قالوا : ما جرّبنا عليك إلا صدقا

0 1436

من المعلوم أن مدعي النبوة إما أن يكون من أفضل الناس أو من أسوأهم ، وبالطبع لا يمكن للمرء أن يخطئ في التمييز بينهما . فإن كان مدعي النبوة صادقا فهو خير الناس ظاهرا وباطنا وأكملهم وأحسنهم سيرة وخصالا ، وهذا سيكون ظاهرا بينا لمن يعرفه ويخالطه ويتعامل معه . أما إن كان كاذبا مدعيا فسوف يكون أخبث الناس ظاهرا وباطنا ، لأن الكذب على الله هو أحط وأحقر مستويات الكذب ، وهذا سيكون ظاهرا بينا لمن يعرفه ويخالطه ويتعامل معه .

هذا الفرق الشاسع بين الشخصيتين أكبر من أن يخطئه الشخص العادي ، فضلا عن الأذكياء والنبهاء . فرق شاسع فعلا !

كيف يمكن لشخص ما أن يعجز عن التمييز بين الصادق الأمين الذي بلغ أعلى درجات الصدق والكذاب الأشر الذي بلغ أحط دركات الكذب والخداع ؟! من العسير ألا يميز المرء بين هذين النقيضين ؛ فإن سلوكيات وخصال أي شخص تجعل المخالطين له على دراية كبيرة بكونه صادقا أم كاذبا ، فهذا يظهر في أفعاله وأقواله وعاداته خصوصا مع طول المعاشرة وكثرة المخالطة . فإن كان المرء صادقا على طول الخط ، فهذا يظهر لمن حوله ومن يعامله ، وإن كان يكذب أحيانا فهذا يكتشفه الناس أيضا ، فأنت تستطيع خداع الناس بعض الوقت لكن لا تستطيع خداعهم كل الوقت وعلى طول الخط إلى الأبد . وهذا أمر نجربه ونعاينه في حياتنا اليومية فنعرف الصادق من الكاذب ونميز بينهما خصوصا مع طول الملازمة وكثرة المعاملات . فإذا جئت تسأل عن شخص ما في محيط اجتماعي معين ، فسوف يخبرك الملازمون والمخالطون له هل هو متصف بالصدق أم لا ، وهذا أمر ظاهر معتاد في خبرتنا البشرية العادية ، فإذا تقدم شخص ما للزواج من ابنتك مثلا ، فإنك تسعى للسؤال عنه بين المخالطين والمتعاملين معه والمحيطين به لأن المتوقع أن يكون حكمهم عليه وعلى أخلاقه وتصرفاته هو الأقرب للصحة والصواب ، فإن الملاصقين لشخص ما تكون لهم المقدرة دوما على أن يحددوا إن كان هذا الشخص يكذب أم لا خصوصا في الأمور الجليلة العظيمة .

فإذا نظرنا في سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وجدنا أن أكثر الناس قربا منه ومخالطة وملازمة كانوا أشدهم إيمانا وتصديقا ويقينا بنبوته ، وأبرز الأمثلة هي أبو بكر رضي الله عنه وخديجة رضي الله عنها ، فضلا عن أن الكفار الذين لم يؤمنوا به ولم يتبعوه لم ينكروا صدقه وعدم جريان الكذب على لسانه ، ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} (الشعراء: 214)، صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي - لبطون قريش - حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج، أرسل رسولا لينظر ما هو، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (أريتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟).
قالوا: نعم؛ ما جربنا عليك إلا صدقا .

وفي رواية: "ما جربنا عليك كذبا" .

قال : (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) ، قال أبو لهب : تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا! ثم قام ، فنزلت سورة: تبت يدا أبي لهب وتب .1

الشاهد من هذا الحديث هو قولهم "ما جربنا عليك إلا صدقا" ، وفي بعض الروايات "ما جربنا عليك كذبا" ، فهذا يعني أن صدقه صلى الله عليه وسلم كان أمرا واضحا بينا ذائعا بين قومه ، ولا يبلغ المرء هذه السمعة الطيبة والسيرة الحسنة إلا أن يكون فعلا صادقا أمينا في باطنه كما هو ظاهره . ومما يعضد هذا الأمر أن هذا التصريح الجماعي العلني بصدق محمد صلى الله عليه وسلم وعدم ورود الكذب عليه لم يقابله اعتراض واحد ، فهو إجماع ليس له معارض ، ثم إنهم عندما عرفوا سبب دعوته إياهم كفروا به في دعوى النبوة لكنهم لم يكذبوه ، في الحقيقة هم وجدوا أنه من الأقرب منطقيا أن يشتموه عن أن يصفوه بالكذب .

