه مسلم، وفي رواية له عن أبي الدرداء مرفوعا: (من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل).
يتميز سلوك المسلم عن غيره بأنه يحب الخير لإخوانه المسلمين كما يحبه لنفسه، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وقد عززت شريعتنا الغراء هذا المسلك بفضيلة: (الدعاء بظهر الغيب)، أي الدعاء للغير وهو غائب غير حاضر.
هذه الصورة الرائعة التي يشجعنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدعاء للمسلمين، تتضمن وعدا بأن الخير الذي ستدعو به لن يصل إلى المدعو له فقط، وإنما سيناله الداعي كذلك؛ لأن الله الذي أرسل الملك ليقول: "آمين"، أرسله وهو يريد الإجابة، كما أن الملك يقول بيقين: "ولك بمثل"، وهذا أمر لا يمكن أن يقطع به الملك بمفرده، إنما أخبره الله سبحانه وتعالى بتحقق الإجابة، فصار أداء هذه السنة الجميلة نافعا للطرفين: الداعي والمدعو له.
بل أكدت الصحابية الجليلة أم الدرداء رضي الله عنها لزوج ابنتها الدرداء -وهو عبد الله بن صفوان- أن هذه الدعوة مستجابة، فعن عبد الله بن صفوان رضي الله عنه قال: قدمت الشام، فأتيت أبا الدرداء رضي الله عنه في منزله، فلم أجده ووجدت أم الدرداء رضي الله عنها، فقالت: أتريد الحج هذا العام؟ فقلت: نعم. قالت: فادع الله لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل) رواه مسلم.
قال الإمام النووي: "وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة؛ لأنها تستجاب، ويحصل له مثلها".
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: لما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نفس، قلت: يا رسول الله، ادع الله لي، قال: (اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر، وما أسرت وما أعلنت)، فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الضحك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيسرك دعائي؟)، فقلت: وما لي لا يسرني دعاؤك، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنه لدعائي لأمتي في كل صلاة) رواه ابن حبان في "صحيحه" وحسنه الألباني.
فلنطبق هذه السنة الرائعة، ونراجع سجل إخواننا وأصدقائنا، ولندع لكل واحد منهم بما نتوقع أنه يحتاجه، وسيستجيب الله عز وجل لدعائنا؛ فيخرج إخواننا من أزماتهم، ويتحقق لنا من الخير مثل الذي دعونا به لهم.