عليك بالصوم فإنه لا عِدل له

0 1690

عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! مرني بأمر آخذه عنك، ينفعني الله به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليك بالصوم، فإنه لا مثل له)، وفي رواية: (لا عدل له) رواه أحمد والنسائي والبيهقي بإسناد صحيح.

يقول رجاء بن حيوة - راوي الحديث عن أبي أمامة -: "فما رؤي أبو أمامة ولا امرأته ولا خادمه إلا صياما، وكان أبو أمامة لا يرى في بيته الدخان نهارا، إلا إذا نزل بهم ضيف، فإذا رأوا الدخان نهارا، عرفوا أنه قد اعتراهم ضيف".

في رحاب الحديث

يحث هذا الحديث العظيم على الإكثار من الصيام؛ إذ لا يعادل ثوابه بشيء من الأعمال الصالحة كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.

كما أنه لا ‌مثل له في إصلا‌ح القلوب وزكاة النفوس، ولا‌ مثل له في الانتصار على شياطين الجن والإ‌نس، ولا مثل له في رفع الدرجات وتكفير السيئات، ولا ‌مثل له في وجود الرحمة بين المسلمين والشعور بهم، ولا‌ مثل له في تربية النفوس وإصلا‌ح المجتمعات والتساوي بين الناس، ولا‌ مثل له في إصلا‌ح الأ‌بدان وحفظ عافيتها وبقاء صحتها، إلى غير ذلك مما تضمنه هذ الحديث العظيم.

يقول الإمام المناوي في فيض القدير تدليلا على ذلك: "إذ هو يقوي القلب والفطنة، ويزيد في الذكاء ومكارم الأخلاق، وإذا صام المرء اعتاد قلة الأكل والشرب، وانقمعت شهواته، وانقلعت مواد الذنوب من أصلها، ودخل في الخير من كل وجه، وأحاطت به الحسنات من كل جهة".

ويقول الإمام السندي في حاشيته على سنن النسائي: "فإنه لا مثل له في كسر الشهوة، ودفع النفس الأمارة والشيطان، أو لا مثل له في كثرة الثواب...، ويحتمل أن يكون المراد بالصوم كف النفس عما لا يليق، وهو التقوى كلها، وقد قال الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}(الحجرات:13)".

وقد سطر الصحابة الأجلاء والتابعون الكرام نماذج رائعة في الاستفادة من مدرسة الصوم، يقول أبو المتوكل: "كان أبو هريرة وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد"، وعن الشعبي قال: "قال عمر: ليس الصيام من الطعام والشراب وحده، ولكنه من الكذب والباطل واللغو والحلف"، وعن كثير بن هشام عن جعفر قال: "سمعت ميمونا يقول: إن أهون الصوم ترك الطعام والشراب"، وعن الشعبي عن علي قال: "إن الصيام ليس من الطعام والشراب، ولكن من الكذب والباطل واللغو"، وعن مجاهد قال: "خصلتان من حفظهما سلم له صومه: الغيبة والكذب".

فلنجاهد أنفسنا على الصيام، وليكن صيامنا كما كان صيام سلف هذه الأمة ، حتى ننال من الصيام ما نالوه منه، وحتى يمن الله علينا، فنكون من الذين يدخلون الجنة من باب "الريان".

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة