- اسم الكاتب:إسلام ويب
- التصنيف:سنن نبوية مهجورة
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني: (إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه، ثم انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف) رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة) رواه البخاري.
فرسن الشاة: هو ما دون الرسغ من يدها، وقيل: هو عظم قليل اللحم، والمقصود المبالغة في الحث على الإهداء.
يحث ديننا الحنيف أتباعه على التلاحم والترابط والشعور بالآخرين؛ لذلك كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يوصي بالجيران دائما، فهم أقرب الناس إلينا، وأكثرهم ملاصقة لنا، ولو فقدنا الاهتمام بهم فسيكون ذلك مقدمة لفقد الاهتمام بكل المسلمين.
وإذا تأملنا الحديثين فسنجد الأول منهما موجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرجل، والثاني هو نصيحة خاصة للمرأة المسلمة، حتى يقوم كل منهما -الرجل والمرأة- بتلك السنة، ويبادر إليها، ويحرص على تطبيقها.
وقد أكثر جبريل عليه السلام من التأكيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الجار، وما ذاك إلا لعظم حقه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه) رواه البخاري.
ولذا فإن إهداء الطعام للجار نوع من تطبيق الوصية بالإحسان إليه، وإدخال للسرور إلى قلبه، وإزكاء لروح المحبة والمودة، وتقوية لأواصر الروابط الاجتماعية.
وليس المقصود من هذه السنة صناعة طعام خاص للجيران، حتى لا يتكلف المرء ما لا يطيق، ولكن المراد إهداؤهم من الطعام الذي تأكله الأسرة، ويكون ذلك بزيادة كمية الطعام قليلا حتى يمكن إهداء الجيران منه.
ومما يتعلق بذلك أيضا: صناعة الطعام للجيران إذا حصلت عندهم وفاة، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم حين قتل جعفر: (اصنعوا لآل جعفر طعاما، فإنه قد أتاهم أمر شغلهم) رواه أبو داود بإسناد صحيح، قال الإمام الشافعي: "وأحب لجيران الميت أو ذي القرابة أن يعملوا لأهل الميت في يوم يموت وليلته طعاما يشبعهم، فإن ذلك سنة، وذكر كريم، وهو من فعل أهل الخير قبلنا وبعدنا".
فلنحرص على هذه السنة الجليلة التي تنشر المحبة والود في أركان المجتمع، مع رعاية عدم التكلف في الطعام بإرسال كمية كبيرة، قد يعجز الجار عن المبادلة بمثلها، أو يكون ذلك مانعا لنا من المحافظة على هذه السنة الاجتماعية التي تؤلف بين قلوب المسلمين، وتزرع المودة والتعاطف بينهم.