دعونا نتخيل هذا الوضع ؛ محمد صلى الله عليه وسلم ولد وكبر ونشأ وعاش وتزوج قبل الوحي وسط هؤلاء الناس وبين أظهرهم أربعين عاما ، لذا فهم أفضل حكم على صفاته خصوصا الصدق ، فرغم أن كثيرا منهم كفروا بالوحي الذي أنزل عليه ورفضوا اتباعه إلا أنهم كانوا متفقين أنهم لم يجربوا عليه كذبا قط .

اعتراض ورده :
هنا قد ينشأ اعتراض مفاده أنك إن كنت تقبل بشهادة الكفار في صالح محمد فيلزمك في نفس الوقت أن تقبل شهادتهم في حق رسالته ونبوته وعدم تصديقه وتكذيب ما جاء به .

لكن هذا في حقيقة الأمر اعتراض بالمتشابه على المحكم ؛ فالمؤمن والمكذب كلاهما متفق على أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يصدر منه إلا الصدق ولم يجربوا عليه كذبا قط ، فهذا قدر محكم . لكن الطرفان اختلفا في إخباره بالوحي والنبوة ، فبينما اتسق منطق المؤمن به وقع المكذب في التناقض الجلي الواضح ، فهو يعترف بأن محمدا صادق لا يكذب ثم هو يكذبه – بلا برهان ولا بينة – في أمر الوحي والرسالة .

هذا الموقف المتناقض من الكفار هو الذي أدي بهم في نهاية المطاف لاستحقاق سخط الله ومقته وغضبه عليه ، لقد علموا صدقه وأمانته ورغم هذا كذبوه وعارضوه وحاربوا دعوته ، قال تعالى: { فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} (الأنعام : 33) ، وهذا الموقف غير المنطقي وغير العقلاني هو ما نحذر منه فإنه ليس بإمكانك تكذيب أي شخص دون دليل ، فكيف بمن لم يجرب الناس عليه كذبا قط ؟!

حجة أخرى :
إذا تأملنا هذا الحديث سنجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع جميع أهل مكة أمامه ثم سألهم سؤالا ليمتحن به مدى مصداقيته لديهم فقال (أريتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟) فكانت إجابتهم بالإيجاب ، وليس أي إيجاب بل شهادة معتمدة موثقة بإجماع الكل بأن محمد لم يصدر منه في حياته إلا الصدق . فهو سألهم في مسألة غيبية لم يشاهدها أو يعاينها أحدهم إن كانوا سيصدقونه ، فلما كانت إجابتهم بأن مصداقيته في أعلى المراتب أخبرهم بالأمر الغيبي الذي يطلب منهم تصديقه،حينها لم يمكنهم أن يتراجعوا عن شهادتهم بل ما كان منهم أنهم شتموه وقالوا "تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا" ، وهذا يظهر أن صدقه كان أمرا متفقا عليه بين الجميع بشكل لا يجرؤ أحدهم على إنكاره .

فهذا أمر غيبي أبدوا استعدادهم لتصديقه بلا تردد ، وهذا أمر غيبي آخر كذبوه وأعرضوا عنه! والعقل يقضي بأنه إذا تطابق خبران في جميع الوجوه فإن قبولك أحدهما يقتضي قبولك الآخر ، وإلا وقعت في التناقض الجلي المتهافت ، فإن التسوية بين المتماثلين من خصائص العقل السليم .

لهذا نقول إنه رغم علم أهل قريش بصدقه صلى الله عليه وسلم إلا أنهم كذبوه في الرسالة وكفروا بنبوته مما يظهر تناقضهم وعدم اتساقهم ، ولأجل هذا عاقبهم الله بالذل والصغار في الدنيا وفي الآخرة .

يقول ابن كثير رحمه الله تعالى : قوله {فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} أي: لا يتهمونك بالكذب في نفس الأمر ، {ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} أي: ولكنهم يعاندون الحق ويدفعونه بصدورهم)2 .

