- اسم الكاتب:د / سلمان العودة
- التصنيف:أحوال القلوب
- حب الحياة فطرة ، والمؤمن يكره الموت غالبا، وفي الحديث القدسي: ..المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته (أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كلنا نكره الموت (أخرجه البخاري، ومسلم).
ولكن يجب أن يكون حب الله ورسوله أقوى وأشد..
- من حب الحياة الإحسان إلى الأبناء.
وكما قيل:
لقد زاد الحياة إلي حبا *** بناتي إنهن من الضعاف
مخافة أن يذقن الفقر بعدي *** وأن يشربن رنقا غير صاف
الإحسان إلى الوالدين، وهما أوسط أبواب الجنة.
الإحسان إلى الزوجة، وبناء الأسرة الصالحة.
الإحسان إلى الضعفاء والمساكين والمرضى والغرباء والمعوزين.. وما أكثرهم في العالم، وفي العالم المسلم خاصة!
- إن الزواج استجابة لغريزة فطرية، ولكنك ترضي ربك، وتقتدي برسولك صلى الله عليه وسلم، وتنفع مسلمة، وتفيد صاحب البيت الذي تستأجره، وصاحب البقالة التي إلى جوارك، وتعزز العائلة التي صاهرتها، وتتيح عملا لسائق أو خادمة في أحيان كثيرة، وتنفع صاحب السيارة، وتتدرب على تحمل المسؤوليات، وقد تنجب ذرية، تكون ذكرا لك في الأرض، ورفعة لك في السماء.
- إن الرفض المطلق للحياة ومشاريعها لا يصنع شيئا، والمشاركة هي الأفضل والأبقى والأتقى.
والله تعالى جعل الليل والنهار خلفة لـمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا.
فكم في الحياة من فرص التعبد والاقتراب من الله، ومناجاته، وإشباع العقل والقلب والروح بذكره، وتسبيحه، وتلاوة كتابه، والتدرب على القيام، والصلاة، والاستحضار والخشوع، وهذه مقامات جليلة، يرفع الله بها عباده المصطفين الأخيار، ولذا أحبوا الحياة من أجل صف الأقدام بين يدي الملك العلام في جنح الظلام، ومن أجل ظمأ الهواجر في اليوم الصائف، بعيد ما بين الطرفين، ومن أجل بذل المعروف والندى، وكف الأذى، وتدارك النفس من آفاتها وعيوبها الباطنة قبل الظاهرة.
- طول الحياة يسمح لك بتجديد النية، وتصحيح المقصد، وقد يغلب على الشاب حب الظهور، أو الاستعجال، أو الإعجاب بالنفس، أو ما سوى ذلك من الشهوات الخفية، وكم من قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته، وإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.
وكان بعض السلف يقول: طلبنا العلم لغير الله، فأبى إلا أن يكون لله.
أن يمهلك الله حتى تسدد، وتقارب، وتحاول، وتتسع تجربتك، وتعطي الأشياء مقدارها، دون غلو أو اجحاف، وتصحح نواياك ومقاصدك التي يراها الله ولا يراها الناس؛ فهو من فضل الله عليك.
- بينما جهاد الإحسان إلى الناس لا يفتقر إلى نية، كما ذكر أهل العلم، أن تغيث ذا الحاجة الملهوف، أو تعين صانعا، أو تصنع لأخرق، أو تسقي أخاك من مائك، أو تميط شوكا عن طريق الناس.. فذلك كله من الخير الممدوح عند الله، حتى لو لم تحضرك فيه نية، وما ذلك إلا تسهيلا لفعله، وتحفيزا إليه دون تردد.
- التوازن إذا بين صناعة الموت في ميدانها وبشرطها ونيتها، وهي الاستثناء الذي لابد منه لحفظ الأمة وديانتها وحياتها، وبين صناعة الحياة التي هي المشروع الأصل الذي نضحي من أجله ونحميه، فتلك قضية تربوية وأخلاقية، يجب أن يقف عندها الشاب المخلص لنفسه ولأمته طويلا، قبل أن يتخذ قرار وجهته!
- الأب الحاني، والصديق الوفي، والأستاذ المشفق، والخطيب الموفق، كلهم عون على بناء الحياة، وتجنب المغامرات غير المحسوبة، التي قد يندفع إليها شاب لم تكتمل خبرته، ولم تنضج تجربته، ولا زال في مدارج الحياة الأولى، وربما سبقت إليه فكرة، فتشبع بها، ولم ير غيرها، حتى لم يعد في عقله وقلبه متسع إلا لمشروعه الوحيد، الذي يظنه قضاء على كل المشكلات، وحلا لكل المعضلات.
ولو أنه أقبل على برامج الحياة الإيجابية، وتلمس مقعده منها؛ لوجد من وراء ذلك خيرا كثيرا، والموفق من وفقه الله، والله يحول بين المرء وقلبه، وإليه المصير.