وجود هؤلاء الذين يجحدون النبوة ويكفرون بالأنبياء لا ينقص من مصداقيتهم ، بل يقدم لنا دلالة واضحة على أن الرغبات الدنيوية والتعصب واتباع الهوى يؤدون بالمرء إلى إنكار الشمس في رابعة النهار، يحكي الطبري رحمه الله في التفسير : حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب: أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لا نكذبك، ولكن نكذب الذي جئت به! فأنـزل الله تعالى ذكره : {فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون}3

ويحكي أيضا : حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط: عن السدي في قوله: {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} ، لما كان يوم بدر قال الأخنس بن شريق لبني زهرة: يا بني زهرة، إن محمدا ابن أختكم، فأنتم أحق من كف عنه، فإنه إن كان نبيا لم تقاتلوه اليوم، وإن كان كاذبا كنتم أحق من كف عن ابن أخته! قفوا ههنا حتى ألقى أبا الحكم فإن غلب محمد رجعتم سالمين، وإن غلب محمد فإن قومكم لا يصنعون بكم شيئا = فيومئذ سمي" الأخنس "، وكان اسمه " أبي" . فالتقى الأخنس وأبو جهل، فخلا الأخنس بأبي جهل، فقال: يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد، أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس ههنا من قريش أحد غيري وغيرك يسمع كلامنا! فقال أبو جهل: ويحك، والله إن محمدا لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والحجابة والسقاية والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟ فذلك قوله: {فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} ، فآيات الله محمد صلى الله عليه وسلم .)4

هذا يوضح أن الأهواء والتعصب للقبيلة كانت هي السبب خلف رفض كفار قريش رسالة محمد صلى الله عليه وسلم كما يروي ابن كثير في تفسيره :  في قصة أبي جهل حين جاء يستمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، هو وأبو سفيان صخر بن حرب، والأخنس بن شريق، ولا يشعر واحد منهم بالآخر. فاستمعوها إلى الصباح، فلما هجم الصبح تفرقوا، فجمعتهم الطريق، فقال كل منهم للآخر: ما جاء بك؟ فذكر له ما جاء له (5) ثم تعاهدوا ألا يعودوا، لما يخافون من علم شباب قريش بهم، لئلا يفتتنوا (6) بمجيئهم فلما كانت الليلة الثانية جاء كل منهم ظنا أن صاحبيه لا يجيئان، لما تقدم من العهود، فلما أجمعوا (7) جمعتهم الطريق، فتلاوموا، ثم تعاهدوا ألا يعودوا. فلما كانت الليلة الثالثة جاؤوا أيضا، فلما أصبحوا تعاهدوا ألا يعودوا لمثلها [ثم تفرقوا] (8)

فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه، ثم خرج حتى أتى أبا سفيان بن حرب في بيته، فقال: أخبرني (9) يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال: يا أبا ثعلبة، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها. قال الأخنس: وأنا والذي حلفت به.

ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل، فدخل عليه في بيته فقال: يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال: ماذا سمعت؟ تنازعنا (10) نحن وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء! فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه، قال: فقام عنه الأخنس وتركه.5 .

يعرف الناس صدق المرء دون الحاجة لظهور المعجزات على يديه ، فقط لما يعلمونه من صدقه وعدم كذبه ، فموسى عليه السلام عندما جاء إلى مصر وأخبر أخاه هارون وسائر بني إسرائيل أن الله أوحى إليه عرفوا صدقه ولم يكذبوه دون ان يقدم لهم أي معجزات . هم صدقوه لما يعلمونه عنه من الصدق والأمانة والأخلاق .

كذلك عندما أخبر محمد صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة عن الوحي فآمنت به على الفور ، ونفس الأمر وقع لأبي بكر وزيد بن حارثة وغيرهم لأنهم عرفوا صدقه في خبر الوحي لما عرفوه من صدقه وأمانته . وهؤلاء هم أقرب الناس لمحمد وأكثر ملازمة وملاصقة واحتكاكا به في المعاملات .

أما هؤلاء الذين كذبوا به فهم إما يجهلون صدقه وأمانته أو يجحدون الحق اتباعا للهوى ، فالنخبة القرشية كفرت به حفاظا على مكانتها وزعامتها ، وأتباعهم كفروا طاعة لهؤلاء الزعماء ، فهذا التكذيب ليس اتباعا لدليل أو بناء على برهان إنما كان جحودا وتعصبا وإنكارا للحق كما يحكي ابن كثير رحمه الله عن أبي يزيد المدني أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي أبا جهل فصافحه. فقال له رجل: ألا أراك تصافح هذا الصابئ. فقال: والله إني لأعلم أنه لنبي، ولكن متى كنا لبني عبد مناف تبعا؟6

قياس الأولى :
بل إنه بعد سنوات عديدة من بدء دعوته صلى الله عليه وسلم لم يتراجعوا عن الشهادة بالصدق في حقه ، فها هو أبو سفيان عندما سأله هرقل عن النبي الذي خرج فيهم هل يتهمونه بالكذب ، فقال سفيان : لا ، وكان هذا قبل إسلام أبي سفيان . تعليق هرقل هنا يستحق التوقف عنده ؛ قال : ما كان ليدع الكذب على الناس ، ويذهب فيكذب على الله7 ، وهذا من قياس الأولى الذي هو أحد القياسات العقلية التي يستعملها العقلاء في كل زمان ومكان ، وله حضور بارز في القرآن الكريم8 . فإنه إن كان "زيد" قادرا على حمل وزن مقداره خمسة كيلوجرامات ، فبالأولى هو قادر على حمل وزن مقداره كيلو جراما واحدا ، لأن من يقدر على حمل خمسة كيلوجرامات لا يعجزه حمل كيلوجراما واحدا ، وهذا بقياس الأولى .

هنا نجد أن هرقل قام باستخدام قياس الأولى كدليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال إنه ما كان ليدع الكذب على الناس ويذهب فيكذب على الله عز وجل ، وهذا حق ، فالمرء الذي ينأى بنفسه عن الكذب على الناس في أمور الدنيا من الأولى ألا يكذب على الله جل وعلا . فإنه إن كان الكذب ليس من طباعه ، بل لم يجرب الناس عليه كذبا قط ، وهو ينأى بنفسه عن الكذب على الناس ، فإن الكذب على الله أولى بأن ينأى عنه ويكون أبعد الناس عنه .

الخلاصة :
نحن – المسلمين – نشهد أن محمدا رسول الله الذي أوحى إليه وأرسله إلينا بالحق ، ونحن نشهد بهذا لأنه كان إنسانا صادقا لم يسبق له أن كذب مرة واحدة سواء في الجاهلية أو في الإسلام . وهذا يؤدي بنا إلى تصديقه ابتداء ، فضلا عن حقيقة أنه كان يدعو إلى نفس ما كان يدعو إليه كل الرسل والأنبياء من قبله ، كما أن الله قد أيده بالنصر والتمكين في الدنيا كما أخبر ، وغيرها من الأدلة والبراهين على صحة نبوته وصدق رسالته صلى الله عليه وسلم .

نحن نطالب من يكذب النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتينا بدليل على أنه كذب كذبة واحدة ، لأن أي دعوى لابد أن تقوم على دليل . فمجرد الزعم بأن محمدا ليس نبيا من عند الله حقا لا يقوم وحده بدون برهان ، بل يستلزم الإتيان بالدليل والبرهان عليه في مقابل الأدلة والبراهين المتكاثرة على خلافه .

فإذا سألتنا مثلا عن دليل صدقه ، قلنا لم إنه لم يكذب قط سواء قبل الوحي أو بعده . فإذا سألتنا عن الدليل على أنه لم يكذب قط ، قلنا إنه لم تنقل عنه كذبة واحدة في حياته رغم أن أعداءه كانوا يملكون الدافع لنقل أي كذبة عنه لمناوأته والتشهير به ، لكن هذا لم يحدث أبدا . فإنك إن جادلت بأن المؤمنين به لم ينقلوا عنه أي كذبة لأجل تحيزهم له وتعاطفهم معه ، فماذا عن أعدائه والكافرين به ؟ لماذا لم ينقلوا عنه ولو كذبة واحدة ؟ بل على العكس فإنهم صرحوا في أكثر من مناسبة أنه هو الصادق الأمين الذي لا يقول إلا صدقا ولم يجربوا عليه كذبا قط .

إذن لماذا لم ينقلوا عنه ولو كذبة واحدة ؟ الجواب هو أنه فعلا لم يكذب ولو كذبة واحدة . وهنا يلزمك الإيمان به والتصديق بنبوته واتباعه فيما أوحي إليه اتباعا منك للدليل والبرهان ، وإلا فما هي حجتك أمام ربك إن كفرت به وكذبته ؟
وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .

هوامش المقال
1- صحيح البخاري ، حديث رقم 4770 ورقم 4971
2- تفسير ابن كثير ج 6 ص 26
3- تفسير الطبري ج 11 ص 13193
4- المرجع السابق
5- تفسير ابن كثير ج 6 ص 27-28
6- تفسير ابن كثير ج6 ص 27
7- صحيح البخاري ، حديث رقم 4553 عن أبي سفيان
8- يوظف القرآن هذا القياس في الرد على منكري البعث بأن الله الذي خلق الإنسان من عدم أولى بالقدرة على بعثه بعد موته لأن الخلق الأول أصعب من إعادة الخلق ، وهذا بقياس الأولى ، انظر سورة يس : 78-79 وسورة الروم : 27 .

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة